المثقف والثقافة

المثقف والثقافة
آخر تحديث:

حسن فالح
قد لا يعلم البعض أن كلمة (ثقافة) لم ترد إطلاقاً في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة، كما لم ترد في نصوص العرب وأشعارهم لا في الجاهلية ولا في إلاسلام.وقد وصفها المعجم الوسيط بأنها كلمة محدثة في اللغة العربية، مما يدل دلالة قاطعة على أنه لم يكن لها عند العرب والمسلمين ذلك الوزن الذي يعطى لها اليوم.ومن هنا فإن العرب والمسلمين حتى ما قبل قرن من الزمان لم يكونوا يولونها أي حظ من الاهتمام، بينما هي اليوم كل شيء في حياة البشرية، بل هي مرآتها. ونرى اليوم من يملون على المثقف كيف عليه أن يتصرف. أو يملون عليه السلوكيات التي يرونها تناسبهم.
وينبغي ألا يغيب عن البال أن مفهوم الثقافة يختلف باختلاف الزمان والمكان، ولعله لا يطول بنا الزمان لنرى الثقافة قد خرجت من أسر القومية والطائفية والإقليمية والعرقية لتدخل أفق العالمية وتنشر ظلالها الصحية على البشرية. وبالاستطاعة هنا أن نصنف المثقفين تصنيفا يختلف عن تصنيف انطونيو غرامشي للمثقف.فهناك من يميز بين المثقف الساكن والمثقف المتحرك.الأول لا دور له في مجتمعه والثاني ينهض بدوره في المجتمع، وبين مثقف منغلق ينتج ثقافة الجمود ومثقف منفتح ينتج ثقافة التجديد، الأول يعيش خارج الزمن، فمسيرته إلى التوقف، والثاني يواكب الزمن ويعيش فيه، فمسيرته إلى النمو، ويميز بين مثقف النخبة الذي يعيش بعيداً عن الناس ويتحدث بخطاب القلة أو النخبة فقط ومثقف الجمهور الذي يعايش الناس ويتحدث بخطابهم خطاب الجمهور والكثرة.
ويميز بين مثقف مستبد يتحول قلمه إلى رفض الآخر، ولا يتحدث الا بلغة الرفض والنفي والإقصاء ويمارس القمع والإرهاب، ومثقف ديمقراطي يتحدث قلمه بلغة التعددية والتعايش والتسامح ويمارس الحرية والعدالة، ويميز بين مثقف السلطة الذي يكرس الاستبداد ويمارس الظلم ويعشق المال، ومثقف الأمة الذي يعشق العلم وينشر العدل ويزرع  الحرية. ومن جملة التعريفات السابقة عن مفهوم المثقف، يتضح انه الانسان الذي امتاز عن بقية أبناء مجتمعه بقابلية على التفكير وإدراك التحديات التي تواجه محيطه الاجتماعي، وبخزين معرفي متمايز أيضاً، وباتخاذه لمواقف محددة. وليس شرطاً أن يكون نال على شهادة عالية أو درجة رفيعة في التعليم، بمعنى ليس شرطاً أن يكون التعليم هو مصدر أو مشروعية المثقف. والثقافة أخيراً عبارة عن مقاييس أخلاقية ونظرة عامة الى جوانب الحياة الروحية والمادية، تؤثر في السلوك والعادات وتهدف الى رفع مستوى الإنسان وتتناقل من جيل الى آخر عن طريق المحاكاة  واللغة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *