انتباهات العنوان

انتباهات العنوان
آخر تحديث:

 أمجد ياسين
في ظل غزارة المطبوع الأدبي العراقي وتعدد دور النشر، تحظى آلية اختيار العنوان بالكثير من الاهتمام. فالعنوان عتبة الدخول للكتاب، وهو المجس الذي يحدد العلاقة بين القارئ والكتاب من النظرة الأولى، بعض الدراسات تحددها بثوان معدودة، فليس كل الكتاب مشهورين لتشترى كتبهم مباشرة،  لنتساءل عن الكيفية التي يختار بها العنوان، هل هي مقصودة- مدروسة ام انها اعتباطية؟ .تؤشر العناوين على مضمون العديد من المؤلفات، وهي ميزة في عالم النشر اليوم، فيقع العنوان على المضمون وما على القارئ إلا أن يكتشف العلاقة بينهما عند القراءة. عناوين اخرى تبحث عن الاثارة والتشويق، لان الكاتب اراد ان يلفت الانتباه لكتابه، فيغلف العنوان بنوع من الغموض. عناوين اخرى فضلت المباشرة الحادة دون الاعتناء بنوعية الكلمات ووقعها على اذن وبصر القارئ، والنتيجة ليست في صالح الكتاب والمؤلف.. لا يقف هذا الامر عند حدود قارة او بلد ما، فجميع الكتب تتشارك صعوبة اختيار عنوان مطلوب منه ان يلخص فكرة ربما امتد العمل فيها لسنوات طوال. ومن الشروط الواجب توفرها في عنوان الكتاب هي: عدد كلماته، تقديمه لمحة عن المحتوى والابتعاد عن الغموض او التشابه او تكرار عناوين اخرى، سهولة اللفظ والتداول، التجانس.. ولأهمية العنوان تسهم دور النشر العالمية باختياره، بينما تلقى هذه المهمة على عاتق مؤلفينا في أغلب الأحيان.
واذا ما أخذنا أسماء بعض الروايات كنماذج مثل: رواية «مئة عام من العزلة» لغابرييل غارثيا ماركيز، فإننا أزاء عنوان مميز، سهل اللفظ، يعلق في ذاكرة القارئ، يوحي بأجواء الرواية،  فالعزلة وعدد السنين إشارات لما يمكن أن يحدث او حدث أصلا، قدمها لنا ماركيز بأروع صورة ممكنة. أنموذج آخر للنجاح هو رواية «الأخوة  الأعداء» لفيودور دوستويفسكي، التي يوحي عنوانها بمضمونها، فضلا عن عدد كلمات العنوان، اذ تنصح بعض الدراسات بعدم تجاوزها خمس كلمات، ومن يقرأ الرواية يجد ان دوستويفسكي قد قدم لنا حبكة درامية اكثر من رائعة حتى اوصلنا لمضمون العنوان.عراقيا نجد عنوان رواية «بلدة في علبة» لحامد فاضل، مميزا وغير مطروق، يحفزك على القراءة لاكتشافه، بأن في نهاية الفصل الأول، لتبدأ بعدها الرواية بانسياب تغزل خيوط سردها الجميل الذي ينطلق من علبة في جدار ويشغل فضاء المدينة والقارئ. رواية «رحلة الى ضفة الليل البعيدة» للكاتب سعد قاسم الأسدي، عنوان طويل نسبيا، يوحي برحلة في اتجاه واحد، وكأننا ننطلق من الضوء الى الظلام او من الظلام للظلام، لا يتمكن من استنهاض همة القارئ كثيرا للوقوف عنده. قدمت رواية « فرانكشتاين في بغداد» للروائي أحمد سعداوي، مزيجا من الاثارة عندما ربط بين شخصية قدمتها شاشات السينما والتلفزيون عبر العديد من الافلام  وبين شخصية مدينة بغداد وما لها من مزية تراثية وسياسية تصدرت المشهد السياسي والانساني العربي والعالمي منذ اكثر من عقد، وهذا الربط بين شخصية فرانكشتاين وطريقة تشكيلها وما يحدث في شوراع بغداد نتيجة حروب الطائفية والتفجيرات الارهابية.. أعطى العنوان دفعا مهما في تسويق الرواية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *