فضح إستفتاء كردستان العراق ،خطرالأستراتيجية الامريكية في العراق، في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش الارهابي ،وما تفجير الأزمة بين حكومة العبادي والاقليم، إلا إحدى مظاهر هذه الاستراتيجية ، وبقاء الادارة الامريكية في موقف المتفرج لحين إجراء الاستفتاء وما بعده مع إعلان خجول قبل الاستفتاء من وزارة الخارجية الامريكية ،تقول فيه( أن الاستفتاء يؤثر على سير المعارك ضد داعش وهو في الوقت الخطأ نفضل التريث في إجرائه وتأجيله)، وهو مؤشر واضح على إصرار الادارة الامريكية، على أدخال العراق في فوضى الحرب الاهلية ،ما بعد داعش كما خططت لها ،وهي الحرب الشيعية- الكردية ،والحرب الشيعية- الشيعية ،ومن ثم الحرب على ميليشيات إيران في العراق تمهيدا لقصقصة أجنحتها في المنطقة ،وتحجيم الدور الايراني وانهاؤه تماما ،أو إعلان الحرب عليها (وهو الارجح) في المرحلة المنظور المقبلة ،وكما هو معلن أمريكيا أن عام 2017 هو عام القضاء على تنظيم داعش،وعام 2018 هو عام تغيير النظام الايراني، إما من الداخل (دعم مجاهدي خلق)وبقية المعارضة مع إعلان دولة الاحواز العربية ، أو من الخارج بتحالف دولي تقوده أمريكا واوروبا ،كما حصل في إسقاط النظام الوطني العراقي عام 2003 بغزو واحتلال غاشم ،هذه هي الاستراتيجية الامريكية في مرحلة ما بعد داعش،في منطقة الشرق الاوسط ،وهناك مؤشرات واضحة على تنفيذها الآن ، منها ما يتعلق في الاوضاع في سوريا ،وانهاء الحرب هناك بالتنسيق مع روسيا ،وتقاسم النفوذ معها،وقد تحقق النصر على داعش، والتوصل الى هدنة وسلام وانهاء الحرب مع النظام ،مع كل فصائل المعارضة عدا النصرة وداعش ،بمشاركة امريكية عسكرية جوية واضحة واساسية في معركة الرقة ،لكن في العراق ، الأمر مختلف تماما ،لان الصراع معقد جدا بين أطراف الصراع ،ولكن من الواضح ،أن معركة امريكا في العراق هي مع أيران وأذرعها ،ولهذا نرى استراتيجية ترمب في العراق،هي لعبة القط والفأر، فتارة تدعم الميليشيات الايرانية، التي تقاتل مع الحشد الشعبي ضد داعش ،وتزودهم بالسلاح والمستشارين والغطاء الجوي، ومرة تصف قادة الميليشيات (بالارهابيين)،وتقصف حشودهم ،وهكذا لعبتها الان مع أزمة استفتاء كردستان ،وحرب الاقليم مع بغداد ، فخلال معركة كركوك ،كان الموقف الامريكي(صامتا)، حيث أعلن رئيس الاقليم بكل وضوح أن سبب إنسحاب قوات البشمركة من كركوك ،هو مشاركة الحرس الثوري الايراني وميليشيات ايران بقيادة قاسم سليماني ،إضافة الى (الخيانة العظمى لبعض أعضاء الاتحاد الوطني الكردستاني) ، وتحديدا بعض ابناء زعيم الحزب جلال طالباني، وهو ما سرى على بقية الاراضي المسماة متنازع عليها وتسيطر عليها قوات البشمركة من سنوات الاحتلال، وقسم منها شهد معارك مع داعش تم طرده منها ، مثل اقضية بعشيقة والحمدانية وتلكيف وبرطلة وتللسقف وغيرها، لذلك اطلق رئيس الاقليم مقولته المشهورة( حدود الدم)،وهكذا تم إعادة هذه النواحي والاقضية بمعارك مع الجيش العراقي والحشد الشعبي، كما حصل في معارك كركوك والتون كوبري ومخمور وزمار وربيعة وأطرافها وجلولاء وخانقين وغيرها، وهذه هي بداية الحرب الشيعية –الكردية التي حذرنها منها بعد معركة الموصل مباشرة،وبعد وصول المفاوضات بين الاقليم والعبادي الى طريق مسدود،حول الغاء الاستفتاء الذي تصر عليه بغداد ،وعناد الاقليم بالتمسك بنتائج الاستفتاء وما ينتج عنه حتى لو كان الحرب كما قال رئيس الاقليم السيد مسعود البرازاني( نفضل الجبل على الغاء الاستفتاء)،وهو ما حصل بعد هذا الكلام من معارك، وكانت ادارة الرئيس ترمب ساكتة كل فترة المعارك بين الاقليم وبغداد، دون أن نرى لها موقفا واضحا وحاسما وضاغطا على الطرفين، يوقف نزيف الدم ،ويطفيء حربا أهلية داخلية، تؤججها وتدعمها دول اقليمية لصالح أجندتها ومشاريعها ومصالحها التاريخية في العراق، وهي فرصة قد لاتتكرر بعد الآن،حتى وصلت المفاوضات طريقا مسدودا في مفاوضات (القصور بالموصل)، بين الاقليم وبغداد،برز الموقف الامريكي ، واللعبة الامريكية في أزمة الاستفتاء، وربما المخطط لها امريكا،(علما أنرئيس الاقليم إنتقد بشدة موقف ادارة ترمب من أزمة الاستفتاء) وقال (أن أمريكا خذلت الاكراد ،وتخلت عنهم) ،في إشارة الى دعم الرئيس ترمب لادارة العبادي ومواقفه الحازمة تجاه الاستفتاء،و(دعم الادارة على وحدة العراق وسيادته، وإن أمريكا تفضل الحل ،عبر الحوار وضمن الدستور وضمان وحدة العراق)، ولكن ادارة ترمب غيرت مسار اللعبة وقواعدها، قلبت الامور رأسا على عقب فغيرت موقفها لصالح الاقليم ،بعد أن تيقنت أن الحشد الشعبي وميليشيات إيران وقاسم سليماني وبغداد مصممين على الذهاب الى النهاية في حربهم مع رئيس الاقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني وقوات البشمركة، وأصبحت المعاركة على أبواب اربيل ودهوك ،لاجتياحهما بحجة السيطرة على المعابر والمنافذ الحدودية والمطارات وبسط سيادة الدولة على جميع الاقليم وحدوده مع ايران وتركيا، تنفيذا لقرارات البرلمان العراقي والحكومة العراقية ودعم الدول الاقليمية التي (رقصت بجفية)، لهذه القرارات التي تتيح لها ،التدخل المباشر في الشئوون العراقية ،كدعم وإسناد لحكومة العبادي، فأعلنت واشنطن عن قرارها وعودتها لدعم الاقليم ،
بإقتراح حل الازمة ،وهو إجتراح حلول ترقيعية،(السيطرة المشتركة على المطارات والمعابر والحدود وتقاسم النفوذ مع الاقليم في المناطق المتنازع عليها)، والذي رفضته بغداد جملة وتفصيلا وقالت أن الاقليم نكث الاتفاق السابق، بعد تغيير الموقف الامريكي لصالح الاقليم في إنتقاد عراقي لإدارة ترمب وتعاملها المزدوج للازمة ، مما أعاد القضية الى المربع الاول ، فجاءت مباحثات القصور الرئاسية بالموصل ثانية دون التوصل الى حلول ،في وقت وصلت الحشود الى أعلى مديات الخطورة في قواطع العمليات في زمار واطراف اربيل من جهة كركوك التون كوبري،مما ينذر بحرب وشيكة إذ ما فشلت المساعي الامريكية في مفاوضات الامس، نحن نرى أن الحرب التي تصر عليها، وتدعمها جهات إقليمية ودولية ،بين الكرد والشيعة، هي نتاج لعبة دولية وإقليمية وداخلية ، لتنفيذ أجندات خاصة بها،وما دخول ادارة ترمب على الازمة ،إلآ مؤشر على خطورة الموقف على مصالحها، وخوفها من فشل استراتيجيتها بعد داعش، وربما هي خطة متفق عليها لتقويض مشروع ايران في العراق، وتوريطها في الانغماس في المستنقع العراقي، الذي غرق فيه الجميع، وما إشراف امريكا على مفاوضات الاقليم وبغداد إلا حقيقة لحراجة الموقف الامريكي ، وتهديد لإستراتيجيته بعد داعش، ومن جهة أخرى ، هو فرصة لايهام الاطراف كلها بقوة النفوذ الامريكي، ومسك الادارة الامريكية بجميع مفاتيح اللعبة في الشرق الاوسط، وإن التغييرات الاستراتيجية الجذرية بعد داعش تسير على وفق ما مخطط له ، وما تصعيد الخطاب الامريكي ،ضد إيران والتهديدات الامريكية بالغاء الاتفاق وفرض حصار بري وجوي وبحري وجعل الحرس الثوري وحزب الله منظمات ارهابية إلا مقدمة لاعلان حرب طويلة الامد ضد إيران وأذرعها في المنطقة، واستقالة سعد الحرير رئيس وزراء لبنان تدخل في مسار اللعبة الامريكية والحرب المرتقبة ضد ايران وحزب الله والحوثيين والميليشيات الايرانية في العراق،والذي تؤكده الوقائع على الارض، وهكذا تغير امريكا من قواعد اللعبة تماشيا مع استراتيجيتها على الارض ، واللعبة الامريكية في الازمة العراقية ،دليل على مضي ادارة الرئيس ترمب في تنفيذها بحذافيرها في مرحلة ما بعد داعش ، والاستفتاء أحد ادوات امريكا في توريط الاخرين به،ومن نتائجه الكارثية هي الحرب الشيعية –الكردية التي خططت لها ودعمتها دول الجوار، والتي نراها اليوم متجسدة في الشحن الطائفي، وتأجيج الكراهية بين الكرد والشيعة ، عن طريق الفضائيات الطائفية التي تدعمها إيران وما أكثرها،وإطلاق تهديدات لاجتياح الاقليم وإخضاعه لسلطة الدولة بالقوة،وليس بالحوار والتفاهم والتفاوض ،والركون لدستور كتبته أحزاب السلطة نفسها، وتخرقه يوميا لمصالحها الحزبية الضيقة،والتي أدخلت البلاد في اتون الخراب والحرب والدمار الذي حل بالعراق ، وهذا ما فعلت أيديهم ،يجنونه الان بحروب عبثية ترسخ ،للطائفية والعنصرية والكراهية بين طوائف الشعب العراقي ،وقومياته ومذاهبه ، الازمة العراقية فضحت هشاشة العلاقة ،وفشلها بين الاحزاب الطائفية والقومية ،في إدارة السلطة في العراق ، وهي إحدى إنجازات الفوضى الخلاقة الامريكية بعد الاحتلال ،ولعبة الاستفتاء وتوريط الاقليم بها ، هذا الوجه البشع للعبة الامريكية في العراق ،والقادم أدهى وأمرّ وأنكس ….