المشهد بين حصارين بقلم احمد صبري

المشهد بين حصارين بقلم احمد صبري
آخر تحديث:

منذ استخدام الحصار سلاحا لمعاقبة الدول وفرض الارادات وتغيير الأنظمة وسلاح العقوبات تحول الى أداة سياسية في عملية الصراع مرة كان عبر مجلس الامن كما في الحالة العراقية وأخرى من مقبل دولة دائمة العضوية في المجلس وهي الولايات المتحدة استهدف كوريا الشمالية وايران

وعندما نستعرض مسار سلاح الحصار ومبرراته وأهدافه نستطيع القول ان سلاح العقوبات الذي استهدف العراق بعد اجتياحه للكويت عام 1990 كان اقسى واخطر الحصارات في العالم

فحصار العراق طال كل شيء في حياة العراقيين وحرمانهم من الغذاء والدواء وحتى أقلام الرصاص ناهيك عن استهدافه حاجات العراقيين الاساسية الامر الذي عطل مسيرة الحياة واستمرارها خلال 13 عاما

ومازاد من جور الحصار ووطأته وقسوته هو الالتزام الحرفي بشروطه لاسيما دول الجوار العربي والإقليمي ما ساهم في سد أي نافذة قد يتنفس العراقيون من خلالها ويطلون على العالم رغم الاستثناءات ونقصد بها الأردن الذي حاول على مدى سنوات الحصار ان يلبي بعض احتياجات العراق و متطلبات شعبه

والمقاربة بين حصار العراق وايران ليست سهلة بسبب الفرق الكبير في النوايا والمبررات والتوقيت ومدى التزام وتعاطي المجتمع الدولي مع الحصارين فالعراق كان محاصرا من دول الطوق اذعانا لقرارات مجلس الامن وحرمانه من أي اطلالة بحرية مع العالم الخارجي في حين ان حصار ايران يختلف في مبرراته وأهدافه عن حصار العراق فايران تطل على العالم ببحور وخلجان يمنحها حرية الحركة والمناورة وتحادد دول غير متحمسة لتطبيق العقوبات عليها فضلا عن ان عقوباتها جاءت من دولة دائمة العضوية في مجلس الامن وليس باجماع اعضاءه ناهيك عن ان حصار ايران تحول الى موضع خلاف مع حلفاء أمريكا إقليميا ودوليا ما يعطي ايران مساحة لتفادي اضراره

نعم حصار العراق يختلف عن حصا ر ايران فالاول كان مميتا واودى بحياة اكثر من مليون عراقي وتدمير بنيته الأساسية تحول الى أداة للتجويع والترويع والتركيع بينما حصار ايران كان احاديا من دولة كبرى ولا يستهدف تغيير النظام كما سعى مع العراق الذي كانت خواتيمه بالغزو والاحتلال

ان ايران التي تواجه العقوبات الجديدة بالمراهنة على افشاله مستندة على مواقف الدول الموقعة على الاتفاق النووي وهي أوروبا وروسيا والصين التي عدت العقوبات الامريكية محاولة للقفز على بنود وروح الاتفاق النووي الذي انسحبت منه أمريكا

والموقف الأوربي والروسي وحتى التركي بعدم الالتزام بنظام العقوبات الامريكية يشجع دولا أخرى على خرق الحصار لكونه احادي الجانب وليس بتفويض جماعي من مجلس الامن مادامت ايران ملتزمة بالاتفاق ناهيك عن عدم التزام بعض الدول المحاددة لايران بالحصارمايعطي ايران ارجحية للافلات من العقوبات الامريكية وتقليل اضرارها

وعندما نعود الى الحصار الأمريكي على ايران فانه يستهدف وقف تطوير أنشطتها النووية والصاروخية ووقف تدخلها في شؤون دول محددة عكس ما كان يستهدفه الحصار على العراق

..

واستنادا الى ماتقدم

هل نحن امام مشهد جديد قد يعيد الى الاذهان سيناريو ماجرى للعراق بفعل العقوبات وخواتيمها واحتمالات انعكاسها على الحالة الإيرانية

أم ان خواتيم الحصارين يختلفان من حيث النوايا والمبررات والاهداف والتوقيت

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *