المنافذ الحدودية خارج سيطرة الدولة وعبد المهدي عاجز عن المعالجة

المنافذ الحدودية خارج سيطرة الدولة وعبد المهدي عاجز عن المعالجة
آخر تحديث:

 بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف مسؤول عراقي اليوم 3/4/2019، عن وصول تقرير مشترك من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية إلى حكومة بغداد، يؤكد تكبد البلاد خسائر باهظة نتيجة الفساد في المنافذ الحدودية ويشتمل على تمرير بضائع غير قانونية أو تغيير نوعها لإعفائها من الرسوم او تخفيضها والتلاعب بالكميات التي تدخل البلاد.وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن العراق يخسر مليارات الدنانير شهريا بفعل عمليات الفساد تلك التي ثبت تورط جهات مسلحة وأحزاب فيها، كاشفا عن أن رئيس الوزراء سيتخذ قرارات حاسمة حول هذا الملف خلال الفترة المقبلة.

وتتصاعد حدة الجدل السياسي إزاء ما يتكبده العراق من خسائر كبيرة جراء الفساد المستشري في المنافذ الحدودية العراقية مع دول الجوار الأربع: إيران وتركيا والكويت والأردن، في وقت ما زالت الحدود مغلقة أمام حركة التجارة مع كل من سورية والسعودية التي يتوقع منها أن تشهد افتتاح أولى معابرها البرية مع العراق خلال الشهرين المقبلين لأغراض التجارة والتصدير. ويملك العراق نحو 20 منفذا بريا مع إيران وتركيا والكويت والأردن، إضافة إلى منافذ بحرية على مياه الخليج العربي في البصرة، جنوبي البلاد، تدخل منها نحو 90 بالمائة من احتياجات العراق اليومية.

يأتي ذلك بعد تصريح سابق وصفه المراقبون بالجريء لرئيس هيئة المنافذ الحدودية العراقية كاظم العقابي، قال فيه إن “العراق يخسر المليارات شهرياً بسبب فساد المنافذ وبالأخص ميناء أم قصر”، مبينا أنه “منذ أن تسلمت هيئة المنافذ مهامها في منتصف العام المنصرم تضاعفت إيرادات المنافذ قياساً بالأعوام التي سبقت تشكيل الهيئة”.ولا يرصد التقرير عمليات الفساد المتفاقم في الأجهزة الرقابية فقط، بل امتد إلى مؤسسات أخرى ومنها البرلمان. وحسب رامي السكيني، النائب في البرلمان العراقي عن تحالف “سائرون”، الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر، فإن “تقرير اللجنة المالية البرلمانية المزمع مناقشته في البرلمان كشف أنّ الكثير من المنافذ الحدودية أصبحت خارج سلطة الحكومة الاتحادية”، مؤكدا أنّ “مليشيات مسلحة لها نفوذ سياسي في بغداد تهيمن على الكثير من المنافذ، كما أنّ منافذ كردستان غير ملتزمة بالتعرفة الجمركية وغير خاضعة للحكومة الاتحادية”.

وأشار النائب في حديث صحفي له، إلى أنّ “عدم سيطرة الحكومة الاتحادية برئاسة عادل عبد المهدي على المنافذ يعدّ كسرا لإرادة الدولة، وأنّ مواردها تغذي المليشيات والقوى السياسية المرتبطة بها، ولم يكن هناك موقف حكومي واضح إزاء ذلك”. وأوضح أنّ “التقرير فيه الكثير من التلكؤ، ويجب إعادة صياغته، مع استدعاء واستضافة الجهات المعنية في البرلمان لتناقشها لجان الأمن والدفاع، والخدمات والاستثمار، وشؤون الأقاليم، فضلا عن المالية والقانونية”.

وأضاف: “يجب أن يطّلع المواطن على ما يجري في هذا الملف”، داعيا الحكومة ورئيسها إلى “أخذ دورهم الفعال بهذا الموضوع وعدم إهماله”.من جهته، قال عضو لجنة الخدمات البرلمانية برهان المعموري، في حديث، إنّ من “الفقرات المهمة التي يفترض أن يتبعها رئيس الحكومة لمكافحة الفساد هو موضوع المنافذ الحدودية”، مبينا أنّ “المنافذ في عموم العراق فيها شبهات كبيرة، وقد تكون أكبر من حجم الدولة، بسبب المتنفذين المرتبطين بها، حتى في جهات عليا، منهم في مؤسسات الدولة، بما فيها الوزارات”. وأضاف: “يتحتم على رئيس الحكومة أن يعزّز من إيرادات الدولة ويحد من حجم الفساد في هذه المنافذ”.

كما دعت لجنة الأمن في البرلمان إلى إبعاد المليشيات عن تلك المنافذ. وقال عضو اللجنة محمد رضا، في حديث، إنّ “هناك فسادا كبيرا وسيطرة للمسلحين على المنافذ الحدودية، وفي كل منافذ العراق من البصرة إلى كردستان”، مؤكدا “نحن كلجنة أمن برلمانية سنبدأ إجراءات لاستضافة مدير المنافذ الحدودية حول هذا الملف المهم”. وتابع رضا: “هناك منافذ تدخل البضائع بدون تأشيرة، ولدي معلومات عن منفذ في ديالى بأنّ سيارات دخلت بشكل غير قانوني من دولة مجاورة بدون ختم وبلا تأشيرة أو حتى فحص، وهذا ما أكده أحد الضباط الموجودين في المنفذ، والأمر نفسه كذلك في المنافذ الأخرى”. وأشار إلى أنّ “رئيس الحكومة شكل لجنة بإشراف من الأمانة العامة لمكتب رئيس الوزراء لمتابعة المنافذ، لكنها لم تفلح بالوصول إلى نسبة معينة من الإيرادات التي تحققت في وقت حكومة العبادي”، داعيا إلى “إبعاد الفصائل المسلحة والمسلحين عن هذه المنافذ، لكي ترجع الإيرادات للعراق”.

من جانبه، قال المستشار السابق في هيئة المنافذ الحدودية محمد الموسوي، إن العراق يستورد عبر منافذه سنويا مواد مختلفة تبلغ قيمتها أكثر من 40 مليار دولار، من إيران وتركيا والكويت والأردن إضافة إلى الموانئ البحرية والمطارات، عبارة عن مواد غذائية وإنشائية وكهربائية وكمالية وسيارات ومعدات وعشرات المواد الأخرى. وقدّر الرسوم التي يجب أن تدخل موازنة الدولة ما بين 2.5 و3 مليارات دولار سنويا، لكن الحقيقة أن ما دخل للعراق العام الماضي لم يتجاوز 700 مليون دولار فقط.ولفت الموسوي في حديث ، إلى أن الحكومة بحاجة للدفاع عن إيراداتها في المنافذ كدفاعها عن أنابيب النفط من الهجمات الإرهابية. يأتي ذلك في وقت يستشري فيه الفساد في كافة مفاصل الدولة، بينما لم تستطع المؤسسات المختصة بالفساد، كمجلس مكافحة الفساد، وهيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين، والبرلمان، الحد من حجم هذا الفساد الذي يحظى بدعم أحزاب ذات نفوذ كبير.

وأكد مسؤولون وبرلمانيون في تصريحات سابقة، أن الأحزاب والمليشيات تتدخل في شؤون المنافذ الحدودية، لكن كل حزب وفصيل مسلح له دور ومهام تختلف عن البقية، فأحزاب تتورط في تهريب وبيع النفط في الخارج، وأخرى ترتبط بتهريب المخدرات من إيران، ونشاطات تتعلق بالحصول على إتاوات من تجار الخضار واحتكار المنتجات الغذائية وطرق توزيعها في المحافظات الجنوبية، بحسب مراقبين. ولا يختلف الأمر كثيراً في المنافذ الحدودية الشمالية في إقليم كردستان العراق، إذ تتقاسم السيطرة عليها مليشيات مسلحة تابعة للحزبين الحاكمين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني).وتفاقمت عمليات الفساد في البلاد وسط ضعف الرقابة، وحسب تقديرات أصدرتها اللجنة المالية في البرلمان، فإن حجم خسائر العراق جراء الفساد في السنوات الاثنتي عشرة الماضية بلغ نحو 450 مليار دولار، من بينها 360 مليار دولار خلال فترة حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية (2006 ـ 2014). وأعلنت هيئة النزاهة العام الماضي 2018، أن الأموال التي رُصدت وأعيدت للدولة خلال 2017 بلغت 938 مليار دينار عراقي (800 مليون دولار)، من دون أن تذكر ما خسره العراق بفعل جرائم الفساد المالي والإضرار بالمال العام.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *