شاكر الجبوري
تختلف القراءات الاستراتيجية لمستقبل العراق الجديد بعيدا عن الخارطة الجغرافية التي ستحافظ على شكلها الخارجي مع تغيير كبير في مراكز النفوذ على الأرض، ليس من باب المصالح فحسب بل لأن ” الموجبات يسقطن التعهدات” كما يقولون، فدخول ايران بشكل مباشر على خط المواجهة من ديالى الى صلاح الدين لا يدخل فقط في ابعاد خطر التشدد عن حدودها مع العراق بل سيلعب دورا في صناعة القرار الأمني أيضا، ليتوقف النفوذ عند الحدود الشمالية الشرقية للمحافظة، ليبدا خط الصد التركي المتقدم من كركوك الى نينوى بضوء أخضر أمريكي .
ويطغي طبيعة الدور الاقليمي في توجيه المعارك الجارية شرق و شمال بغداد على قراءات الدبلوماسيين الغربيين في العاصمة العراقية، خاصة بعد ان توضحت صورة الدعم الخارجي في ديالى و صلاح الدين و شكل المواجهة في الموصل بعد وصول شحنات أسلحة تركية الى مطار العاصمة قبل ساعات من زيارة هي الأولى من نوعها لوزير الدفاع التركي عصمت يلماز، ما يكشف عن لاعبين جدد ليس و بيادق على الأرض بلا ضوء أخضر عراقي، ضمن نظرية أن الحدود ترسمها الدماء المسالة.
ويتحدث الدبلوماسيون بمعلومات استخبارية مهمة جدا تخص طبيعة المهمة الايرانية في ديالى و صلاح الدين و دخول تركيا كلاعب ” توازن” في معركة تحرير الموصل، حيث يحتاج كل طرف الى ” جدار أمني عازل” على أكبر مساحة ممكنة، فطهران حققت المهمة من ديالى الى الموصل عبر سلسلة جبال حمرين فابعدت أي خطر عن حدودها، بينما يتجه الأتراك لاعادة ترتيب حجر الدومينو بطريقتهم الخاصة و صبرهم المعروف، على حد وصف الدبلوماسيين، وبما يتناسب و طبيعة العمق الجغرافي صوب سوريا ، مشيرين الى أن ضعف جهد التحالف في صلاح الدين بانتظار اكتمال هلال التدخل لتوريط طهران بمستنقع الهيمنة لوضعها بنقطة الأستهداف الدولي.
ويتوقع الدبلوماسيون مواجهة غير مباشرة على المصالح الاستراتيجية بين طهران و أنقرة بدعم دولي للأخيرة بهدف اعادة توزيع مراكز النفوذ في المنطقة و لجم التمدد الايراني الذي أخذ شكل المواجهة المفتوحة مع الغرب، للضغط على سير مفاوضات النووي التي ربما وصلت الى طريق مسدود، سيما وأن الوضع الجديد في اليمن و مارافقه من اعتداء على هيبة أمريكا بنزع الحوثيين لسلاح المارينز بعد الاستيلاء على سيارات السفارة الأمريكية في صنعاء، ما يدعو واشنطن الى التفكير بجدية الأنتقام ، واعتبار الحوثيين سلاح القتل للهيمنة الايرانية.
يأتي كل ذلك في وقت تقول قراءات رسمية عراقية ان مفاتيح المواجهة الدولية ضد داعش ليست في دواليب المؤسسة الرسمية العراقية لاعتبارت كثيرة من بينها عدم اتضاح جهات السوق العسكري و صعوبة التنسيق مع التحالف الدولي في عمليات جوية واسعة، اضافة الى تعدد القوى و ولاءاتها في الميدان، ما يضع مستقبل القرار بين فكي التنافس الايراني التركي قبل عام على مئوية سايكس بيكو، مع مواقف عربية أكثر انسجاما مع التطورات الميدانية،بما لا يلغي فكرة التدخل البري العربي غرب العراق لاحداث توازن في القوى على الأرض، بضوء أخضر أمريكي.
وسيكون الملف النووي الايراني عصا دولية غليظة تؤشر لطهران ساحة التحرك و هامش المناورة في العراق، بينما سيشكل الطوق التركي خندقا متقدما في التضييق على نفوذها في سوريا وفق
خارطة جديدة من المصالح ذات الصلة بالاستقرار العالمي، لذلك ليس من باب المصادفة أن تقوم تل أبيب بتحشيد الرأي الأمريكي ضد أي اتفاق نووي مع ايران، مقابل وصول تطمينات أمريكية رفيعة المستوى الى دول الخليج تؤكد مواصلة واشنطن اعلن “التصدي بحزم” لاي محاولة من ايران لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الاوسط حتى وان تم التوصل الى اتفاق حول الملف النووي.