الكتابة علاجاً

الكتابة علاجاً
آخر تحديث:

باقر صاحب
يوما بعد آخر، تتثبت لنا  فضائل الكتابة الإبداعية التي لا تحصى، فقد أدهشتنا مقالة للصحفية العلمية كلوديا هاموند، منشورة في موقع “ بي بي سي” العربي، ولنتأمل عنوان المقالة “ الكتابة عن الأوقات الصعبة تسهم في التئام الجروح”، مفاد المقالة ان الكتابة التعبيرية ، التي تنتمي نسبيا إلى الإبداع، ليست مجدية في الانقضاض على الهموم والآلام النفسية فحسب، بل لها دور جديد في التئام الجروح الجسدية.
    تتحدث المقالة  أولا عن أصل اكتشاف، يعود  إلى الأستاذ في علم النفس جيمس بينبيكر العام 1986، بأن الكتابة التعبيرية، تسهم في تقوية الجهاز المناعي، وحذا حذوه جيل من الباحثين في تطوير اكتشافه منذ ذلك الوقت ولغاية الآن .
ملخص الاكتشاف إن بينبيكر طلب من مجموعة من  طلابه الكتابة لمدة 15 دقيقة عن أكبر صدمة تعرضوا لها في حياتهم، وطلب من مجموعة أخرى الكتابة عن اشياء عادية مثلا الشجرة، استمر يطلب منهم ذلك لمدة أربعة أيام، وبعد ستة أشهر من المراقبة الصحية لهم  “اكتشف بينبيكر أن الطلاب الذين أفصحوا عن مكنون مشاعرهم عن طريق الكتابة، انخفض عدد زياراتهم إلى الأطباء في الأشهر اللاحقة بشكل لافت للنظر” عكس الطلاب الذين كتبوا  عن أشياء عادية.
الدراسات اللاحقة أثبتت  أثر الكتابة التعبيرية التي يمارسها عامة الناس على أغلب أمراضهم، لكن الأمر المثير الذي توصلت له هذه الدراسات، انه كلما هذه الكتابة متطورة الأسلوب، أو مبنية على شكل قصة، ازداد أثرها المعنوي على كتابها المرضى.
قد نستنتج من ذلك أن البشر البالغين ينبغي أن يمارسوا هذا النوع من الكتابة، طالما ابتلوا بالأمراض. وكتابة أقسى ما مروا به من صدمات وآلام، طالما أن حياة البشرية في جميع أصقاع العالم مكتظة بكوارث الحروب والطبيعة ومآسي الفقر والإذلال والحرمان. وبحسب المقالة المذكورة، أفادت حتى المصابات بسرطان الثدي، وهو من أشد أمراض العصر فتكا، من الكتابة التعبيرية، فـ “ الأعراض المزعجة التي عانين منها قد انخفضت في الأشهر اللاحقة للكتابة التعبيرية، وبالتالي انخفض أيضا عدد مرات زيارتهن للطبيب ذات الصلة بمرض السرطان”.
هنا نفيد أن النوافذ التي فتحتها  مواقع التواصل الاجتماعي، أسهمت  في انتشار الكتابة المشاعية، لأكبر عدد ممكن من البشر، إذا ما عرفنا أن عدد مستخدمي الفيسبوك، مثلا، سيصل إلى ملياري مستخدم قبل نهاية هذا العام. مانضيفه هنا – انه وفقا لذلك الاكتشاف والدراسات اللاحقة به – أن بإمكان عدد هائل من البشر،على اختلاف مستوياتهم، ومنها المستويات المتواضعة في التعليم والمستوى المعيشي، أن يفيدوا من نوافذهم في  معالجة أمراضهم والتئام جروحهم، تلك الإمكانية واردة جدا إذا ما أحسنوا تطوير أدواتهم في الكتابة يوما بعد يوم، مع التأكيد على  أن تكون المضامين عن أشد ما آلمهم في  حياتهم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *