النسخة الجديدة من الحكومة الملائكية

النسخة الجديدة من الحكومة الملائكية
آخر تحديث:

بقلم:باسم محمد كريم

قال شارلي شابلن ذات مره إنه ما يكاد الطابع التراجيدي لأي حدث يزيد عن الحد، حتى يصبح الموقف باعثا على الضحك.الحكومات العراقيه الملائكية التي تعاقبت على مسك السلطة في العراق منذ خمسة عشر عاما ، تميزت كلها بالالتزام حرفيا بشيء واحد وتعهدت وأبدعت وتفننت به الا وهو الفساد، ؛ الذي اصبح يضم ارقاما فلكية من الاموال المسروقة والمنهوبة والمختلسة.

عادل عبد المهدي رئيس اخر سلالات الحكومات العراقية يأمر بتشكيل مجلس أعلى لمكافحة الفساد ، اضافة الى جيوش من المجالس والهيئات والمكاتب السابقة الموجودة اصلا لمكافحة الفساد ، والتي تستنزف الدوله اموالا طائلة من تخصيصات ورواتب ودرجات وظيفية وبنايات ودعم لوجستي ، اذن تمخض الجبل فولد فارا. عادل عبد المهدي ينوي رسميا ترشيح سيدة لرئاسة المجلس ، وكان أولى أن يبدأ أعمال المكافحة بفتح الملفات التي دمرت العراق واقضت مضجعه ، وحولته الى بلد فاشل اقتصاديا.

عادل عبد المهدي يقول لدي ١٣٠٠٠ ملف فساد وهذه الملفات تشمل مجموعات ومؤسسات ووزارات وكذلك تشمل افراد.

عادل عبد المهدي يأمر بأغلاق ملفات فساد ٢٠١٤ دون محاسبة وهو اكبر واضخم ملف فساد في التاريخ مع العلم ان البرلمان لم يصادق على موزانة ٢٠١٤ المنهوبة حتى الان والموازنة المذكورة تبلغ ١٤٠ مليار دولار وسماها وزير المالية بحكومة المالكي انذاك بالميزانية الانفجارية وهي الاضخم في تاريخ العراق.

قرارات عادل عبد المهدي المتناقضة هذه اثارت علامات التعجب والغضب في الشارع العراقي الذي هو اصلا يائس تماما من هؤلاء السياسيين ومل من فسادهم.

تناقضات عبد المهدي أولها رفضه لمناقشة الموازنة المالية للعراق في العام 2014 بل وإغلاق هذا الملف بالكامل، وثانيها تعيينه لشخصية نسائية لقيادة مجلس مكافحة الفساد والذي اعترضت عليه شخصيات نسائية من داخل البرلمان نفسه ،

المجلس الاعلى لمكافحة الفساد الي شكله عبد المهدي أوعز بتشكيل فريق مشترك لوضع آلية سريعة لمتابعة موضوع تهريب النفط والجهات المستفيدة منه، فيما وجه بتدقيق عاجل في الاجراءات الخاصة بملف التعيينات في محافظات الديوانية وواسط وذي قار.

لاحظوا هذا الكلمات التي وردت في بيان المجلس الاعلى للفساد ..اوعز .. تشكيل .. متابعة .. وضع اليه .. تدقيق ، وهذه العبارات كلها من مشتقات كلمات وسوف وسنعمل وسنقوم واخواتها .!!

اي ان هذا المجلس جاء مشابها تماما لنسخ مكافحة الفساد السابقة هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العموميين وهيئات الرقابة المالية وغيرهم من جيوش مكافحة الفساد الذي اصبحوا اساسا هم جيوش من الفاسدين واصبحوا يشكلون عبئا على الوطن وميزانبته واصبحوا جزءا من المشكله وليس من الحل.

لقد استمر الفساد وانتشر وتغول واصبحت له قاعدة وصارت له أشكال واذرع وأصبحت ملايين الدولارات بل المليارات تختلس وتبذر، والقصور والمباني الحكومية وعقارات الدولة تنهب، والمشاريع العمرانية والاقتصادية تسرق تخصيصاتها وامام مرأى ومسمع واعين وانظار كل هذه الجيوش من لجان وهيئات ومجالس مكافحة الفساد، إننا نسمع ضجة عابرة بين فترة وأخرى مرة ضد هذا السياسي أو ضد آخر، ولكن بلا تحقيق قضائي محايد ومتابعة، وأصبحت قضية تشكيل لجان النزاهة، الموضوعة لجانها اصلا تحت سطوة الاحزاب والمحاصصة، هو لذر الرماد في العيون ولاضفاء الحماية لعمليات النهب والسلب لاموال الدوله المستمرة وبشكل ممنهج منذ سنوات.

وهذه اللعبة هي مجرد أداة تستعمل في المناورات والخصومات السياسية وتستعمل لتصفية الحسابات وليس للتحقيق الشفاف والنزيه وتقديم المسيئين للقضاء، كما يجري في كل الدول الديمقراطية، رغم أن حالات الفساد المالي هناك محدودة والمبالغ المتلاعب بها تبدو شديدة التواضع بالمقارنة مع الفساد في العراق الغني والحديث هنا عن سرقة مايقارب الف ومئتا مليار دولار منذ سقوط النظام السابق هذا المبلغ الخيالي اين ذهب ؟! ، واذا ماعرفنا ان قطاع الكهرباء وحده فقط صرف عليه مايقارب ثمانية وعشرون مليار دولار دون ان يحدث اي تحسن في الشبكة الكهربائية فهذا يعطينا مدى الضرر والاذى وحجم التدمير الممنهج الذي احدثته مافيات الفساد في العراق ، هذا البلد الذي خربته الحروب والقهر والقمع والإرهاب، وما يزال محروما من الكهرباء والماء والخدمات الأساسية التي تشكل ابسط اساسيات الحياة في اي بلد.

واذا ماعرفنا بان سبب دخول داعش وأحتلال مساحات كبيرة منه قبل ثلاث سنوات كان سببه الرئيس هو الفساد الذي نخر كل مؤسسات الدولة وحكوماتها المحلية بل وضرب حتى المؤسسة العسكرية .

داعش انذاك فجأة وجد امامه كنزا كبيرا موضوعا داخل قاصة كبيره مغلقه بباب حديدي، وكل مافعله أنه دفع بهدوء هذا الباب فاذا بالخزائن تفتح امامه وهو غير مصدق أنه يسيطر على كل هذه الاموال ، لماذا سقط هذا الباب الحديدي الكبير ، لانه كان بابا متصدئا منخورا متاكلا من الداخل ومن كل مكان .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *