يخلق من الشبه أربعين. واحدٌ فقط من بين المجاهدين العراقيين المشمولين برعاية الولي الفقيه الأبوية يُشبه إلى درجة كبيرة رئيس وزراء إسرائيل الراحل إسحاق شامير، بدمامته وتكشيرته، وبنفسه المريضة المقفلة على كراهية كل من يرفض تعصبه الأعمى لأفكار وأحلام غير سوية، وليس فيها شيء من عقل وعدل وضمير. شامير العراقي قادم إليكم، أيها العراقيون، قائدا جديدا يتولى حكمكم بعد الانتخابات القادمة المقررة نتائجُها، خلفا للرؤساء الثلاثة، إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي، أبناء حزب الدعوة وقادته الكبار.
ورغم أن إيران كانت هي المرضعة الوحيدة لحزب الدعوة،ورغم أنه لم يقصر في إثبات ولائه لها طيلة السنوات الماضية، إلا أن ديمقراطية الحكم “الإيراني” للعراق بمشاركة هامشية دعائية مع أحزاب وقوى أخرى سنية وشيعية وكردية موالية لأميركا وتركيا والسعودية، قد انتهت صلاحيتها، وآن أن تُقام على أنقاضها دكتاتورية الحكم الإيراني المنفرد، برئيس وزراء عراقي ولكن إيراني، قلبا وقالبا، يتمتع بالقدر الكافي من الوقاحة وقلة الوطنية والحياء ليعلن نهاية الحكم بالمحاصصة الطائفية والعنصرية، وبداية حكم الميليشيات التي أنشأها الحرس الثوري الإيراني وقاسم سليماني، والتي لا تعمل بالشعارات والوعود الكلامية، بل باستخدام السلاح أو بالتهديد باستعماله، داخل قبة البرلمان، تنفيذا لتوصية الولي الفقيه.
يقول قيس الخزعلي، أحد قادة المعسكر الإيراني العراقي “عدد المقاعد التي سينالها ائتلاف الفتح سيجعل منه في المرحلة المقبلة أحد الائتلافات الأساسية والمؤثرة في اختيار رئيس الوزراء واتخاذ كل القرارات الأساسية التي تهم مصلحة البلد”. “إننا نملك رؤية واضحة ومشروعا سياسيا يقوم على أن الخلل الأساسي في العملية السياسية يكمن في طبيعة النظام البرلماني ومبدأ المحاصصة”.
بمعنى آخر أن إيران لم تعد تخدمها انتهازية حيدر العبادي الذي أمضى أربع سنوات وهو يمارس كل فنون التقية واللعب على الحبال، فيتظاهر مرة بموالاة الأميركان، وإعادة علاقات مع حاضنته العربية مرة أخرى، لشراء الوقت وتهدئة خواطر الغاضبين إلى أن يحين موعد الخلاص، وقد حان.
فقد أدى، هو ورفاقه في الحزب، دورهم كاملا، ومنحوا إيران الوقت الكافي اللازم لبناء حرسها الثوري العراقي الذي سيتسلم السلطة، ويحكم منفردا، ليس بالشرعية التي استمدها من جماهير الناخبين، بحرية ونزاهة، بل بقلة الذوق والضمير، وبأخلاق العصابات، وبالتلويح، علنا، بسطوة العمائم الإيرانية التي لن تسمح لأي عراقي، أيا كان، بأن يشاركها، بأي حصة، وبأي صيغة، في إدارة المستعمرة العراقية بعد اليوم.
وباستعراض المسلسل كله، من أول أيام مجلس الحكم سيء الصيت عام 2003 وإلى اليوم، لرأينا كيف بدأ العمل الإيراني الدؤوب في تهيئة الأجواء وتمهيد الطرق، وتغيير البُنى التحتية السياسية والأمنية والعسكرية والتعليمية والإدارية في العراق، خطوة خطوة، في انتظار أن يصبح في إمكان أولادها العراقيين النجباء المخلصين أن يرثوا الحكم من حزب الدعوة، ويقرأوا عليه وعلى تاريخه الطويل في خدمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ألف سلام.
وها قد جاء موعد انتقال العراق النهائي من حكم الديمقراطية المزركشة الملونة إلى دكتاتورية اللون الواحد الفريد، ليُعلن خبر وفاة الدولة العراقية السابقة المتسامحة المتآلفة المتمدنة، ويبدأ عمرٌ جديد لولاية العراق الصغيرة الملحقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، علنا ودون مواربة.
ولأول مرة في تاريخه، وربما في تاريخ المنطقة العربية كلها، سيقود البرلمان العراقي نواب مسلحون متخرجون في ميليشيات طائفية متمردة ومنفلتة لم يُعرف عنها احترامٌ لقانون، ولا إيمانٌ بدستور، سوى قانون السلاح، ودستور العقيدة الواحدة التي أوصاهم بفرضها على البلاد والعباد بالقوة جنابُ الولي الفقيه. وغدا، والغد قريب جدا، سترون لأول مرة في حياتكم، أيها العراقيون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق شامير وقد جلس على كرسي الرئاسة، وسبحان الذي يحيي العظام وهي رميم.
وعلى مرجعية السيد السيستاني وفرسان حزب الدعوة وحواري المجلس الإسلامي وفتيان عمار الحكيم ونواب مقتدى الصدر وأتباع إبراهيم الجعفري وأسامة النجيفي وإياد علاوي وسليم الجبوري وصالح المطلق ومشعان أن يتقاعدوا أو أن يقبلوا بالجلوس، في البرلمان القادم، في آخر صفوف المتفرجين والمصفقين والموافقين. هذا، أو في غياهب السجون. ألم نقل إن العراق في انتقال؟