الله ومقتدى والاصلاح – ٢

الله ومقتدى والاصلاح – ٢
آخر تحديث:

 

  حسن متعب 

بعد استراحة قصيرة، نهض خلالها مضيفي وهو احد قادة الكتل السياسية كما اخبرتكم سابقا، وتمشى في الغرفة مستأذنا من ان تلك توصيات طبيبه الخاص بسبب الام الظهر التي تؤرقه وتحرمه النوم احيانا، غير انه طلب مني عدم التوقف وان بامكاننا مواصلة الحديث.. فسالته عن ما سيجري بعد ان اعلن الصدر اعتكافه، وهل هذا يعني انه تخلى عن مهمته وعن اتباعه؟.. ضحك مضيفي وقال:

* ترى اين سيعتكف، في الحنانة، ام في لبنان ام في ايران؟.. عليك ان تتعلم ان لاتصدق كل ما يقوله مقتدى، انا اعتقد انه سيسافر الى ايران او لبنان وفي الحالتين فهو في حضن الثعبان، قبل اسبوع قال ان كتلة الاحرار لاتمثلني ولا امثلها، ثم امرهم بالاعتصام مع النواب المعتصمين، وفي اليوم التالي امرهم بالانسحاب، وهكذا تناقضات متواصلة لايمكن عدها ويسهل نسيانها، ولكن نحن نعرف ان كل تحركاته تصب في مصلحتنا، ونحن مطمئنون تماما من ان كل ما يفعله هو خدمة لنا، واعلانه الاعتكاف ليس سوى وسيلة تهديد جديدة مفادها اني ساترك اتباعي تتصرف على هواها وذلك يعني خطرا غير محمود او معروف العواقب، انه يقول للجميع اذا كانت اميركا وايران تتمكنان من السيطرة علىيَّ شخصيا فانهما لاتستيطعان السيطرة على اتباعي، وهذا اسلوب الابتزاز المكشوف للحصول على مكاسب من الجهتين..

* كيف يسافر الى ايران واتباعه يرددون: ايران بره بره..؟

* الصدر عبارة عن تناقضات، ولكن هذه المسالة ايضا فيها احتمالات، فنحن لايجب ان نتوقف عند احكام دائمة ومسبقة وحين اقول اننا مطمئنون منه فلا يعني هذا اننا يجب ان لا نراقب ما يجري، والاحتمالات تقول اما ان الصدر قد امرهم فعلا لهدف يتعلق بما يمكن الحصول عليه من ايران وهذا مرتبط ايضا باعلانه الاعتكاف، او ان اتباع الصدر قد رددوا هذا الشعار دون علمه وهذا امر ممكن ولكن يصعب تصديقه، ليس لانهم يتصرفون احيانا خارج ارادته، بل لان اتباع الصدر لو كانوا يكرهون ايران وسيطرتها على القرار ويريدون بغداد حرة الى هذه الدرجة، لما تناسوا نصرهم عليها عام 1988، ولاحتفلوا به كاي شعب يعتز بتاريخه وبانجازاته العظيمة، ولكن والغريب ايضا ان سنة العراق مثل شيعته نسوا وتناسوا ماحدث لمدة ثمان سنوات، نسوا تاريخهم ونسوا شهداءهم ونسوا نصرهم الكبير، ونسوا ايضا ان سبب تدخل ايران في العراق واحكام سيطرتها عليه هو للتخلص من عقدة الذل والعار التي لحقت بها يوم خسرت الحرب مع العراق، ايران تريد الثأر من العراق بكل مكوناته، فشيعة العراق كانوا مقاتلين اشداء في حرب الثمانينات ضد ايران، والسنة والكرد ايضا، وانتصار العراق في الحرب جعل ايران ذليلة وولد شعورا لدى الايرانيين ان ليس من طريق لتناسي ذلك العار الا بجعل العراق بلدا هزيلا لايقوى حتى على التقاط انفاسه فيما تواصل هي التقدم والتطور والسيطرة عليه في نفس الوقت، ايران لم تنس

هزيمتها وتريد التعويض عنها بسحق العراق وتدميره، واميركا هي المستفيدة الاكبر فبقاء العراق على هذا الحال يحفظ لها التواجد في المنطقة والتلاعب بمصيرها والسيطرة على ثرواتها،

* ها انت تفهم الامور بكل وضوح، فما هو دوركم اذن واين الوطن في كل هذا، والى اين نحن ماضون؟..

صمت مضيفي لحظة، ورأيت في وجهه ملامح حزن حاول ان يداريها حين تناول سيكارا كوبيا فاخرا ، وبيد مرتجفة ازال غلافه الشفاف، ثم مد يده ليتناول الة صغيرة مخصصة لقطع راس السيكار ثم اشعله وسحب نفسا عميقا جدا، ثم عاد الى كرسيه الهزاز واسند ظهره عليه فرجع الى الوراء حتى شعرت انه سيسقط لولا انه دفع بجسده الى الامام ليتكأ على المكتب قائلا:

* نحن واقصد الزعامات السياسية وقادة الكتل، كالعاهرات اللواتي ندمن على عهرهن غير ان ليس باستطاعتهن التوقف، لم يعد بامكاننا ان نغضب سماسرتنا، فمصيرنا حينئذ هو الاهمال او الاغتيال كما حدث لبهاء وللجلبي، ولم يعد بامكاننا الحصول على ثقة الناس، فنحن بنظرهم مجرد سراق لصوص، تخيل لو انني اليوم انادي بالتغيير والاصلاح حقا، هل سيصدقني احد، هل ستقف معي الجماهير بعد ان اتهموني كغيري من قادة الكتل بالفساد وما الى ذلك، ولك في اعتصام البرلمانيين ورغبتهم في انهاء المحاصصة وتغيير الرئاسات الثلاث عبرة، فرغم ان الكثير منهم كان صادقا وحالما بالتغيير، ولكن الناس لم تصدقهم؟.. الناس ينظرون الينا كلصوص وفاسدين، لذلك لم يعد لنا ثمة طريقا للعودة، طريقنا الان كطريق العاهرات كما قلت لك اما الانتحار او المضي في السقوط الى ما لانهاية .. قلت متسرعا:

* هاهي الناس تقف مع مقتدى الصدر ظنا منها انه سيحقق الاصلاح والتغيير، فلماذا لايقفون معك؟..

* قلت لك ان لا احد لديه سحر مقتدى، انه ظاهرة متفردة، هل تعلم ان مقتدى هو الوحيد الذي لايصرف الاموال على اتباعه، هو يعطي الكثير للمقربين منه، ولكن ليس للاتباع الذين شاهدتهم معتصمين في ساحة التحرير، بل على العكس هو الوحيد الذي بامكانه ان يجمع الاموال من اتباعه المعتصمين بكل يسر وباي حجة ولكنه طبعا لم يفعل لحد الان..

يتبع

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *