اللحم العراقي لقمة سائغة للبزازين … بقلم نوري جاسم المياحي

اللحم العراقي لقمة سائغة للبزازين … بقلم نوري جاسم المياحي
آخر تحديث:

البغادة (سكان بغداد الاصليين ) يعجبهم استعمال الامثلة الشعبية بكثرة في حياتهم اليومية وانا احدهم فلا تستغربوا ذلك مني ..ولهذا نجدهم يحفظون الاف الامثلة والتي تلائم كل المناسبات ..واليوم ساطبق مثلين قيلت في البزون على حال العراقيين والماساة التي يعيشونها ..
المثل الاول ( لا تأمن عند البزون لحمة ) … اي لا تضع اللحم امانة عند القط لانها ستأكله حتما ..و هذا المثل واضح ولايحتاج الى شرح …
والمثل الثاني (رزق البزازين على المعثرات ) …وهذا المثل…يضرب عادة عند السرقة والاستغفال وفي حالة الكسب ( الغير مشروع ) بسبب الاهمال اما بدوافع الجهل او اللامبالاة او اللامسؤولية ..و عادة كان يضرب على مستوى العائلة …اما انا اليوم فاضربه على مستوى المجتمع العراقي وما يصيب العراقيين و ينطبق على طبيعة نظام الحكم القائم وهوية القائمين على رعاية الشعب العراقي المظلوم …
وساشرح هذ المثل الشعبي لمن لايعرفه .. الرزق هو ما يحتاجه الانسان او الحيوان لادامة الحياة ..البزون ( هي القطة وجمعها بزازين ) …المعثرات ..هو جمع للمرأة ( ربة المنزل المسؤولة عن المطبخ ) ..المهملة والتي لا تشعر بالمسؤولية أواللامبالية والتي تترك الطبخ وجبة سهلة للقطط ..
اي ان طعام القطط سهل الحصول علية اذا كانت ربة المنزل مهملة وغير حريصة او تفتقر للخبرة والتجربة …
اليوم وقفت افكر طويلا لما يحدث للمواطن من معاناة وماسي ..فقبل السقوط والاحتلال كان عندنا العراق وحكومة وفيها جيش واجهزة امنية ودوائر خدمية كالكهرباء والماء و الغاز والكاز وصناعة الادوية والسمنت والسماد وغيرها الكثير ولاسيما في التصنيع العسكري و بدالات هاتف ارضي وباصات نقل الركاب والصحة والتعليم وجيش مدرب مهني وكذلك الاجهزة الامنية وسياسة خارجية رصينة ومحترمة ويحسب العالم لها الف حساب وحدود مصانة لا يخترقها طير اوغراب ولا جاسوس او مخرب ارهابي ..كل هذه كانت موجودة واهمها مفردات البطاقة التموينية التي تشمل 14 مادة ..
قد يدعي البعض ان الحكم كان ديكتاتوري وقمعي وظالم وجائر … وانا لا انكر ذلك …وقد يدعي البعض انه كان هناك حزب واحد واسمه حزب البعث العربي الاشتراكي …مسيطر على كل مرافق الدولة والحكومة …وانا ايضا أقر بذلك ولا انكره …ولكن يجب ان نقر ونعترف وللتاريخ … أن عدد من قتل واعدم وشرد وظلم ( ماعدا الذين قتلوا اثناء الحروب العبثية ) وخربت بيوتهم طيلة 35 سنة لايمثلون عشر ما اصاب العائلة العراقية خلال السنوت العشرةالماضية …
وان كل من عمل او اشغل منصبا حكوميا كان خبيرا مجربا متدرجا في السلم الوظيفي …هذا ماكان سائدا ( على الاقل ) في 95% من مناصب الدولة الادارية والمهنية والفنية … ولهذا كانت الدولة العراقية ماشية مثل الساعة …كما يقول المثل …والموظف (يمشي على العجين وما يلخبطوش ) كقول المثل المصري …اما الخائن والفاسد والمرتشي …فتاكدوا ان حسابه في الدنيا سريع وفي لاخرة اسرع ..والادلة على ذلك لاتعد ولا تحصى ..فمن كان يجرأ على غش قوت الشعب ؟؟؟؟
اما 5 نسبة % من موظفي الدولة الباقين …وربما هذه النسبة قد بالغت بها كي أرضي اعداء نظام الحكم الصدامي البعثي .. فهذه النسبة كان يشغلها اقرباء صدام ( كعدي وقصي وعلي كيمياوي او اخوته او ااقرباءه ) أو من مريديه والموالين له من قيادات البعث …وللاسف كان كل هؤلاء كان يرددون ما يقوله صدام …كفرقة انشاد او جوقة موسيقية ..و اليوم يوجدعندنا اضعاف عدد هؤلاء موجودين في فرق الانشااد الدينية المتعددة ويرددون نفس ما يقوله رئيس الكتلة المقلدين لها ..
وهنا وللامانة التاريخية ولمن لم يعاصر حكم صدام الدموي (كما يعجب البعض وصفه )…كان المواطن العادي المستور كما نسميه والذي ماعنده شغلة بالسياسة يعيش بامن وسلام وطمأنينة على شرط واحد هو ان لايقترب من النظام الصدامي او حزب البعث ..قيد انملة ..وان خالف هذا الشرط يذهب بتسعين داهية هو وعائلته ولا تجد له اثر اوخبر يذكر ..
ما اكتبه ليس مدحا ولاذما لاحد وانما للمقارنة بين الامس واليوم ووصف لواقع حال لنظام عشناه 35 سنة كنا نعتبرها مريرة في حينها اما اليوم فبدأنا نترحم عليه ليس الترحم على صدام و حزب البعث وانما على الامن والامان والاستقرار والاعتزاز بكرامتنا وبعراقيتنا .. وبالرغم من اعتراضنا الخفي والمكبوت انذاك على نظام الحكم الديكتاتوري والقمعي .. واقولها بصراحة …كنا نتقبل ذلك الواقع منطلقين من القول المأثور والمعروف (قبل اليد التي لاتستطيع قطعها ) .. ولكن وبصراحة ..نا نمشي جنب الحائط بهدوء وقناعة وامان .. لا احد تحارش بنا ولا نحن تحارشناا باحد …ولهذا لم ننكب بفقدان أولادنا كما حدث في هذا العهد المشؤوم وبلا ذنب ارتكبوه …
ومنذ اكثر من عشر سنوات …وقع التغيير على ايدي المحتليين الامريكان والبريطانيين …وغالبية العراقيين فرحوا بذلك في بداية الامر …حيث تحقق الحلم وتخلصوا من الديكتاتور وحزبه وحلموا بجنة الديمقراطية والحرية الموعودة …
من الجدير بالذكر والتذكر ..لقد قامت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا بتجميع البزازين (المقصود هنا عملاءها ) والتي اصولها عراقية والذين يحملون الجنسية الامريكية والبريطانية وبقية الجنسيات بما فيها الايرانية ودربتهم تدريب خاص وتعاقدت معهم بعقود لمدد محددة ..ولبناء عراق ديمقراطي حضاري حر واعتمدت عليهم …وسلمتهم اللحمة والشحمة العراقية .. وبالتجربة والواقع اثبتوا هؤلاء للعالم اجمع أنه لا يوجد احرص منهم على خيانة الامانة التي استلموها من الامريكان والبريطانين ..فاكلوا اللحم وتمزمزوا بالشحم …وحتى العظم مصمصوه…والغريب …ان شعبنا كان ولا يزال يتفرج ولا يحرك ساكن وغير مبالي وكانه نائم او مخدر …
فان كانت الحصة التموينية مسمومة او فاسدة فهو راضي ولا يعترض وان يقتل هووعائلته بتفجير ارهابي فهذا قضاء وقدر ..وان طرد من داره ومنطقته وربما حتى من مدينته فاللوم يلقى على الطائفيين …المساجد والجوامع تفجر وهي تعج بالمصلين ..مؤامرة من دول الجوار …ألاف السجناء تهرب …اللوم يرمى على الخرق الامني والرشوة والفسا د …نجد رئيس الوزراء يمسك بكل مفاصل الامن والسلطة…فهذا نعمة وليس ديكتاتور .. القضاء والقوانين غائبة وفي خبر كان ..وفي البلد بدل الدكتاتورالواحد ..اصبح عندنا عشرين ..وبدل الحزب الواحد اصبح عندنا عشرة احزاب (حيتان رئيسية ) ومئات من الاحزاب الصغيرة (زوري )عايشة على فتات الحيتان …والمواطن حائر مثل الاطرش بالزفة ..
كلنا نعرف ان الذي كان يتحارش بصدام يعدم …ولكن اليوم اصبح الاعدام بكاتمات الصوت يوميا وبالشوارع ظاهرة عادية وفي بعض الاحيان على الهوية كما حدث قبل يومين15 سائق شاحنة في طريق كركوك اعدموا بدم بارد وبلا سبب ؟؟؟ ولا احداحتج او تظاهر ؟؟ و تسمع يوميا حتى العوائل كاملة ببيوتها تعدم وتقتل وحتى الاطفال لايسلمون من الاعدام ..وبلا سبب معروف سوى خلق الرعب بين الناس …ولا احديحرك ساكن
لماذا يعدم بدم بارد …العالم والطبيب والطبيبة واستاذ الجامعة والصحفي والمثقف …والتاجر والسائق وحتى الحلاق ..لماذا وباي ذنب يقتلون ؟؟؟
السبب بنظري الشخصي …البزازين العراقية التي جاءت مع الاحتلال …لاهم لها سوى اكل اللحم والشحم ومصمصمة العظام ..ولايهمهم ان الشعب العراقي مات او عاش ؟؟ ان اكل اوجاع ؟؟ ان امن او خاف ؟؟؟ المهم منافعهم …ولكم في مجلس النواب العراقي نموذج حي ..قبل يومين اعلن مليارات الدنانير لشراء بايسكلات وسيارات وملابس ومخصصات ترفيه وايفادات ؟؟ والشعب يتلوى من الغلاء وسوء الخدمات ؟؟؟ تسمع بالقصور الفارهة في عواصم العالم يمتلكونها ..وملايين العراقيين يعيشون في العشوائيات والصرائف والعراء…
والغريب …ان احزابهم ركبت مطية التدين والورع والتقوى …وخدعوا بسطاء الموأطنين بسلوكهم المفضوح والى درجة بدأ يشكك حتى في الاسلام والتعاليم الاسلامية ..
كم اتمنى ان دول الاحتلال ان تسترجع بزازينها العراقية الاصل وتستبدلها ببزازين حتى لوكانت من اصولهم …ترحمنا وتراعي انسانيتنا وحتى لوكانت من اصول غير عراقية .. بزازين على الاقل عندها مخافة الله وانسانية ورحومة …تاكل بعض اللحم وتترك البقية للعراقين مع الشحم ومصمصة العظم
انا ادري وكالعادة ..أنصار النظام الحالي من اتباع الاحزاب الدينية الحاكمة …سيتهمونني باني بعثي وصدامي … واقسم لكم بأغلظ الايمان …انني عراقي فقط احب العراق واهله …وقلبي يقطر دما ..عندما اسمع خبر ..قتل اي عراقي مهما كان دينه أوقوميته .. لا لشيء الا لكونه عراقي من دمي ولحمي …ليس الا … وانا أتألم عندما اشاهد السيناريو الخطير لتغطية فضيحة هروب الاف السجناء وبشكل مثير للاشمئزاز والقلق مما قد يحدث مستقبلا …فهم لا يمتلكون الشجاعة الى درجة حتى اعداد السجناء الحقيقية لم تعلن .. ومحاولة الجميع الهاء المواطن بقضايا ثانوية ..كافتعال المعارك التمويهيه والتمثيلية بين رؤساء الكتل المتحالفة …اواثارة مواقف تشنجية طائفية .. وما ظاهرة الصلاة الموحدة كل جمعة الا احداها و كذلك اثارة قانون العفو أو فضح ميزانية مجلس النواب ..و كلها من باب الضحك على الذقون ..
قد لايتفق معي اتباع الاحزاب الدينية فيما اعتقد …انما يحدث للاخوان المسلمين في مصر وسوريا وتونس واليوم اعلنوا عملية هروب لالف سجين ليبي من سجن بنغازي والهجوم على مقر حزب الاخوان …واعتبار الجناح العسكري لحزب الله ..ارهابي ..ارى في كل ذلك …لف الحبل على عنق الاحزاب الدينية .. لخنقها ..
ومن المؤلم ان احس ان ما يخطط لشعب العراق خطير للغاية وسيغرقه في بحار من الدم..وبنفس الوقت الاحظ ساسة وقادة الكتل بتوافه الامور لاهون …وبمواقفهم قانعون ..وباللامبالاة سابغون ..وانا لله وقوته وحوله راجعون
اللهم احفظ العراق واهله …اينما حلو او ارتحلوا
e-mail- [email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *