المتقاعدون هم أصحاب الفضل على الحكومات المتعاقبة بما قدموه من جهد خلال مدة خدماتهم ، وبما وفروه من أموال الرواتب التقاعدية لما بعد إنتهاء تلك الخدمات آمنين ، ويرفضون صدقات حكومات الطارئين ، وعليهم مع فشلهم وفسادهم معرفة ما يتطلبه الإيضاح ، بأن البحث المهني لإستحقاقات مقادير الرواتب الوظيفية والتقاعدية ، يستوجب الفهم الدقيق لإستخدام آليات تحديدهما ، في ضوء المقاييس الهادفة إلى تأمين الحاجيات الأساسية والإنسانية لشريحة واسعة من المواطنيـن ، الذين أصبحوا وأمسوا ضحيـة توجهات سياسية قاتلة لأبسط طموحات المخلوقين ، بعد أن إستنزفت قوى الجهل إقتصاديات الأمة وعوامل نهضتها ، وحرمتها من مقومات العيش الآمـن والرغيد ، بما لا يمكن وصفه مقارنة بما تمتلكه الشعوب من ثروات بشرية وإقتصادية هائلة ، ضاعت نتيجة سوء الإدارة والإستخدام الرشيد ، حتى وصلت بهم الحال إلى أدنى مستويات التدهور المهين ، الذي يصعب معالجته في وقت قصير ، لإنعدام الإستعداد ليوم تنتهي فيه خدمات الموظفين مستبشرين ، وإذا بهم أمام راتب تقاعدي بائس لا يكفي لتأمين قوت عيال أو سد رمق جياع منتظرين ، وتلك أفضل صور نهاية الحياة الوظيفية المتوجة بغار وإكليل النزاهة التي يفتقر إليها الكثيرون ، إن لم يخرج العاملون من هذه وغيرها خالية أيديهم لا يملكون شروى نقير . وغيرهم غارقون في التمتع برواتب السحت الحرام الذي حلله المنافقون والإنتهازيون من الحزبيين والسياسيون ؟!، بفعل عوامل أغطية الخبث التي بها يلتحفون ، المتجسدة في واحدة من أبشع وأخس صور الإنتقام التي إستخدمها حثالة من البهائم ، بالحرب المباشرة والمعلنة بقطع أرزاق ثلة من المخلصين .
ففي سنين الحرب العراقية الإيرانية والحصار الإقتصادي الجائر على العراقيين ، تم توجه العاملين في القطاع الحكومي العام إلى القطاع الخاص ، لتأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم ، تاركين الوظيفة وما فيها على وفق مقدرات فرضتها ظروف الحال بعد سنين ، إلى حين جاء الإحتلال ومعه إغراءات جدول الرواتب لسنة 2003 ، حيث أصبحت مقادير الرواتب بالآلاف بدلا من مئاتها بالدنانير ، فسارع البعض للعودة إلى الوظيفة ، وبقي قسم من المتقاعدين خارج إطارها الجديد ؟، حتى صدر قانون التقاعد رقم (27) لسنة 2006 النافذ إعتبارا من 17/1/2006 ، ليقرر حسب نص المادة (7/أولا ) منه ، أن ( يحتسب الراتب التقاعدي على أساس ( 55% ) من الراتب الوظيفي الأخير للموظف المتقاعد ، إذا كانت خدمته الفعلية (15) سنه . ويزداد الراتب التقاعدي عن كل سنة من خدمته التقاعدية بنسبة (1,75% ) من الراتب الوظيفي المذكور) . ولأن في ذلك من الغبن الفاحش عند احتساب الراتب التقاعدي ، فقد عدلت المادة المذكورة بموجب القانون رقم (69) لسنة 2007 بنص لا يشمل به إلا القليل جدا ، حيث :-
أولا – يحتسب الراتب التقاعدي للموظف على أساس نسبة تراكمية مقدارها (2,5%) من معدل الراتب الوظيفي في الخدمة التقاعدية الأخيرة عن كل سنة خدمة تقاعدية ، في إحدى الحالات الآتية :-
أ- إذا كان عمره بتأريخ إحالتة على التقاعد لا يقل عن (60 ) ستين سنة ، وله خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) خمس وعشرين سنة .
ب – إذا كان عمره بتأريخ الإحالة إلى التقاعد لا يقل عن (55) خمس وخمسين سنه ، وله خدمة تقاعدية لا تقل عن (30) ثلاثين سنة .
جـ – إذا كان محالا على التقاعد لأسباب صحية .
د – إذا توفي أثناء الخدمة .
هـ- إذا كان عمر العسكري أو منتسب قوى الأمن في تأريخ إحالته على التقاعد لا يقل عن (50) خمسين سنة ، وله خدمة تقاعديه لا تقل عن (20) عشرين سنة في مسلكه .
*- وفي قولنا بأن ما ورد في البند (أولا) أعلاه لا يشمل إلا القليل جدا دليل ، حيث نص البند (ثانيا) على تخفيض النسبة التراكمية من (2,5%) إلى (2%) ؟!. ( في الحالات التي لا تنطبق عليها أحكام البند ( أولا ) من هذه المادة . يحتسب الراتب التقاعدي على أساس نسبة تراكمية مقدارها (2%) من معدل الراتب في الخدمة التقاعدية الأخيرة عن كل سنة خدمة تقاعدية ) . كما إن الغريب في هذا القانون الصادر سنة 2007 ، نصوص عن تأريخ إنفكاك الموظف قبل سنة 2008 وقبل وبعد سنة 2010 ؟!، وبما يعني عدم شمول المتقاعدين قبل الإحتلال بذلك التغيير ، حيث مقصود المادة (7/رابعا) بمعدل الراتب الوظيفي في الخدمة التقاعدية الأخيرة لأغراض إحتساب الراتب التقاعدي هو :-
أ- الراتب الوظيفي الأخير الذي إستلمه الموظف في الخدمة التقاعديه ، إذا كان تأريخ إنفكاكه من الخدمة قبل عام 2008 .
ب- معدل راتب الموظف خلال ( 12) إثني عشر شهرا في الخدمة التقاعدية الأخيرة ، إذا كان تأريخ إنفكاكه من الخدمة قبل عام 2010 .
جـ- يضاف إلى معدل راتب الموظف المنصوص عليه في الفقرة (ب) من هذا البند ، معدل راتب (12) إثني عشر شهرا عن كل سنة إبتداء من عام 2010 ، على أن تتـم معادلة معدل الراتب مع النسبة المتنامية لمعدل الراتب .
*- إضافة لذلك نجد الإعتداء على حقوق المواطنين من أجل جعلهم في خندق ظنك العيش لسنين ، بنص البند (خامسا/أ) على أن ( لا يصرف الراتب التقاعدي للمتقاعد إلا إذا كان قد أكمل (50) خمسين سنة من العمر ، وفي كل الأحوال لا يصرف عن الفترة السابقة لتأريخ إكماله السن المذكورة ) .