الفراغ الذي رأى التفاصيل

الفراغ الذي رأى التفاصيل
آخر تحديث:

أمجد ياسين
العنوان هو الطبعة الاولى لكتاب حسين البرغوثي الصادر عن دار الاهلية للنشر والتوزيع 2018. ضم ستة فصول توزعت على 117 صفحة من القطع المتوسط.الكتاب سياحة في عدد من الموضوعات الادبية والفلسفية تتخللها القضية الفلسطينية التي عجنت بكل تفاصيل “القصص”، وهو في كل هذا يبحث عن  المعرفة كما يقول. من الفصل الثالث” ذاكرة عادية في زمن غير عادي” نجتزي: ” في فيلا على حافة الحد بين القدس الشرقية والغربية، ليلا، والاضواء الصفراء (الاصفر لون الخوف) تسيل على سواد الاسفلت، في بلكون زجاجي امامه حديقة، وقف سعيد مراد (موسيقار فرقة صابرين التي كتبت اغلبية اغانيها) ويتابع: اكتب عن الشعب! قلت انظر للشارع: كل الشبابيك مغلقة، لا احد يفتح لأحد او على احد، ذرات خائفة في جحور خاصة! “الشعب” وهم، كلمة تدل على جماعة متخيلة، وتجمع كل هذه العوالم المغلقة، حيث لا يوجد لي بيت، في ركام واحد. ساسافر! هل سمعت عن طعن جنود طعنهم صبايا وشباب لا ينتمون لاي تيار؟ .
ومن فصل ” المكان المنقرض” ومن مقابلة لأدونيس اجرتها معه سلوى نعيمي ، يذكر: “ان المجتمع العربي ليس متخلفاً، بل ان تحليله لذاته متخلف، اي تحت – محلّل، حسب رأي” جاك بيرك”، ومدينة رام الله كغيرها، لم تزل تحت محللة، وتحليلها يعني استباحة نصها. انها الان تعيش زمن الابراج: ابنية معمارية وظيفية تصل ارتفاع الثمانية طوابق.”
وعن الرؤية بعين حداثوية للمكان، كتب: “بالاعين الحداثية تمكن رؤية عملية انتاج المكان هذه كمتواليات من السطوح، اي “تاريخيا” من الاقدم للاحدث فالاحدث، والتتالي هذا تفسير فيه تتراتب السطوح الواحد بعد الاخر، اي ينفرز ويتفكك حضور السطوح التجاوري الى متتاليات سطوحية مثقلة بالذاكرة والتاريخ… اما الاعين ما بعد الحداثية فتركز على تراصف وتجاور الامكنة، اي بدل ان تشدد على تاريخ المكان فترى الجغرافيا كتاريخ، تركز على الجغرافيا، فترى التاريخ كجغرافيا، ورام الله، كسطوح مفرق طرق، تقاطعات الزمان – والمكان مع الوجود في نص ملموس”.
اما فصل” وهم البداية.. شبح المكان” فيركز الكاتب على بداية الخلق وعلى الذات العاقلة التي وجد انها ذوات عاقلة متعددة، وكل واحدة منها لها وجودها وادراكاها وشكلها العيني كما في سفر التكوين .. وان هذه العقلانية خاصية تشترك بها الالهة مع غيرها من الذوات، مثل الافعى وكردوخ وابسو.. وان الشمس على سبيل المثال في الديانة الاخناتونية، اول ديانة توحيدية في التاريخ كما يرى، فيها الشمس اله اوحد، واله له ذات واعية، مفترضة في بدء الزمن الاسطوري. وعن المكان وحضوره في الاسطورة والديانات القديمة يجد الكاتب ان فصل السماء عن الارض فصل مكاني وكذلك فصل ادم عن حواء، وان عملية التوسع في الكون والخلق هي بالنتيجة توسع مكاني وتاسيس كوني للمسافات.. وان الثالوث المقدس له بدايات  قد سبقت الاب- الابن-روح القدس، فمثلث الاب الاله الملك وهي ثلاثة القاب لانليل وقد تبدو موحدة في شخص واحد، الا انها غير ذلك في العهد القديم، هي منفصلة ودمجها معا يجب ان لا يغيب وجهها المسافر بثلاثة اتجاهات. كذلك الحال في ملحمة كلكامش” الملك وثلثي اله” وهذان العالمان المختلفان الالوهية والبشرية، عالمان منفصلان، فكلكامش مفصول عن الرعية – القطيع – الناس منجهة بصفته راعيا وملكا، ومفصول ايضا عن الالهة من حيث انه ليس الها خالدا. 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *