المالكي في ضيافة خامنئي بقلم جعفر المظفر

المالكي في ضيافة خامنئي بقلم  جعفر المظفر
آخر تحديث:

بينما تحتدم تظاهرات الشعب العراقي ضد الفساد والتخريب السياسي, وضد رموز هذا التخريب التي يقف في مقدمتها المالكي الذي حكم العراق لثمان سنوات فأدخله في أتون نار جهنم ولم ينزل من كرسي الحكم إلا على أسنة الرماح, وبعد أن تمت تنحيته من منصبه الرسمي كنائب لرئيس الجمهورية في واحدة من الإجراءات التي لا بد أن تمر منها عملية الإصلاح, وجهت إيران خامنئي دعوة رسمية له لزيارتها هدفها التضامن معه بما يعني وقوفها ضد الإصلاح مثلما يعني مواصلتها لسياسة التدخل بالشأن العراقي الداخلي والإستهانة بإرادة شعبه والإستخفاف بإرادته المستقلة. لسنا الآن في معرض الحديث إنجازات المالكي التي يعجز الشيطان عن تنفيذ نصفها إذ أن من الممكن إستذكار أبرزها من خلال مذكرة القاضي رحيم العكيلي التي طالب فيها بمحاكة المالكي جراء الآثام الكبيرة التي إرتكبها في سنوات حكمه لكننا نجد أن التعبير الموجز لتوصيفه إعتمادا على إنجازاته التاريخية سيذكر عنه أنه الرجل الذي غلب الشيطان, والمخلوق الذي يستحق أن يحتل مقاما رفيعا في كتاب جينيس للإرقام القياسية عن دوره في تفتيت المجتمع العراقي وإشاعة الفساد وتعميق الطائفية وتسليم ثلث البلد لداعش الإرهابية. إن المالكي يستحق دون أدنى شك الإستقبال الكبير الذي ستقيمه إيران له, ولو كنت مكان خامنئي لوعدته بإستقبال أكبر أبدأه بفرش الورود من أمام سلم الطائرة إلى حيث مكان إقامته في طهران, ولأحطت كتفه وخاصرته بوسام إيران من الدرجة العظمى ولمنحت الشعب الإيراني بمناسبة مقدمه عطلة ثلاثة أيام حافلة بكل مظاهر الفرح والغبطة والسعادة, فالمخلوق القادم إليهم هو الذي إستطاع بجدارة أن يحقق لإيران ما عجز أن يحققه لها جيشها وحرسها الثوري طيلة ثمانية سنوات من الحرب الدامية الضروس. فها هو العراق الذي إستعصى على إيران فتح بواباته وهو يكابد مآس ليس من الصعب تعدادها وتوصيفها وترتفع في ساحاته صور خميني وخامنئي منبئة عن وقوعه تحت الإحتلال الإيراني وخضوعه سياسيا, وحتى إجتماعيا وإقتصاديا وثقافيا, لدولة الفقيه الإيراني وللثقافة الصفوية التي تدعوه إلى قصر نشاطاته على مواكب اللطم والزنجلة والتطبير. ولعلي من بين أعظم الفرحين بهذه الزيارة والمباركين لها والداعين إلى تعظيمها, فالزيارة نفسها وكل ما قاله خامنئي وأجهزته الإعلامية للترحيب بصاحبها هي تأكيد واضح على ما كنا نقوله حول الدور الإيراني في تحطيم العراق وتحويله إلى مستعمرة يتجول فيها الجنرال سليماني كيفما يشاء وأينما يشاء ووقت ما يشاء, إضافة إلى كونها فضيحة بكل المقاييس التي تدعو إلى الإلتزام نظريا على الأقل بعدم التخل في الشان الداخلي للدول المجاورة وبخاصة في اوقات الشدة والمحنة , وبخاصة وهي تأتي مباشرة بعد إقالة المالكي من وظيفته وكل ما تعنيه تلك الإستقالة من إدانة له وتأكيد على دوره التخريبي العصي على الوصف. أما المشهد الذي يتوجب الوقوف أمامه أيضا فهو ذلك الذي يتضمن إشادة خامنئي بالدور البطولي الذي لعبه المالكي بشأن حماية ما يسمى بجبهة الممانعة التي تقودها إيران ضد العدو الصهيوني والتي من أهم مكوناتها, إضافة إلى إيران المتزعمة هو العراق وسوريا وحزب الله اللبناني. إذ هو خامنئي إذن يعيد علينا نفس الخدعة التي طالما إتقنتها الأنظمة العربية وهي تستغفلنا تحت رايات تحرير فلسطين حتى كأنه يريد بتاكيده هذا على أن يدفع بالعراقيين والسوريين واللبنانين إلى كره كل ما يمت إلى فلسطين بصلة لأن النضال من أجل إعادتها صار يقتضي تقديم سوريا والعراق ولبنان هدية للأطماع الإيرانية. ويبقى ان نقول أن على العراقيين, وفي مقدمتهم السيد العبادي نفسه, أن يبدوا مزيدا من الحذر, فالدعوة الإيرانية للمالكي تعني رفض إيران لعملية الإصلاح أصلا, ورفضها أيضا لخطوة إقالة بطلها المالكي من منصبه, مثلما نستطيع أن نقرأ فيها بكل وضوح أن إيران لن تسكت مطلقا على ما سيحدث في العراق وهي سوف لن تتردد عن إعادة المالكي إلى العرش الذي فقده لكي يُتِّم بقية إنجازاته العظمى على طريق إنهاء العراق وطنا وشعب. لكن السيد خامنئي لم يتركنا نخرج دون أن يسمعنا آخر نكاته إذ ها هو يختتم خطاب الترحيب بالبطل المالكي من خلال تذكيرنا بأنه الرجل الذي قبل طواعية التخلي عن منصبه من أجل تكريس العملية الديمقراطية ومنع الإحتراب. ومن لا يصدق منكم حكاية خامنئي أو يتعجب منها فإن عليه الإستمتاع بالفلم الذي بثته قناة الراي التابعة للمالكي الخاص بالدعوة الإيرانية وحتى نهايته, مع نصيحة بعدم إصطحاب الأطفال لكي لا ينشئوا وفي عقولهم وقلوبهم كراهية مفتوحة لأصحاب العمائم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *