بالبطانية وليس بأسم الدين باكونة الحرامية

بالبطانية وليس بأسم الدين باكونة الحرامية
آخر تحديث:

 بقلم: خالد ابراهيم

عندما يحين موعد الإنتخابات فإن الساسة يتنافسون فيما بينهم بكل قوة و شراسة لكسب أصوات الناخبين، و هذه هي الديمقراطية. و كل منهم في هذه المنافسة يطرح برنامجه الإنتخابي ليستطيع الناخب إتخاذ قراره بالتصويت لأحدهم. و لكن هذا فقط يحصل في الدول المتقدمة، أما في بلدنا فإن الساسة المشاركين في الإنتخابات، و بعضهم يدّعون بأنهم إسلاميون، يتنافسون فيما بينهم بتوزيع المواد العينية على الناخبين جنبا ً إلى جنب برامجهم الإنتخابية، و بعضهم يكتفي فقط بتوزيع المواد العينية دون طرحهم البرامج الإنتخابية. أما البرامج الإنتخابية التي طرحت خلال الإنتخابات السابقة فهي عبارة عن وعود خيالية و لذلك لم يستطيعوا تنفيذها. أما نوع المواد العينية التي توزع على جمهور الناخبين فإنها تعتمد على القدرة المالية للسياسيين و المستوى المعاشي لجمهور الناخبين. و أشهر المواد العينية التي وزعها السياسيون هي البطانية، و صارت البطانية رمزا ً للإنتخابات العراقية. و ينشط هؤلاء السياسيون عموما ً في المناطق الفقيرة حيث تكون للبطانية مفعول سحري في كسب مشاعر الناس البسطاء.

و بعد العديد من الدورات الإنتخابية إكتشف الشعب بأن هؤلاء الساسة لم يجلبوا لهم الخير، بل على العكس من ذلك فإن حال المجتمع يزداد سوءا ً على جميع الأصعدة الأمنية و الإقتصادية و غيرها. و بما أن صبغة أغلب هؤلاء الساسة المهيمنون على السلطة هي الصبغة الإسلامية فإن الجماهير التي خرجت متظاهرة عليهم غضبا ً رفعت شعار بأسم الدين باكونة الحرامية. أي أن المتظاهرين إتهموا هؤلاء الساسة بإستغلال الدين للوصول إلى السلطة و سرقة الأموال. و لكن بالحقيقة هذا مخالف للواقع لأن هؤلاء الساسة وزعوا على الناخبين البطانيات و المواد العينية و لم يوزعوا عليهم المصاحف و الكتب الدينية و لا حتى لم يلقوا على مسامعهم المحاضرات الدينية سوى تذكيرهم بالخلافات الطائفية التاريخية. و لو لم يوزع هؤلاء الساسة البطانيات و المواد العينية لما إنتخبهم أحد و لما وصلوا للسلطة العلية، و عليه فإن شعار بأسم الدين باكونة الحرامية غير صحيح و الصحيح بالبطانية باكونة الحرامية. و ما فعله هؤلاء الساسة الذي به صبغة إسلامية (و التي هي صبغة ظاهرية) هو تحليف الناخبين بالمصحف بأن ينتخبوهم مقابل البطانية. و الحقيقة فإن هذا التصرف هو مخالف للدين الإسلامي لأن الحلف بالمصحف هو لإحقاق الحق و ليس لإحقاق الباطل و بيع الذمم. و كذلك تعتبر البطانيات و المواد العينية التي يوزعها الساسة لكسب أصوات الناخبين رشوة. و الرشوة ملعون من أعطاها و من أخذها و من يوصلها من الراشي إلى المرتشى بدليل حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة اللّـــه.

أما شعار بأسم الدين باكونة الحرامية فلقد كان هدية و طوق نجاة للساسة الذين يدّعون الإسلام لينقذهم من فشلهم، فلقد أخذوا يحذرون جماهيرهم من رافعي هذا الشعار بأنهم ملحدون و عملاء لجهات خارجية و أن هدفهم محاربة الدين الإسلامي، و هذه هي الطامة الكبرى أن الساسة الذين قادوا الشعب و البلاد بالبطانية نحو الخراب يحذرون من الذين يريدون الخير للبلاد. و في ظل مثل هكذا خطاب فإن هؤلاء الساسة حتما ً سيجدون آذانا ً صاغية و تقبلا ً لدى جماهيرهم البسيطة ذات المشاعر الدينية و ربما في هذه المرة سيعيدون إنتخابهم بدون توزيع البطانية و بدون تحليفهم بالمصحف و بدون تذكيرهم بالخلافات الطائفية التاريخية. و يا حسافة على شعب ينباك بالبطانية و هو يدّعي بأنه شعب الحضارات و صاحب أول حضارة في التاريخ و أنه شعب مفتح باللبن.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *