بغداد/شبكة اخبار العراق- بلغ مجموع موازنات العراق المالية خلال السنوات الأربع عشرة الماضية نحو تريليون دولار، وهو رقم يعادل موازنات دول عربية مجتمعة للفترة نفسها، حققت نموا متفاوتاً على الصعيد الاقتصادي رغم محدودية موارد بعضها.وتظهر البيانات الرسمية بلوغ الموازنات المالية مستويات فلكية على مدى السنوات الماضية، بينما لم تضف شيئاً إلى حياة العراقيين، ولم توسع حجم استفادتهم من الخدمات العامة، بل على العكس فقد زادت هذه الموازنات من معاناتهم اليومية بشكل واضح.وتفاقمت نسبة الفقر من 9% عام 2004 إلى 33% عام 2016، وبلغت البطالة معدلات قياسية، لتصل إلى 29%، بعدما كانت 11% عام 2005. ويشهد العراق، وفق تقرير حديث للبنك الدولي، واحدة من أدنى نسب العاملين الى السكان في المنطقة، حتى بين الرجال.أما في ما يتعلق بالخدمات العامة، فيحصل العراقيون على ست ساعات من التغذية الكهربائية فقط حالياً، بينما كانوا يحصلون عام 2004 على 12 ساعة. وكذلك، ارتفعت نسبة المناطق التي لا تحصل على المياه النظيفة من 18% في عموم العراق عام 2003 إلى 41% عام 2016.أما في مجال التعليم، فقد ارتفع عدد النقص في المدارس من 2076 مدرسة في عموم العراق عام 2004 إلى ستة آلاف و480 مدرسة عام 2016. وتراجعت حصة الفرد العراقي من الرعاية الصحية بواقع سرير واحد لكل 39 عراقياً عام 2004 إلى سرير واحد لكل 120 عراقياً اليوم.وبحسب تقارير خاصة أعدتها وزارة التخطيط العراقية ولم تسمح الحكومة بنشرها، فإن 95% من العراقيين ما زالوا يعيشون على خدمات وبنى تحتية تم إنشاؤها في الفترة التي سبقت عام 2003 ، من بينها الطرق والجسور ومحطات الكهرباء والمياه والمباني الحكومية والمدارس والمستشفيات وحتى المناطق الترفيهية. إلا أن هذه الخدمات تراجعت بفعل تقادمها والتلاعب بمخصصات صيانتها.ووفقاً لمسؤولين في وزارة المالية العراقية فإن 80% من واردات العراق للفترة الممتدة من 2003 وحتى 2016 كانت من بيع النفط، بينما 20% كانت من منح ومساعدات مالية حصل عليها العراق من الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية وآسيوية وعربية مختلفة.
ويتهم الشارع العراقي قضاء بلاده بالفساد وإخضاع ملفات ضياع أموال العراقيين إلى الصفقات السياسية. إذ لم يتم التحقيق حتى الآن بأي من قضايا الفساد المالي، كذلك لم يوثق البرلمان الحسابات الختامية للموازنات المالية منذ عدة سنوات.ووفقاً لبيانات الحكومة العراقية خلال السنوات الماضية، فقد ارتفعت الموازنات الرسمية المعلنة للبلاد بشكل متسارع وضخم جداً، بين عامي 2003 و2016.إذ لم يتعد حجم الموازنة العامة في عام 2003 الـ 14 مليار دولار. ليرتفع أربعة مليارات دولار في عام 2004. ومن ثم قفزت الموازنة في عام 2005 إلى 26 مليار دولار. ليضاف إلى هذا الرقم ثمانية مليارات دولار في عام 2006. وفي العام اللاحق أضيف الرقم ذاته إلى الموازنة لتبلغ 42 مليار دولار. وفي عام 2008، تم إقرار موازنة قيمتها 70 مليار دولار. وأضيف إلى هذا الرقم أربعة مليارات دولار في عام 2009، وفوقه مليار واحد في عام 2010 لتبلغ الموازنة 75 مليار دولار.في عام 2011، أقرت الحكومة موازنة بقيمة 84 مليار دولار، وصعدت الموازنة في عام 2012 لتسجل 101 مليار دولار. واستمر الارتفاع إلى 126 مليار دولار في 2013، و138 ملياراً في 2014، و105 مليارات في 2015، وصولاً إلى إقرار موازنة بقيمة 95 مليار دولار في عام 2016.
ويقول عبد الهادي الطائي، المفتش السابق في وزارة المالية العراقية والمستشار الحالي في سوق بغداد للأوراق المالية، إن نحو 450 مليار دولار من أصل 1000 مليار دولار سرقت وأودعت بحسابات مسؤولين وسياسيين خارج البلاد في دول عدة أبرزها لبنان وطهران ودبي وتركيا وسورية وأميركا اللاتينية”.ويبيّن الطائي أنه “لو توفر قضاء نزيه وقوي ومستقل لعادت مبالغ كبيرة من تلك الأموال إلى خزينة الشعب”. ويتابع: “الأمر ليس بحاجة الى خبير مالي للحديث عن الفساد. أرقام الموازنات التي أعلنتها الحكومات بشكل رسمي واضحة ومتوفرة للجميع ويمكن لأي عراقي أن يلاحظ أن مئات المليارات من الدولارات لم تجلب له سوى تراجع معيشي واقتصادي وخدماتي وعلمي وصحي”.وكان رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محسن السعدون، قد كشف في تصريح عن استيلاء مسؤولين حكوميين على أملاك وعقارات عامة وخاصة. وأوضح السعدون أن هذه الأملاك عامة للدولة وأخرى تابعة لمسؤولين في النظام السابق قبل عام 2003، مضيفا أن “مجلس الوزراء فرض حظراً على التصرف بتلك الممتلكات، لكن بعض حكومات المحافظات المحلية والدوائر العقارية رفعت هذا الحظر وتصرفت بتلك الممتلكات والعقارات لصالح شخصيات نافذة، ومنحتها أحقية التصرف بالأموال من دون مراعاة القرارات الحكومية بشأنها”.