فلاح المشعل
يقول الإمام علي (ع) ..” لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه “، ولاخلاف أو جدل على سكة الحق التي سلكتها المرجعية الشريفة في النجف الأشرف، عبر وقفاتها المتكررة في المراجعة والنقد للحكومة والبرلمان ، وآخرها اللغة الساخطة الغاضبة يوم الجمعة 25تموز 2015 وختام خطاب الإيجاز النقدي اليائس بجملة ” لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ” .
ننطلق من إنتمائنا لروح الحرية وسلطة العدل التي أستشهد الإمام الحسين من أجلها ،وإيماننا بالدور المضيء للمرجعية بإشاعة قيم الحق والعدالة والحقوق الإنسانية والحفاظ على مبادئ الإسلام وشرائع الحق الألهي ، في مقالنا للمرجعية وبصراحة تامة نقول ،
كنا نصرخ منذ خمس سنوات أوأكثر ونختم وجع صراخنا بمناشدة مرجعية النجف الأشرف ، لأنها صاحبة القول الفصل في تحريك الجماهير ضد سلطة الفاسدين والمجرمين والمزورين وآكلي السحت الحرام والمنتهكين للحرمات واللاهين بالمحرمات بكل أنواعها وأنماطها ، وكان الله وليّنا وعوننا في قول الحق ، وآلام الناس وحقوقهم المغدورة دافعنا لخوض المعركة ضد معسكر الباطل الحكومي وجبروتهم وسجونهم وإتهاماتهم الباطلة ، وخسرنا وظائفنا ومصادر رزقنا ورزق عوائلنا ،بل ان بعض زملائنا فقدوا حياتهم ومنهم الشهيد هادي المهدي ، وآخرين تعرضوا للملاحقة ولم ينالوا منا .
كل هذا حدث ولم نجد موقفا يرقى لمستوى المسؤولية الرادعة للحكومة ، من مرجعيتنا الرشيدة ، بل كانت الأكثرية تقرأ عدم إحتجاج الرجعية على جرائم الحكومة ، بكونه رضى وعدم إعتراض على الحكومة وفسادها ، حاشا للمرجعية ان تكون هكذا ، لكنها كانت تفرط بثقتها لحكومة جل منتسبيها من اللصوص ومحترفي النهب والتزوير .
بقدر ماأفرحنا خطاب الردع النوعي والموقف المبدئي الغاضب للمرجعية من العملية السياسية واخطائها الإستراتيجية وضياعها للوطن والمواطن والثروات ، فأن ثمة غصة ألم لم تبارح الناس المحبين والمؤمنين بالمرجعية ، غصة تسأل عن سبب صمت المرجعية أزاء المفاسد والمظالم التي بدأت تتضح منذ منتصف عام 2009 وصارت تنمو وتتكشف على نحو مرعب في جرائم البطاقة التموينية وسرقاتها من قبل رجال الإسلام السياسي أو الأطعمة الفاسدة التي سوقوها للناس ، والعقود الوهمية ومليارات الدولارات الضائعة في بطون وحسابات حيتان الحكومة ومكتب رئيس الوزراء نوري المالكي وبطانته ووزرائه وقياداته المنتمين لحزبه أو بقية الأحزاب الإسلامية ، وجرائم أخرى لاتحصى .
وحين تطالب الجماهير بالإصلاح ومحاربة الفساد تجابه بالإتهامات والقمع والرصاص والإذلال والمهانة ، حتى عادت تتسيد الشارع العراقي أبشع الأساليب الدكتاتورية ، وتغطيتها ببرقع الطائفية وغيرها من إتهامات طالت الجميع بما فيها المرجعية الشريفة وإعتقال طلابها وتهديدها بالغلق والإعتقال …!؟
ربما كانت المرجعية الشريفة تمارس الصبر على الأذى كمايقال ؛ لكن ” طول الصبر يفسد الأمل ” كما قالها العظيم علي بن ابي طالب ، وهاهو الأمل يفسد بتوصيف خطيب المرجعية الشيخ عبد المهدي الكربلائي .
شخصيا اشعر ان النقد الصريح الغاضب مهم وإيجابي لتحديد موقف تاريخي ، لكنه لايكفي لإنقاذ واقع الحال ، كما ان اللص والفاسد الذي نقعت ذاته وسلوكه في مستنقع الرذيلة ، لايتعض بكلمة ناصحة ، بل ينبغي تبني استراتيجية عمل يقوم على خطط وبرامج تعمم على الأحزاب الشيعية الحاكمة والنافذة بالحكومة وخارجها، طالما انها لم تزل تتمسك وتحترم مايأتي عن المرجع الكبير السيد علي السيستاني .
مؤشرات النقمة الجماهيرية والثورة العارمة بدأت تتضح في مظاهر الإحتجاج والتظاهر ، كما يساعد على ذلك الوضع الإقتصادي المتزايد بإنهياراته ، والنقص الفادح بالخدمات والأمل أيضا ً ، وهنا لابد من إجراءات إصلاحية سريعة وفاعلة ، وتحت ايدينا ورقة عمل يمكن اعتمادها وتطويرها لإنقاذ الحال .والله من وراء القصد .