انهيار سد الموصل يراوح بين الخطر الحقيقي والتوظيف السياسي

انهيار سد الموصل يراوح بين الخطر الحقيقي والتوظيف السياسي
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- ماتزال التحذيرات بشأن إمكانية انهيار سد الموصل ، أكبر سدود العراق ، تتصاعد بوتيرة متسارعة، حتى مع وعود وتطمينات الجهات الحكومية والرسمية التي تؤكد استمرار عمليات حقن وصيانة السد واستبعاد انهياره خلال الفترة الحالية.ويبدو ان الحديث عن انهيار سد الموصل وجد صداه واسعا لدى الاوساط العالمية والمجتمع الدولي التي تحدثت بجدية عن تلك المخاوف ، في وقت تتمسك الحكومة بالتأكيد على ان السد يعمل بصورة جيدة ولا يوجد ما يدعو للقلق.وازاء ذلك كشفت لجنة الزراعة والمياه النيابية عن دراسة اعدها فريق دولي من الخبراء عرضت ابان دورة الحكومات السابقة ، تضمنت عدة حلول لمعالجة وضع سد الموصل ، وقالت ان ايا من تلك الحلول لايحظى بنسبة نجاح لدى تنفيذه.واوضح رئيس اللجنة النائب فرات التميمي :ان”الخطورة التي يعانيها سد الموصل ليست وليدة اليوم ،لان المشكلة بدأت تظهر بعد سنتين من تشغيل السد ، الذي بني خلال العام 1986 ،ودخوله الى الخدمة لاحقا”.واشار الى ان” هذا السد بني على منطقة جبسية مايعني ان ضغط الماء وتسربه تحت السد يسبب تكسرات وتكهفات في اسس السد”.واضاف ان”الحكومة لجأت انذاك الى استشارة فريق دولي من الخبراء الاجانب، الذي اوصى بضرورة وجود ادامة يومية مستمرة لاسس السد عبر حقنها بمادة الاسمنت”.وتابع ان”العمليات استمرت حتى بعد 1991، وقرر النظام السابق ازاء تلك المشكلة بناء سد بادوش ليكون جدار صد منيع في حالة انهيار سد الموصل بناء على استشارات دولية”.ولفت الى انه”بعد 2003 لم يتم استكمال بناء سد بادوش الذي انجز منه حتى الان 40% فقط من مجمل العمل”.واكد ان”المشكلة التي يعانيها سد الموصل حقيقية، لانستطيع ان ننفي خطورتها ،ولانؤكد حتميتها في الوقت نفسه “.ومضى الى القول ان”جميع الاحتمالات قائمة ،اذ لاتوجد جهة رسمية تجزم بانهيار السد خلال هذه الفترة ، كما لاتوجد جهة اخرى تجزم بعدم امكانية انهياره”.ونوه الى ان”الخطورة قائمة، والمعالجات مستمرة ، وهذا يحتاج الى تنسيق وهناك تواصل مستمر بين الوزارة واللجنة النيابية “.ورأى ان “في ظل الظروف الراهنة والتحديات الامنية، وصعوبة تأمين طرق الامداد والمعدات اللوجستية التي يتطلبها عمل الشركة المنفذة لاعمال الصيانة والتأهيل لايجاد حل دائمي لوضع السد ،يبدو امرا عسيرا”.وبشأن الحلول والمعالجات المقترحة لوضع سد الموصل ، اكد ان”هناك حلا اقترحه فريق الخبراء الدوليين بموجب الدراسة الفنية ببناء جدار تحت اسس السد ،وهي تجربة غير منفذة في اية دولة اخرى بالعالم “.وبين ان”الجدار سيكون بعمق 300 متر وبكلفة 4 مليار دولار ،وينفذ خلال سقف 6 سنوات “.واشار الى انه” لاتوجد جهة رسمية تؤكد نسبة نجاح هذا العلاج 100%”. واوضح انه”يمكن للجدار ان يكون خط دفاع لتقوية اسس السد”،واستدرك بالقول انه”وفقا لرأي الخبراء الدوليين فأن تكلفة البناء يمكن لها ان تحقق نسبة نجاح امنة “.واضاف ان”هناك حلولا اخرى قد تؤتي ثمارها، يشير لها الخبراء وهي امكانية افراغ السد من المياه”.وتابع ان”هذا الحل سيواجه مشكلة اخرى لانه يعد خزينا ستراتيجيا لاكبر سد في العراق “. واوضح ان”امكانية نقل مياه السد الى حوض بحيرة الثرثار ستزيد من نسبة ملوحة المياه لان عذوبة مياه نهر دجلة تختلف عن مياه الفرات التي تتميز بملوحتها العالية “.ورأى انه “لايوجد خيار اخر تعتقده اللجنة النيابية مناسبا يمكن ان تلجأ له الحكومة ووزارة الموارد المائية لمعالجة وضع سد الموصل “.لكن عضو اللجنة النائب عن التحالف الوطني علي الصافي قلل من اهمية استضافة وزير الموارد المائية في جلسة مجلس النواب للاستيضاح عن الموقف الحقيقي لسد الموصل.وقال : ان” الحكومة ووزارة الموارد المائية مستمرة في متابعة وتنفيذ اعمال الحقن والتحشية بالاسمنت لمعالجة وضع سد الموصل، وهذا الامر نفسه سيعرضه وزير الموارد المائية على البرلمان”.واضاف ان”هناك تواصلا مستمرا بين اللجنة النيابية ووزارة الموارد المائية لمتابعة عقد احالة المشروع وتنفيذ اعمال صيانة السد الى شركة ايطالية، فضلا عن تدريب الكوادر والملاكات الفنية وتزويد ادارة السد باجهزة حفر وحقن لمادة الاسمنت”.وتابع ان”وزارة الموارد المائية تقوم بمناورة مناسيب المياه في سد الموصل ،لتعويض النقص الحاصل في نهر الفرات ،من خلال قناة مقدمة سامراء”.وبين انه”خلال العام 2007 شخص فيلق المهندسين الامريكي انذاك ان سد الموصل هو الاخطر في العالم”. واضاف ان”الامر المستغرب لدى اللجنة النيابية انه خلال السنوات السابقة وتوفر السيولة النقدية والمياه ، كان يمكن للحكومات السابقة التعاون مع فيلق المهندسين الامريكي في ايجاد حل دائمي لتلك المشكلة في سد الموصل وتجاوزها”.ودعا الحكومة الى “إفراغ السد وجعله خارج الخدمة، بالرغم من ان إفراغه يحمل أثار سلبية تتمثل بصعوبة الحصول على مياه عذبة، لان مياه نهر دجلة تمتاز بالعذوبة خلافا لمياه نهر الفرات”.بالمقابل حذر محافظ نينوى نوفل حمادي العاكوب من مخاطر انهيار سد الموصل، مؤكدا ان جميع المعالجات مؤقتة.وقال : ان” الحكومة المحلية ومجلس محافظة نينوى لايتدخلان في ملف سد الموصل لان وزارة الموارد المائية هي المسؤولة عن الاشراف والمتابعة وصلاحيات ادارة السد”.واضاف ان”التقارير التي وردت الى الحكومة المحلية عن مخاطر انهيار السد ، اعقبت الاتصالات المكثفة بين رئيس الوزراء حيدر العبادي والرئيس الامريكي باراك اوباما”،واوضح ان”الخطر الرئيس هو عطل البوابة السفلية رقم 2 تحت مقدم جسم السد ،وتوقفها عن العمل ، حيث تصل قوة دفع الماء فيها الى 2250 مترا مكعبا / ثانية ، ما يهدد بانهيار السد “.ولفت الى ان “الخطر الاخر يتعلق بعامل الوقت ايضا وذوبان الثلوج بحلول فصل الربيع والفيضانات المتوقعة جراء ارتفاع مناسيب المياه”،مبينا ان”السد مبني على ارض كلسية سريعة الذوبان مايضاعف من مخاطر التشققات ، لكن العلاج المؤقت هو الحقن والتحشية بمادة الاسمنت”.واشار الى ان”تلك المعالجات هي حلول مؤقتة ، وهي العلاج المستخدم لصيانة معظم السدود في انحاء العالم التي تتطلب ادامة مستمرة”.واوضح انه “تم الاتفاق مع رئيس الوزراء على الاسراع باجراءات للتعاقد مع شركة تريفي الايطالية للمباشرة بعمليات الصيانة والتأهيل لسد الموصل”.في غضون ذلك ،اكد وزير الموارد المائية محسن الشمري حاجة سد الموصل الى حل دائمي بانشاء سد ساند ، قال ان ذلك ليس خشية من الانهيار،بل للانتقال الى مرحلة الامان.وذكر بعد استضافته في لجنة الخدمات والاعمار النيابية مؤخرا ان”هناك تقريرا فنيا تم اعداه من خمسة وزراء وسلم الى الحكومة ، لا يتحدث عن مخاطر وانهيار وشيك في السد ،ولكن هناك مشكلة في الاسس ،وحاليا جاري العمل على ادامتها وصيانتها بشكل مستمر منذ 28 سنة من قبل كوادر الوزارة”.ولفت الى ان”عقد الاحالة التي وافق عليها مجلس الوزراء الى شركة ايطالية هو لزيادة وتعزيز موضوع التحشية واصلاح المنافذ السفلى”.واوضح ان”عقد الاحالة يتضمن شقين، اصلاح المنافذ السفلى في السد ،وتعزيز وتطوير برامج التحشية “. وبين انه”لا يوجد خزين مائي كبير في سد الموصل لان السنتين الماضيتين كانتا سنتي شحة ،ووصلنا تقريبا الى الحد الادنى من الخزين في نهاية السنة الماضية “.وبشأن امكانية افراغ السد ، رأى الشمري ان “هذا الحديث عن ظرف لا قدر الله ،هو امر مستبعد والحديث عن كبر الموجة والتداعيات التي تحدث جراء ذلك هو في حالة كون السد بكامل طاقته الخزنية، اما الان السد هو في ربع الكمية، وحتى التأثير لهذا الخزين لو حدث وهو امر مستبعد جدا لا يصل للنتائج التي تحدث بها الاعلام”. وبشأن نجاح عمليات التحشية والحقن بالاسمنت ، اكد ان”هذا العمل ليس ترقيعيا ، لان السد فيه بوابة سفلى عاطلة ويجب ان يتم تصليحها”.واشار الى ان”اصلاح البوابة ليس له علاقة بالانهيار،لانه لا توجد اية نسبة شك بانهيار السد ،وانما منشئ بحاجة الى صيانة”.
وبشأن الحلول والمقترحات لخزن المياه، بين انه” يجب ان يكون ذلك في المناطق الشمالية والوسطى ليكون ذو فائدة ومنفعة ومناورة في التوزيع”. ونوه الى ان” من ضمن المقترحات انشاء سد اخر اواستكمال بناء سد بادوش لزيادة حجم المياه الخزني”.واكد ان”سد الموصل بحاجة الى حل دائم ،وهو انشاء سد ساند له ليس خشية من الانهيار، ولكن للانتقال الى مرحلة الامان من واحد بالألف الى واحد في 100 الف”.وكانت وزارة الخارجية الأمريكية حذرت من أن السد قد ينهار إذا لم تتوافر الموارد المطلوبة ، وبالتالي فإن المياه ستغمر مدنا كثيرة من ضمنها تكريت وسامراء والموصل.وقالت في بيان صحفي ان”مئات الآلاف من الأشخاص ربما يصبحون بدون مأوى جراء انهيار السد ” .ووافق مجلس الوزراء،مؤخرا ، على إحالة تنفيذ مشروع تأهيل سد الموصل وصيانته إلى شركة تريفي الإيطالية.وكانت الشركة قد فازت بعقد تبلغ قيمته أكثر من ملياري دولار لتدعيم سد الموصل الواقع على نهر دجلة، على بعد نحو 50 كيلومترا عن الموصل.وتزامنت الصفقة مع إعلان رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في تصريح متلفز في كانون الأول الماضي “اعتزام بلاده إرسال قوة عسكرية من 450 جنديا للدفاع عن سد الموصل، بعد أن فازت شركة تريفي بعقد لتدعميه”.وبدأ بناء سد الموصل على نهر دجلة سنة 1980 بكلفة مقدارها مليار ونصف المليار دولار، وافتتح رسميا سنة 1986.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *