كانت ردود الفعل الدولية المنددة بالمشاجرات التي جرت بين مشجعين كرة قدم صهاينة من جهة وعرب من جهة أخرى، في العاصمة الهولندية أمستردام، في 7/11/2024 والتي أعقبت مباراة بين (نادي مكابي تل أبيب) ومضيفه (أياكس أمستردام) تثير الريبة، فقد مزق المشجعون الإسرائيليون الاعلام الفلسطينية وهتفوا هتافات ضد فلسطين وغزة بالذات بل والعرب منها (سننكح العرب)، مما اثار حفيظة العرب في امستردام، فحصلت معارك بين الطرفين، واعلنت الخارجية الإسرائيلية إصابة إسرائيليين وفقدان الاتصال بآخرين بعد تعرضهم لما وصفتها بحوادث عنف في أمستردام بعد انتهاء المباراة، لم تتحدث الدول الاوربية عن سبب المشاجرات وادخلت الموضوع في نطاق معاداة السامية كالعادة.
لنقرأ ما جاء في تغريدات وبيانات الولايات المتحدة والدول الاوربية التي تسفر عن وجهها القبيح.، علاوة على العراب الأمريكي الأب الروحي للقيط الصهيوني، وهل تتماشى تصريحاتهم مع منطق العدالة:
ـ اعرب السفير الأميركي لدى إسرائيل، جاك لو، عن غضبه واستيائه مما حدث، وقال تدوينة على منصة إكس ” إننا ندين الهجمات المروعة ضد الإسرائيليين في أمستردام”.
ـ قالت المبعوثة الأميركية الخاصة لشؤون مراقبة ومكافحة معاداة السامية، ديبورا ليبستا، إنها تشعر” بالفزع إزاء الهجمات التي وقعت في أمستردام”.
ـ اعربت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن غضبها من ” الهجمات الدنيئة التي تستهدف المواطنين الإسرائيليين في أمستردام”.
ـ ادان رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، تلك الأحداث، حيث كتب عبر إكس ” يجب رفض أعمال العنف والكراهية بشكل لا لبس فيه في أي مجتمع”.
ـ اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن” الصور القادمة من أمستردام مروعة ومخزية للغاية لأوروبا”.
اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تدوينة على منصة إكس” أن العنف ضد مشجعي كرة القدم الإسرائيليين في أمستردام، يذكرنا بأحلك ساعات التاريخ”.
كل هذه التصريحات الجوفاء والضجة المفتعلة بسبب جرحى اثنين من المشجعين اليهود، اما قتل اكثر من (40000) فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال في غزة والآلاف من اللبنانيين فلم يثر غيرة زعماء الولايات المتحدة وأوربا كما اثارها جرح اثنين، لقد اسفروا عن معدنهم الصدأ واكذوبة الديمقراطية وحقوق الانسان.معاداة السامية هي جريمة وفق القانون الأوربي ، ولكن معاداة الإسلام امر مرحب به. إبادة العرب مقبولة حسب تصريحات الزعماء الصهاينة، لكن جرح اثنين من الاسرائيليين جريمة لا تُغتفر.
مشاعر 13.9 مليون من اليهود في العالم ( حسب إحصائية في عام 2013 أي حوالي 0.2% من سكان العالم) تحظى باهتمام اوربا والولايات المتحدة، لكن مشاعر (2) مليار مسلم (حسب إحصائية عام 2023 أي نسبة 25% من سكان العالم) لا تعني لهم شيئا.
يستذكرون دائما الهولوكوست اليهودي ولا احد يستذكر هولوكوست غزة.
المانيا اشد المتعصبين للكيان الصهيوني لأنها تأريخها يشهد اعمالها الاجرامية ضد اليهود، ولكن هل يستذكروا قول زعيمهم هتلر بشأن اليهود، وانه قال بصراحة لا يحبهم ويريد ابادتهم كبارا وصغارا ونساء، ان كانوا هم سبب نكبة اليهود ويشعروا بتأنيب ضميرهم (ان وجد عندهم ضمير)، فلماذا مات ضميرهم ولا يشعروا بتأنيب الضمير، وهم يرسلوا الأسلحة والذخيرة الى الكيان الصهيوني ليقتلوا الأطفال والنساء في غزة، لماذا يتحمل العرب وزر الهولوكوست الألماني، وما شأن العرب بجريمة ارتكبها الألمان ضد اليهود؟ ولماذا لا يتحدث اليهود عن الجهة التي قامت الهولوكوست، ويناصبوا الألمان العداء؟ اليس الالمان هم من ارتكبوا ما يسمى بمذبحة (ليلة الزجاج المكسور) ضد اليهود عام 1938؟
ان من يقتل النساء والأطفال في غزة ليس الكيان الصهيوني فحسب بل الدول الاوربية التي تدعم الكيان المسخ وتمده بالسلاح والذخيرة، علاوة على العراب الاحقر الولايات المتحدة الامريكية، كل امريكي واوربي يتحمل وزر دماء الأطفال والنساء في غزة ولبنان بلا استثناء، كل دافعي الضراب لتمويل العدوان على غزة ولبنان هم مجرمون عن قصد او بغير قصد.
الرئيس الأمريكي ترامب هو من نقل السفارة الامريكية الى القدس، وتبجح بأنه ادارته من اكبر الداعمين للكيان الصهيوني، وأول من هنئه على فوزه كان رئيس وزراء الكيان المسخ (النتن ياهو)، أشارت بيانات الاستطلاع في إسرائيل قبل اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية ان ما يقارب 65% من الإسرائيليين يرغبون بعودة ترامب الى الرئاسة، كما ان الرئيس المخرف بايدن اعلن للملأ بأنه (صهيوني) فلا عجب من رئيس دولة يعاني من الزهايمر يحكم اكبر دولة في العالم، ومع ان بايدن خضع لشروط وتهور بنيامين نتنياهو ونفذ كل طلباته، ولم يراعِ (النتن ياهو) التوصيات الامريكية بشأن رفح وفيلاديلفيا ومقتل المدنيين، الا ان جسور الأسلحة من الولايات المتحدة الى الكيان الصهيوني لم تتوقف في عهد الرئيس المخرف مع كل هذا فالإسرائيليين و(يهود أمريكا) لم يؤيدوا نائبته كاميلا، بل أيدوا الرئيس ترامب.
المصيبة ان السلاح الذي يقتل الأطفال والنساء في غزة ولبنان امريكي، والذخيرة أمريكية، والمعلومات الاستخبارية أمريكية، والقيادة العسكرية الفعلية أمريكية، وهذا ما ثبت في تحرير بعض المختطفين الإسرائيليين باعتراف الإدارة الامريكية من خلا تعاونها، بمعنى يبقى الطيار فقط، وربما يكون امريكي او إسرائيلي يمتلك جنسية امريكية.
المصيبة ان الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة وقفت مع الرئيس ترامب دون ان تأخذ تعهد على اقل تقدير من موقفه تجاه الحرب العدوانية على غزة، لتتخذ بعدها الموقف من انتخابه.
الأغرب منه ان بعض الحكام العرب لا يستحوا من القيام بوساطة بإشراف الولايات المتحدة لعقد صفقة بين الكيان المسخ من جهة، وحماس وحزب الله من جهة أخرى، كإنما الولايات المتحدة طرف محايد وليس مشارك فعليا في العدوان على غزة، أي هو الخصم وهو الحكم.
المصيبة الأخرى ان بلينكن عراب الصفقات هو يهودي باعترافه، وزار الكيان الصهيوني عدة مرات بصفته يهودي، فما تتوقع من وساطة عراباها يهودي وصاحب المشروع (بايدن) صهيوني على حد تعبيره؟
اليس من العجب انه بعد المشاجرات في أمستردام طلبت إسرائيل الموافقة على ارسال طائرات لعودة الإسرائيليين المقيمين في أمستردام، وزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد (جدعون ساعر) لهولندا واستدعاء السفير الإسرائيلي في هولندا للتشاور، كما طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من نظيره الهولندي، (ديك شخوف) تعزيز الإجراءات الأمنية للجالية اليهودية.
وغيرها من الإجراءات، واقاموا الدنيا ولم يقعدوها، ولكنهم يتجاهلوا المختطفين الإسرائيليين في حماس؟ اليست المشاجرات في ملاعب كرة القدم مستمرة وطبيعية، وفيها خسائر اكثر أحيانا من قبل مشجعين من نفس الدولة كل مشجع يريد فريق دون الآخر؟ فعلام هذه الضجة عن حدث رياضي. من جهة أخرى، هل يقرأ زعماء الغرب والولايات المتحدة استطلاعات الرأي في الكيان الصهيوني ورأي الاسرائيليين بالحربين الدائرتين في غزة ولبنان؟
في استطلاعات أجرتها القناة (12) الإسرائيلية تبين ان 55% من الإسرائيليين يرون ان الحرب على غزة هي لاعتبارات سياسية ولا علاقة لها بأمن إسرائيل كما يدعي زعماء الولايات المتحدة وأوربا في زعمهم حق إسرائيل بالدفاع عن امنها القومي، وتبرير العدوان، بل الغرض منها سياسي ليبقى (النتن ياهو) في الحكم، وان 36% ادعوا استمرارها لأسباب أمنية. الأغرب منه ان نفس الاستطلاع حول الأنسب لحكم إسرائيل أشاروا بأنه (النتن ياهو)، في تناقض عجيب، وان 30% يعتقدون ان الأنسب هو لبيد او غانتس، اذن الحرب لا تتعلق بأمن اسرائيل.
الخاتمة
من يظن ان الولايات المتحدة وأوربا ترغب فعلا بوقف العدوان على غزة ولبنان كمن يبحث عن فتاة عذراء في صالة الولادات.