أمجد ياسين
يوفر العمل فرصة الاطلاع على العديد من المصطلحات الثقافية والادبية، بعضها مطروق وله أسس معتمدة تبيح له ان يكون مصطلحا حقيقياً، وأهمها ان يكون له جذر ثقافي او صناعي او مجتمعي … أي أنها لم تأتِ اعتباطا او رغبة شاء أصحابها ان يؤسسوا لمصطلح جديد يرتبط بأسمائهم ومن ثم يشيعوه في الوسط الثقافي او الانساني من دون أبجدية حقيقية او علم ينظر له او جذر حقيقي يستند إليه. المصطلح عموما يحتاج الى من يشير له أولا وهذا مكتشفه، ومن ثم البحث عن وجوده الحقيقي في الحياة العملية، والمرحلة الاخيرة هناك من ينظر له كعلم او جنس أدبي في حال الأدب .. وقد تختصر هذه المراحل حسب وضعية كل حالة. عموما هذه هي اساسيات تثبيت او ترسيخ اي مصطلح جديد، لأن هناك حقوقاً عامة وخاصة تقف عندها الامور وليس خبط عشواء كما هو الحال عندنا.
فمصطلح السيميائية مثلا، ورغم شيوعه، إلّا أن السيميائيين الاوائل لم يتفقوا على تعريف محدد، وأحد أهم هذه التعريفات ما قاله أمبرتو إيكو: « تُعنى السيمائية بكل ما يمكن اعتباره اشارة» . اما تعريفها الاوسع عند السيميائيين المعاصرين فهي ما تتضمنه عدا الاشارة الى كل ما ينوب عن شيء آخر، اذ تأخذ الاشارة شكل كلمات وصور وأصوات وايماءات.. كما أنهم معنيون بوسائل الاتصال باعتبارها منظومات إشارات، كما يدرسون المعنى وتمثيل الواقع. لقد كان لـ «جن لوك» البادرة الاولى في الاشارة للسيميائية، واعتبارها فرعا من فروع الفلسفة ونشر هذا الامر في مقال مهم حمل عنوان « الفهم البشري» في العام 1690، ومن ثم أتى السويسري فرديناند دو سوسير الذي وضع مخطوطة كتبها في العام 1894 ونشرت بعد وفاته، اذ اطلق عليه «السيميولوجيا « معتبرا إياه « علماً يدرس دور الاشارات كجزء من الحياة الاجتماعية» . ومن ثم أتى الاميركي تشارلز ساندرز بيرس الذي اعتبرها «الدستور شبه الضروري والشكلاني للاشارات». الا ان التسمية الاكثر شيوعا اليوم هي السيميائية.
هذه باختصار جولة في ولادة مصطلح أصبح اليوم معروفا بالسيميائية. لذا عندما نقرأ كتاباً يضع مؤلفه مصطلحا جديدا على غلافه من دون ان يؤسس له، نعتبرها مجازفة بحق ما يكتبه، والذي يمكن ان يقع ضمن حدود أجناس او مصطلحات أخرى.. واحد هذه المصطلحات كان عبارة «ومضة قصصية».
في الحقيقة لم أجد مثل هذا المصطلح في معاجم المصطلحات الادبية، فقط هناك اشارات غير مدروسة « كلام» على الفيس بوك والانترنت تنشر مثل هذه (القصائد) او الومضات الشعرية إن صح التعبير. كما ضمَّن الكاتب كتابه مقالات لعدد من الكتاب يبشرون بها رغم ان بعضهم لم يحسم أمره وقال كلاما عاما يشيد بفنية الكاتب. عموما للمصطلح اسس قد نجدها في حال «الومضة القصصية» في الموروث الشعبي وألف ليلة وليلة والحكم والأمثولات والقرآن الكريم.. وهذا ما فعله المؤلف عندما استعان بصور من هذه الموارد ليكتبها برمزية مكثفة، ولكن كان هناك من سبقه فكتب في مصطلح القصة القصيرة جدا والومضة الشعرية وومضة صاحبنا ليست بعيدة عنهما.
المصطلح
آخر تحديث: