باركوا الانقلاب لكن قدموا لنا ربع ماقدمه اردوغان ؟؟؟
آخر تحديث:
محمد علي شاحوذ
أفرزت احداث تركيا الاخيرة جملة أمور مهمة , داخليا ستعيد حسابات الاتراك انفسهم , وخارجيا سترسم سياسات جديدة في المنطقة , و لنقرأ الاحداث بتأني وبعيدا عن العاطفة والميول الشخصية والحزبية والطائفية , وسأناقش اهم فرضيات الانقلاب التي أثيرت في من حولنا وخاصة في الاعلام العراقي وفي تعليقات معظم سياسينا ومنظرينا .
ففي اللحظات الاولى لأعلان العسكر أنقلابهم فى تركيا سارع معظم منظرينا وبعض المحللين السياسيين الى اعلان موقفهم المرحب والشامت بأردوغان واعتبروا عبر تغريداتهم عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعى ولولا ان الانقلاب حصل بوقت متاخر لكنا شاهنا وسمعنا العجب العجاب من فرضيات التحليل المتسرعة والمتشنجة والبعيدة عن التحليل العلمي المنطقى؟؟ وهنا استعرض فرضياتهم البعيدة عن الواقع والتي فشلت في قراءة المشهد التركي مرة اخرى .
ولقد غاب عن ذاكرة سياسيينا جملة حقائق ومعطيات تأريخية , او غيبوها وتجاهلوها متعمدين !!, فمن منا لا يعرف ان هناك صراعا مكشوفا منذ مدة طويلة في تركيا من قبل جنرالات الجيش المدعومين من بعض قضاة المحكمة العليا ,ضد سياسات اردوغان الداخلية والخارجية , ولطالما تدخلوا في سياسات الدولة التركية , ولطالما راودهم حلم السيطرة على الحكم في تركيا كما فعلوها من قبل عدة مرات , ونجحوا بأزاحة الحكم المدنى, ليستولوا على السلطة عن طريق قوة السلاح ابتداء بانقلابهم الناجح ضد عدنان مندريس , وليس انتهاء بحضر حزب الاخوان وحضر انشطته ليلجأ الاخوان الى التمويه وانشاء حزب التنمية والعدالة والفوز برئاسة تركيا مجددا , ومع كل هذه الحقائق المهمة راح منظرينا الذين طالما نصحناهم بالتانى في تحليل الامور ودراسة معطياتها دون جدوى ؟ فطلعوا علينا بفرضية صادمة مع اول ساعات الانقلاب عنوانها الابرز ان الشعب ضاق ذرعا باردوغان وجماعته وسياساته ؟؟؟ وهنا لابد ان نعلم كما يعلم الجميع , ان اردوغان وبسياسات ناجحة حول تركيا وبوقت قياسي من دولة ترتيب اقتصادها في المرتبة 115 الى المرتبة الثامنة عالميا !! وصارت تصنع مختلف الاسلحة وامتلكت افضل المصانع وامتلكت الكثير من خيوط اللعبة في المنطقة وافضل واقوى سوق للعمل واحتوى ملايين المشردين من العراق وسوريا , فصارت تركيا محطة جذب عالمى للجميع , وراح سياسيونا يصورون الانقلاب على انه ثورة ضد طاغية ظالم فاشل , دكتاتور متسلط وان الوقت حان لتغيير الواقع المؤلم الماساوى الذي يعيشه الشعب التركي المسكين المبتلى بنظام اردوغان الفاشي؟؟ واخذوا يضحكون شامتين من شخص الرجل وتمادوا كثر حينما استعجلوا بوضع صورة مستقبل بعد الانقلاب , فاشاعوا انه هرب الى المانيا , ومرة كتبوا انه في قبضة الانقلابيين , بينما الرجل كان يخطط بكل حذاقة وذكاء للأفلات من محاولة الانقلاب وقلب الطاولة على العسكر وهذا مافعله بعد ذلك بأن اوحى للانقلابيين انه مغادر البلاد الى غير رجعة في حين كان يخطط من طائرته للايقاع بهم بكل بساطة ودون مجهود كبير , وهذا ما حصل فعلا من خلال ثوانى بسيطة لكلمته المجانية التى بثها من تطبيق مجاني والتي اخرجت الملايين الى الشوارع تاييدا ومناصرة له, و قلبت وحسمت كل الامور لصالحه وجعلت الانقلابيين بنظر الشعب التركى ثلة من الخونة وناكري الجميل ؟ والادهى والامر حينما فشل الانقلاب , راح نفس سياسيينا المزعومين بأرتكاب نفس الخطأ ؟ حيث لم يكتفوا بفشل تحليلهم وقراءتهم للانقلاب اول ساعتين من حصوله , بل تمادوا حينما فشل الانقلاب وصورا الموضوع
كله على انه تمثيلية , الفها وأخرجها وقام ببطولتها اردوغان الفاشل بزعمهم ؟؟ فكيف اقنع اردوغان الجيش وقادته الخبراء ان ينشطروا الى فريقين , فريق يقوم بالانقلاب وفريق يكبح جماح الفريق الاول؟ وكيف اقنع اجهزة الشرطة والمخابرات بقمع فريق الانقلابيين والقبض عليهم وايداعهم السجون ؟ وكيف استطاع هذا الفاشل ان يقنع عددا من طياري الحوامات ان يؤيدوا الانقلاب ويقصفوا مواقع تابعة للعسكر المؤيدين له من جهاز المخابرات والقوات الخاصة والبرلمان, وأن يقنع طيارى الاف 16 بأن يقفوا ضد الانقلاب ويسقطوا جميع الطائرات الحوامات المؤيدة للانقلاب ؟ وكيف اقنع جموع الشعب ان ينزلوا الشوارع بوقت متاخر حتى الفجر وان يحاصروا الانقلابيين من العسكر وان يعملوا من اجسامهم دروعا بشرية ضد دباباتهم وان يلاحقوهم بكل مكان ؟ وكيف اقتع حتى اشد الاحزاب المعارضة له من الوقوف معه ضد الانقلاب , ذلك لان الديمقراطية بنظرهم اهم من كرههم وحقدهم للرجل , وكيف أقنع اوربا وامريكا وحتى روسيا عدوته اللدود من التصريح برفضهم للانقلاب وحتى ايران اعلنت انها مع الشرعية وضد الانقلاب ؟ فأذا كان ادوغان فعل كل ذلك واقنع الجميع بلعبته ليتخلص من معارضيه عن طريق الانقلاب فهذا يعنى ان الرجل ثعلب ماكر وسياسي محنك وفاهم اصول اللعب مع الكبار والصغار على حد سواء ويستحق رفع القبعات؟؟؟.
فقط سياسيونا هم من استعجلوا التحليل الخاطئ واطلقوا العنان لتغريداتهم التي لم تقرا الحقائق ولم تنصف الرجل ومنجزاته , ولست هنا في صدد الاعتراض على من فرح وهلل بسقوط اردوغان اول ساعات الانقلاب , لكنني ضد من يطلق الاحكام جزافا قبل ان تنجلي وقائع الاحداث ولاينتظر ان تكتمل عناصرالصورة , ويا حبذا لو تفرغ سياسيونا لخدمة جماهيرهم العريضة التي انتخبتهم وعلقت الامال العريضة عليهم وحققوا لهم ربع ما حققه اردوغان الطاغية لشعبه , ولو يهتم سياسيونا ومنظرونا بالتفكير بحال البلد ومستقبله وتناسوا خلافاتهم العقيمة وتركوا التركيز على مشاكل غيرنا لكنا الان في افضل حال , اتركوا تركيا واهتموا بنا وببلدنا الذي يضيع بسبب سياساتكم يرحمكم الله؟؟؟