العراق والموقف الحضاري من المبادئ والقيم الإنسانية! (الحلقة الرابعة)

العراق والموقف الحضاري من المبادئ والقيم الإنسانية! (الحلقة الرابعة)
آخر تحديث:

بقلم:كاظم حبيب

حين عجزت أغلب قوى المعارضة السياسية عن التخلص من الدكتاتورية الحاكمة ببغداد توسلت بالدول الأجنبية لإسقاط الدكتاتورية وارتضت لأنفسها الوقوع تحت الاحتلال واستبداد المحتل وعواقبه على الوطن والشعب، لأن أهداف الشعب كانت تختلف تماماً عن أهداف المحتل من جهة ومع أغلب قوى المعارضة من جهة أخرى، وربما كان اللقاء الوحيد هو الخلاص من الدكتاتورية. ولكن ماذا بعد ذلك؟ لكل من الشعب والمعارضة والاحتلال له أهدافه الخاصة، مع حقيقة أن الشعب كان يعيش في ظلمات الاستبداد والتخلف والحرمان وتحت تأثير القوى الخرافية والشعوذة. لا شك في أن وجود الاحتلال في بلد ما يعتبر بحد ذاته مصادرة فعلية لحقوق الإنسان وحقوق المواطنة والشعب، وللأهداف التي يسعى إليها المجتمع ويتطلع إلى تكريسها والتي تتناقض كلية مع أهداف المحتل. وقد برهن الاحتلال الدولي للعراق بقيادة الولايات المتحدة على صواب هذه الاستنتاج الذي يعتمد بدوره على الخبرة التاريخية لشعوب العالم وما عانته من احتلال لبلدانها ولمئات السنين. وأكبر نموذج استبدادي وإرهابي راهن للاحتلال يبرز في سياسة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة إزاء الشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة منذ العام 1967 حتى الوقت الحاضر، إذ يزداد ويتسع ويتعمق هذا الانتهاك لحقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني يوماً بعد يوم مع سكوت مطبق من المجتمع الدولي.

لقد مارس الاحتلال الأمريكي، وهو من أبشع أشكال الاحتلال وأكثرها عنجهية، سياسات ساهمت في تدمير العراق وتحطيم الدولة العراقية ومؤسساتها بشكل منظم ومقصود وهادف إلى تحقيق أهداف معينة كانت محددة مسبقاً قبل بدء الاحتلال بسنوات. فقد فتح المحتل الأمريكي-البريطاني الحدود العراقية على مصراعيها ليدخل الإرهابيون من شتى أنحاء العالم إلى العراق ويساهموا لا في سرقة المتاحف والآثار التاريخية الرائعة للحضارة الإنسانية فيه فحسب، بل وليمارسوا الإرهاب والتدمير والنهب والسلب ونشر الفوضى على أوسع نطاق ممكن، إضافة إلى نشر العنف والإرهاب مجدداً بين صفوف الناس وتعريض المجتمع للقمع الحكومي وغير الحكومي. لقد مارست قوى الاحتلال سياسات استجابت لطرف واحد من القوى السياسية بالعراق وبالتنسيق مع إيران، استجابت للقوى والأحزاب السياسية الشيعية، وإلى حد بعيد للقومية القومية الكردية التي ارتضت بالحرب الخارجية لإسقاط الدكتاتورية ووافقت على قيام نظام سياسي محاصصي طائفي-أثني بالعراق. ومثل هذا النظام السياسي الذي أقيم وفرض على المجتمع العراقي حتى الآن يعتبر الصيغة الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان وحقوق المجتمع بأسره. ولم يقتصر التوزيع المحاصصي الطائفي-الأثني على الوزارات فحسب، بل امتد ليشمل جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما أبعد العراق كلية عن احتمال نشوء دولة مدنية ديمقراطية علمانية. ثم بدأ الحاكم بأمر الولايات المتحدة والمستبد بقراراته تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية ووضع التشريعات التي وضعت العراق على طريق استمرار التخلف والتبعية والفساد والإرهاب الدموي، طريق “الصد ما رد”! لقد مارس الحاكم بأمره أسلوب إرشاء كبار الموظفين ابتداءً من رئاسة الجمهورية ومروراً بالوزراء وأعضاء مجلس النواب والقضاء العراقي ورؤساء المؤسسات والهيئات المستقلة والمدراء العامين والسفراء والقناصل وغيرهم من موظفي الدولة الكبار من خلال منحهم رواتب عالية جداً وتقاعد خيالية بعيدة كل البعد عن المعايير الدولية لبلد مثل العراق أو حتى بلدان متقدمة، ونشر الفساد بتلك المليارات التي تأتت من تصدير النفط الخام ومما أطلق عليه بالمساعدة الإنمائية للعراق لتصرف ببذخ وإفراط غير معقولين. وفي ذات الوقت عمق الفجوة بين الفقراء والأغنياء وابتعد عن أي وجهة لدفع العراق صوب التصنيع بل زاد من مكشوفية العراق على الخارج استيراداً وتصديراً.

مارست الولايات المتحدة الأمريكية سياسات أمنية مغرقة بالقسوة والعنف بحق المعتقلين السياسيين بذمة التحقيق في سجن “أبو غريب”. وقد كانت الأساليب والطرق التي مورست في السجن إزاء النساء والرجال والأطفال بذمة التحقيق لا تختلف عن الأساليب والطرق الفاشية التي تتعارض مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان والتي تصادر أولاً وقبل كل شيء حياة وحقوق وكرامة الإنسان، أساليب تعذيب جسدية ونفسية ولاأخلاقية ولا تمت للإنسانية بشيء. لقد كان هذا الفصل من السياسية الأمريكية بالعراق وصمة عار جديدة وإضافية في جبين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج دبليو بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفلد، وكل الذين وافقوا على تلك الممارسات ونفذوها فعلاً، وكذلك السياسة الأمريكية عموماً بالعراق إن الصور والأفلام القليلة التي خرجت إلى الصحافة العلنية ونشرت في المواقع أكدت عن استخدام أجهزة الأمن أساليب مارسها النازيون بألمانيا ضد المعتقلين السياسيين واليهود والسلافيين والنوريين (الغجر) في المعتقلات النازية، وبعضها من ترسانة النظام البعثي، ثم تعلم ومارس أغلبها جلادو العراق الجدد أيضاً.

وإذا كان نهج الاحتلال الأمريكي مناهضاً لحقوق الإنسان والقيم والمعايير الإنسانية والحضارية، فأن نهج القوى الحاكمة بالعراق لم يكن أفضل منه، بل ساهم في تعميق أوضاع العراق السيئة وهمش الدولة ومرغ سمعتها بالتراب. لقد تسلمت القوى والأحزاب الطائفية الحكم منذ ثاني وزارة أقيمت بالبلاد منذ العام 2005 وعملت على تكريس مجموعة من السياسات التي ساهمت بقوة في حرف العراق عن إقامة الدولة المدنية الديمقراطية والعلمانية التي ادعى المحتلون الأوباش إقامتها بالعراق قبل بدء الحرب وخدعوا شعوبهم والشعب العراقي بذلك. فقد سمحت عملياً قوات الاحتلال على الكثير من العوامل التي تمزق الدولة والنسيج الوطني والاجتماعي للشعب العراقي وتفرق صفوفه، منها على سبيل المثال لا الحصر:

** السماح بقيام الأحزاب والقوى الإسلامية السياسية الطائفية بإنشاء مليشيات طائفية مسلحة تمارس السلطة الفعلية في المدن العراقية وتستخدم أقسى أشكال انتهاك حقوق الإنسان وحقوق المواطنة وإرهاب الناس وتركيعهم لإرادتها، ولاسيما ضد المواطنات والمواطنين المسيحيين والصابئة المندائيين في الوسط والجنوب وبغداد، وفيما بعد بالموصل أيضاً. وكأن سلطات الاحتلال كانت تريد المساهمة في تدمير الموزائيك القومي والديني بالعراق.

** كما لم تعمل الكثير وعلى وفق أسس سليمة في مواجهة العمليات الإرهابية لقوى إرهابية سنية من العراق ومن الدول العربية ودول ذات الأكثرية المسلمة المدعومة من قوى إسلامية سياسية سنية قاطعت الحكم ثم التحمت فيما بعد بقوى النظام لتمارس تخريب الدولة ونشر الإرهاب والفساد والقتل بالبلاد. لقد كانت تكالح بيد وتدعم بيد أخرى تلك القوى لتمارس التخريب بالبلاد.

** ونشط رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري، وتحت أنظار سلطة الاحتلال الأمريكي–البريطاني، في تحويل وزارة الداخلية ووزارة الأمن الوطني إلى وكر حقيقي للمليشيات الشيعية وتعزيز دور ميليشيات معينة في الحياة اليومية، وفي السلك الدبلوماسي بالتنسيق مع القيادات الكردستانية، واستخدام المعتقلات للتعذيب الشرس والجنوني.

** ورغم ولوج الدور الإيراني مبكراً إلى العراق بعد إسقاط الدكتاتورية مباشرة وبالتنسيق مع الأحزاب والقوى والمليشيات الشيعية، ولاسيما “منظمة بدر” التي كانت تدار من قبل قاسم سليماني مباشرة، فأنها ومنذ مجيء الجعفري للحكم وفيما بعد في عهد نوري المالكي، قد عززت مواقعها بتوسيع قاعدة وعدد المليشيات الشيعية المسلحة والإذاعات وعدد قنوات التلفزة الممولة إيرانياً وعدد المسلحين والضباط من جيش المقدس الإيراني والحرس الثوري في المليشيات الشيعية وعدد الجواسيس وقوى الأمن الإيرانية ومكاتبها السرية بالعراق، وكذلك دورها الاقتصادي والتجاري، وفي تنشيط العزاءات الحسينية وتمويلها وزيادة البدع الممارسة فيها واستخدامها لمصلحتها الطائفية المقيتة والهيمنة على عقول الناس البسطاء وبدعم من قيادة الحكم والأحزاب الشيعية مباشرة. لقد سيطر الإيرانيون على الحكم العراقي كلية في فترة حكم نوري المالكي المستبد بأمر إيران ومصالحه الشخصية والعائلية من خلال الأحزاب الشيعية وبعض القوى والأحزاب الكردية. كل هذا كان يحصل تحت سمع وأنظار قوات الاحتلال الأمريكية.

** تدخل المرجعية الدينية الشيعية بفظاظة وإلحاح كبيرين وتوزيع عمل بينها وبين الأحزاب الشيعية وقوى الحكم بإيران لتعزيز وجود وأقدام القوى الشيعية الطائفية السياسية في الحكم وفي التشريعات العراقية من خلال الدعوة لدستور متعجل جديد وانتخابات نيابية جديدة، مما فسح في المجال لهيمنة القوى الطائفية السياسية على البلاد وصدور دستور عراقي أعرج وأعوج وطائفي المنحى وحمال أوجه مشوه. وساعد هذا على تحرك مقابل من جانب شيوخ الدين السنة في الداخل ومن العالم العربي لمواجهة النفوذ الشيعي الداخلي والنفوذ الإيراني من جانب السعودية وتركيا والخلج العربي وسوريا. وحوّل هذا الوضع العراق إلى ساحة صراع إقليمية وقتال بين المليشيات المسلحة السنية والشيعية، حيث يموت الناس الأبرياء بالجملة وعلى الهوية وبصيغ مختلفة بما في ذلك التعذيب وسلخ الجلود والاختطاف والقتل الجماعي عبر الانتحاريين والعربات المفخخة والمحاكم التي كانت تمارسها المليشيات الطائفية المسلحة.

** وقد كان هدف الاحتلال الأمريكي والإيراني والقوى الرجعية الداخلية والخارجية إضعاف القوى المدنية والديمقراطية والعلمانية العراقية من خلال العمل على ربط الدين بالدولة وبالسياسة وتمويل القوى الإسلامية السياسية من خزينة الدولة ومن إيران أو من دول عربية أخرى ومن السحت الحرام، تلك الأموال المسروقة من خزينة الدولة العراقية ومن إيرادات النفط الخام أو نهب النفط الخام ذاته وتصديره بصورة غير شرعية ودون رقابة من أحد وشارك فيها جميع حكام العراق من العرب والكرد.

** وأصدر النظام السياسي الطائفي والمحاصصي العديد من القوانين الرجعية والمتجاوزة على حقوق الإنسان وحقوق القوى السياسية الأخرى وعلى المواطنين والصحفيين والسيطرة الكاملة على الإعلام الرسمي لصالح القوى الطائفية وحكومة نوري المالكي.

** وأصبح العراق يمتلك حكماً رثاً تقوده فئات اجتماعية رثة وتتبنى فكراً رجعياً رثاً وحياة اجتماعية واقتصادية وثقافية رثة في المدن العراقية، إضافة إلى أصبحت المدن العراقية مليئة بالنفايات وتحولت بغداد على واحدة من أقبح المدن في العالم.

** وإذا كانت حكومة الإقليم قد عمرت المدن ووسعت الشوارع وأقامت الجسور والحدائق والمنتزهات ودور السكن والعمارات، فأن الحكومة الاتحادية ابتعدت حتى عن هذه الخدمات الأساسية والطاقة الكهربائية ومشاريع المياه، ولم يكن همها سوى نهب العراق وكأنه سفينة آيلة إلى الغرق.

** ولكن الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ابتعدتا سوية عن التنمية الاقتصادية والتخلص من وحدانية الاقتصاد الريعي المعتمد على موارد النفط المالية، وبعيداً عن التنمية الصناعية والزراعية، إضافة إلى ابتعادها عن بناء الإنسان العراقي على وفق الأسس العلمية في التربية والتعليم والتثقيف، بل واصل التعليم تخلفه من حيث البرامج والمحتوى، وخضوعه في العراق الاتحادي لفكر ديني طائفي متخلف وتمييزي ضد اتباع الديانات والمذاهب الأخرى.

** لقد تعطلت إرادة الشعب وصودرت حقوقه وأسيء استخدام السلطة بفظاظة لصالح الفئات الحاكمة ومن هم من حولها وأقاربها وأصبحت الوزارات والوظائف والامتيازات لهم وليس لغيرهم. وإذا كان الجعفري قد بدأ بممارسة سياسات تمييز ديني ومذهبي شرسة ومفضوحة، فأن نوري المالكي جعلها الشكل السائد في الحكم وإلى جعل الفساد المالي والإداري نظاماً سائداً بالبلاد تمارسه الدولة بسلطاتها الثلاث ويمارسه المجتمع بالرغم منه، كما أصبح التمييز ضد السنة بشكل صارخ مما أدى إلى انتفاضة المجتمع في محافظات صلاح الدين والأنبار وإلى تذمر كبير جداً في الموصل قاد إلى تغلغل قوى القاعدة ومن ثم وليدها الإجرامي الجديد داعش وبدعم من قوى ودول الجوار وعلى الصعيد الدولي. وانتهت باجتياح هذه المحافظات عملياً قبل اجتياح الموصل من جانب عصابات داعش المجرمة ومن ثم بقية مدن وقرى وأرياف محافظة نينوى.

** وخلال فترة الحكم لم يعمد النظام الطائفي ببغداد إلى معالجة القضايا العالقة والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وجرت محاولات للمساومة بين الحكومتين بهدف إبقاء نوري المالكي في السلطة مقابل تنازلات غير مشروعة وبعيداً عن الحل الشرعي على ضوء المادة 140 من الدستور العراقي، أو التخلف عن إصدار قانون عراقي للنفط. ولم تكن الإعاقة من جانب الحكومة الاتحادية وحدها بل من جانب حكومة الإقليم ايضاً. وقد قادت هذه إلى إشكاليات جديدة بين الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم، وعلى حساب الشعبين والقوميات الأخرى.

** وفي فترة حكم المالكي غصّت السجون العراقية بالمعتقلين والمشتبه بهم كإرهابيين وانتشر المزيد من المخبرين السريين والعيون والجواسيس وتحولت الدولة على دولة بوليسية شرسة. ومارس الحكم سياسة التعذيب في دهاليز أجهزة الأمن والسجون الخاصة وتكررت الحالة التي كان يعيش العراق تحت وطأتها في ظل نظام صدام حسين، وارتفعت شكوى أهالي السجناء والمعتقلين بحسم قضاياهم دون مجيب لنداء العائلات.

** واتخذ القضاء العراقي موقفاً متحيزاً وبشكل صارخ في صالح الحكومة وتحت امرتها بما أسيئ للقضاء العراق واستقلاليته ودوره المنشود في مثل هذه الأوضاع. وصدرت قرارات مخالفة للدستور العراقي، ومنها الموافقة على منح المالكي ولاية أخرى في حين كان فوز القائمة العراقية التي يترأسها الدكتور اياد علاوي هي الفائزة فعلياً. لقد لعب القضاء العراقي، ورئيسه دوراً ملموساً في سرقة أصوات الشعب حين حكم لصالح نوري المالكي بالضد من نتائج التصويت النهائية. كما لم يلعب القضاء ولا الادعاء العام دورهما في موضوع السجناء السياسيين والنهب والسلب لأموال العراق واتهم بالمشاركة في كل ما يحصل بالعراق من إساءات وتجاوزات كبيرة على الدستور رغم سوءاته.

** وتدخل رئيس السلطة التنفيذية بفظاظة وخارج الأطر الدستورية والقانونية بشؤون الهيئات المستقلة ولاسيما البنك المركزي، حيث أمر باعتقال المحافظ ونائبه وتقديمهم للمحاكمة مع عدد من الموظفين، بسبب رغبته في السيطرة على الملك المركزي والتصرف بالاحتياطي من العملات الصعبة. وكذلك التدخل في مفوضية الانتخابات بشكل ظ وهي القائمة على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية بخلاف ما ورد بالدستور، وكذلك شبكة الإعلام العراقية وتحويلها إلى جهاز خادم للحكم وسياسة الحاكم المستبد بأمره.

** وكان من أسوأ الأمور التي عانى منها الشعب هو النقص في الخدمات وخاصة الطاقة الكهربائية التي وجهت لها المليارات ولم تنفع، إض نهب أغلب تلك المليارات ودخلت في جيوب الوزراء المسؤولين ومن كلفوا بالمهمات وشركاؤهم، مما دفع الشعب برفع شعار” باسم الدين باگونه الحرامية، وباسم الله هتكونه الشلاتية”!

إن كل ذلك وغيره حرك الشارع العراقي بعد أن تسلم نوري المالكي الولاية الثانية لمجلس الوزراء العراقي وبمساومة بين الولايات المتحدة وإيران من جهة، والأحزاب الشيعية والتحالف الكردستاني من جهة أخرى، مع قبول واضح من جانب القوى القومية والقوى السنية بتنازلات لقاء وعود كاذبة من جانب نوري المالكي وعلى حساب مصالح الشعب. وكان الحراك عام 2011 ببغداد ومدن أخرى مطالباً بالخدمات الأساسية ولاسيما الكهرباء، ومحاربة الفساد والإرهاب. وبدلاً من أن يصغي الدكتاتور الجديد لصوت المتظاهرين والعقل، بدأ بتشويه سمعة المشاركين في المظاهرات واستخدام القوة والعنف والسلاح لتفريق المظاهرات، وكذلك في ضرب التحركات في الفلوجة وعموم الأنبار وصلاح الدين. مما عمق الهوة ووسع قاعدة التذمر التي تفجرت فيما بعد.

لقد مارس نوري الملكي، وبدعم من التحالف الوطني للبيت الشيعي والقيادة الإيرانية أحط الأساليب القمعية في قمع وتفريق المتظاهرين من خلال قطع الطرق والجسور والقيام بحملة اعتقالات وممارسة التعذيب والتهديد، حتى قتل غيلة العديد من الشخصيات السياسية والمدنية العراقية وفي فترات مختلفة. وبعد الاجتياح الداعشي للموصل وهروب القوات المسلحة العراقية بقرارات لا يمكن إلا أن تكون من أعلى سلطة بالبلاد، من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، أجبر المالكي وتحت ضغط الشارع والقوى السياسية النظيفة على ترك الحكم لزميل له في قيادة حزب الدعوة حيدر العبادي.

إن هذه الفترة من حكم العراق تميزت بانتهاك فعلي ومرير لحقوق الإنسان وحقوق القوميات واتباع الديانات والمذاهب، لقد داس الحكم بقيادة الملكي على حقوق وكرامة وإنسانية الفرد العراقي. لقد عمق شقة الخلاف بين القوميات وأتباع الديانات والمذاهب وترك الديمقراطية والمدنية اميالاً خلفه وأعاد الاستبداد واللاشرعية في حكم البلاد.، وسمح بالتدخل الإيراني الخارجي بقوة في الشؤون العراقية.انتهت الحلقة الرابعة وتليها الحلقة الخامسة والأخيرة.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *