العراق بين جهل الحلول ومستقبل مهول

العراق بين جهل الحلول ومستقبل مهول
آخر تحديث:

محمد جابر

يحكى أن سجينا محكوم عليه بالإعدام، و كان يوم الغد يوم تنفيذ الحكم… في المساء جاء عنده الملك و قال له: إن في زنزانتك سبيل للهرب ابحث عنه، فان وجدته اهرب و سيسقط عنك الحكم، فرح السجين لأنه رأى بصيص أمل يلوح لنجاته، و تحمس للبحث عن هذا المنفذ، فبحث عن نوافد أو أنفاق وأمضى ساعات وساعات في الحفر والبحث ولم يستسلم، يحفر ويحفر و يحفر علَّه يجد منفذا، يجول و يجول في زنزانته علَّه يجد نافذة أو منفذاً للهروب إلى أن طلع الصباح ولم يجد المخرج….،حان وقت تنفيذ الحكم و إذا بالملك عنده وقال: هل وجدت المخرج؟، رد السجين: لا، فقال له الملك: إن باب الزنزانة كان مفتوحا طول الليل غير انك لم تنتبه هيا سر لينفذ بك الحكم….و انتهت القصة

العبرة: لو قرر الناس أن يغيروا من واقعهم المتردي غالبا ما يبحثون عن أصعب الطرق، لاعتقادهم أن فيها حلاً لمشاكلهم ، في حين أن الحلول قد تكون أمام أعينهم ولا يفكرون فيها ولا ينتبهون لها….

هذه القصة فيها الكثير من التطابق النسبي على الواقع العراقي، فالعراق ومنذ الاحتلال وما رشح عنه، تحول إلى سجن حُرِم فيه العراقيون من ابسط حقوقهم وتعرضوا وعانوا فيه من المآسي ما لم يسبق لها نظير، في ظل غياب الرؤية الثاقبة والتشخيص الدقيق للمشكلة وبالتالي عدم التوصل إلى الحلول الناجعة فضلا عن عدم توفر الإرادة الحقيقة للنهوض بالواقع المتردي، وفي المقابل تغييب وإقصاء الحلول التي طُرحت من قبل الأصوات الوطنية من ذوي الاختصاص والمهنية، الذين لا يخلو منهم العراق الولاد، وقد نادى بهذه الحقيقة الصوت الوطني يوم قال: هذه الحقيقة فهل عقمن النساء العراقيات الطاهرات .. وهل خلي العراق من الوطنيين الأمناء الصادقين العاملين المثابرين من النخب العلماء والخبراء والمستشارين القضاة والمهندسين والأطباء وأساتذة الجامعات والمحامين والقانونيين والأدباء والإعلاميين والمعلمين والمدرسين وكل الأكاديميين والكفاءات الوطنيين الأحرار ..

والآن وبعد هذه السنين العجاف وما يلوح في الآفاق من مستقبل أكثر سوأ، فيما لو بقي الوضع على ما هو عليه، ألا ينبغي أن لا نكون مثل ذلك السجين الذي اتعب نفسه في البحث عن مخرج، فيكفي أن ندور في حلقات مفرغة من أي حلول، فالحلول الناجعة التي كان قد طرحها الوطنيون المهنيون، هي كالباب الذي تركه الملك مفتوحا لذلك السجين للخروج، وهي لازالت مفتوحة على مصراعيها تنتظر من يلتفت إليها للخروج إلى بر الخلاص والنجاة فهل يلتفت العراقيون إلى تلك الباب خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن التجربة والواقع اثبت بدرجة لا يشوبها الشك فشل العقلية التي تصدرت المشهد في معالجة الأمور…

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *