العمارة نصاً أدبيًا ومكانًا للتأملات الوجودية

العمارة نصاً أدبيًا ومكانًا للتأملات الوجودية
آخر تحديث:

جودت جالي

تحت عنوان (رغبة بشرية بلا حدود) تخصص مجلة يورب الفرنسية عددها لشهر آذار 2017  لعلاقة فن العمارة بالأدب، وهذه ليست المرة الأولى التي تستكشف فيها المجلة التي أسسها رومان رولان في العام 1923علاقة الأدب بميادين وعلوم تبدو للوهلة الأولى لا علاقة لها به، فقد أصدرت في السنوات السابقة أعدادا عن علاقة الحقوق بالأدب (نيسان 2002) والجاز (آب-أيلول 1997)، ناهيك عن العلاقة بميادين أقرب مثل الرسم (كانون الثاني-شباط 2007) واليوتوبيا (آيار 2011) وأذكر عددا عن علاقته بالرياضة وغيرها من الأعداد الغنية معرفيا. تقول المقدمة بأنه(في هذا الزمن تندر المقالات والبرامج المخصصة للعمارة والمدينة،وهذه الفجوة تشكل جزئيا الدافع لهذا العدد)وقد عهد بالإشراف عليه إلى ثلاثة من المتخصصين يجمعون بين الإهتمامات المعمارية والأدبية. 

إن الاهتمام الأساس للملف هو استنطاق العمارة بوصفها” رغبة بشرية  بلا حدود” ولذلك فلا بد أن” تحتضن جزءا من السماء” حيث يتقاطع الحيز الخاص بالحيز العام، كما أوضح غاستون باشلار في كتابه (شعرية المكان)، وكما قال ديفيد سبور في كتابه (العمارة والأدب الحديث) الذي يستقصي فيه هذه العلاقة في القرنين التاسع عشر والعشرين، بأن الحالات العصرية هي حالات أزمة:” أزمة سكن بشري، أزمة تكيف بشري مع الأوضاع  الشيئية  للعالم حيث مسألة  معرفة ماذا يعني أن يكون المرء كائنا بشريا هي المسألة الملحة.الأدب والعمارة الحديثان هما نتاج لهذا الوضع سواء في حرياتهما الشكلية أو في انخراطهما في النشاط إزاء أنماط حياتنا الراهنة”. يؤكد سبور بأن ” كلا منهما على طريقته الخاصة يوظف الأشكال غير المحدودة في إدراكهما للوجود البشري وهذا يبرر علاقتهما المشتركة”. 
من جانب آخر فإن الحلم المعماري الذي يجد صداه أدبيًا في تعابير كالتي استخدمها جان-بابتيست بارا  مثل (سردية الشارع) و(الجملة الحضرية) والعلاقة بين (قصيدة العمارة ونثر الحياة) هو الحلم نفسه منذ الإغريق. 
هذه المقتطفات التي أوردتها ربما تعطي فكرة عامة عن منطلقات الملف في مقالاته (وهي دراسات رصينة في الوقت نفسه) البالغة  عشرين مقالا بضمنها مقال بارا الذي يعد تمهيدا، و(كتابة العمارة) و(العمارة والأدب،تواز وتداخل وتفاعل)و(إستقلالية الفنون النافرة) و(العودة من أميركا،أوراق روسية) و(المناطق النائية لمدن لا مرئية)و(الخيال المعماري والخيال الأدبي) و(جورج بيريك وصانعو المدن)و(اليوتوبيا والأكواخ)و(الأدب والعمارة هل هو جدل مستحيل؟) و(المسكن الأدبي) و(جماجم وبورتريهات)ومقالات أخرى. 
في الدفتر الإبداعي نصوص لستة أدباء بضمنهم الشاعرة الكردية العراقية (شومان هه ردي أو ﭽومان هه ردي)المولودة في السليمانية سنة 1974 ولها ستة كتب (العودة بلا ذاكرة) 1996 باللغة الكردية طبع في الدنمارك، و(ضوء الظلال) 1998 بالكردية أيضا، وبالإنكليزية ديوان (مرايا الضوء والظلال)2000 ، و(حياة لنا)2004، و(تجارب جندرية في الإبادة الجماعية)2011، و(أخذ النساء بعين الاعتبار)2015، وهي الآن أستاذة في جامعة السليمانية وحازت على جائزة المرأة لنشاطها في مجال حقوق الإنسان والمرأة، وقد  مثلت هنا  بمقتطفات  من قصائدها (أنفال). في ركن المتابعات الشعرية 12 مقالا عن إصدارات شعرية،وفي السرد ثمانية مقالات، وفي المواضيع المختلفة الأخرى 15 مقالا بضمنها مقالات عن إصدارات ذات صلة بموضوع الملف مثل مخطوطات لا كوربوزيه المعماري الذي صمم ملعب الشعب في بغداد.ميسان/ عبدالحسين بريسم

نظم المشغل النقدي في اتحاد ادباء وكتاب ميسان أمسية للناقد  صادق ناصر الصگر قدم فيها ورقة نقدية بعنوان” على سبيل التعقيب الرواية العراقية إلى أين” وذلك على قاعة الاتحاد في مبنى المحافظة القديم مجاور كليه الامام الكاظم (ع) في مركز المدينة، وبحضور نخبة من الأدباء والكتاب ومحبي الثقافة. قدم الأمسية رئيس اتحاد ادباء وكتاب  ميسان الشاعر رعد زامل حيث قال: نقدم اليوم  ناقدا له مكانته في مشهدنا النقدي العراقي، ألا وهو الناقد صادق ناصر الصكر في حوار عميق  بشأن ملاحظات الدكتور حسن سرحان حول الرواية العراقية ..

وقال الصكر في مستهل ورقته النقدية: “زميلنا الدكتور حسن سرحان نشر مقالا، حمل عنوان  “الرواية العراقية… إلى أين “هذا المقال أثار موجة من الجدل، المصحوب ببعض السخط، بسبب ما تضمنه من وجهات نظر وأحكام عدها كثير من المثقفين العراقيين، صادمة وقاسية بحق الرواية العراقية منذ بواكيرها.
بعد إطلاعي على المقال المذكور، تبين لي أنه كان بالإمكان أن نقوم بمقاربة الرواية العراقية من زاوية أخرى،غير تلك التي وقع عليها خيار الدكتور سرحان، وهو مثقف عراقي رصين ومحترم.
ليس لدي، من ناحية المقصديات الثقافية، سوى خارطة طريق يمكن تلخيصها في المقولة الشهيرة، التي يرددها الجميع دون أن يعملوا بها ..الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية”.
 الشاعر والناقد علي سعدون قال: ” مقالة الصكر ركزت على المحاججة مع مقالة الناقد د. حسن سرحان عن التقانات بوصفها الحد الفاصل للبرهنة على وجود رواية عراقية ناضجة وذات اشتغالات مميزة . وفي الحقيقة ان مقالة الدكتور سرحان كانت قد انطلقت من النماذج المنطفئة لتعمم من خلالها على ظاهرة الرواية الجديدة في العراق، الأمر الذي نعدّه إجحافا بحقها وبأهميتها التي لا يختلف عليها اثنان. حققت الرواية العراقية منجزات ساطعة في نماذجها المختلفة في السنوات الأخيرة، إذ ان رواية بدأت تصل إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر وتقطفها في إحدى دوراتها من خلال رواية احمد سعداوي، لايمكن أن تكون قليلة الأهمية أو فاقدة لمشروعها الفني أو الثقافي، نعم نتفق مع الدكتور سرحان في تشخيصه لعدد من عيوبها، لكننا لن نسلم بأنها رواية غير ناضجة وغير مستوفية لتوهجها بوصفها ظاهرة مهمة للغاية في ثقافتنا ومعرفتنا”.
 الناقد حسن الكعبي قال: “جاءت دراسة الناقد صادق الصكر سياحة معرفية وملهمة في كيفية تفعيل المشترط النقدي من منطلق روح الموضوعية والمسح المعرفي والانضباط المنهجي في تقصي المنجز السردي والوقوف عند اشكاليته كما انها كانت درسا لوظيفة النقد على اعانة السرد في الفهم والتعلم من الاخطاء.
باعتقادي كانت هنالك جملة لامعة اطلقها الصكر يمكن أن نتعلم منها الكثير وأعني بتلك الجملة التي انطلقت من سياقات وظيفة النقد في الافهام هي بما معناه (ان أكثر ما أخشاه على اصحاب المشاريع السردية هي في وقوعهم ضحايا هذه المشاريع) وهي جملة عند تأملها سنكتشف دون ادنى جهد عمق الناقد ومدى اجتهاده وجده في متابعة المنجز السردي والمصاديق الواقعية في وقوع كثير من صناع السرد ضحايا لمشاريعهم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *