الحلة/ شبكة أخبار العراق-لعل ابرز الإشكاليات التي يقع بها المتابع للإرث الحضاري العراقي في محافظة بابل هي اقتصار الاثار التاريخية على مدينة بابل الاثرية، ناسيا او متناسياً موقعا حضاريا اخر يقع على بعد 17 كم غرب مملكة نبوخذ نصر، وهي آثار بورسيبا او كما تسمى حاليا (برس نمرود) وهي كلمة سومرية ومعناها سيف البحر وكانت تعرف كذلك (بابل الثانية)، ذكرها حمورابي في مسلته الشهيرة.شهدت بورسيبا بحسب الروايات المتأرجحة في صحتها اعنف المواجهات الدينية بين نمرود ونبي الله ابراهيم عليه السلام ومن هنا فإنها تعد بحسب الرؤية المحلية ارض صراع الأديان السماوية والوثنية، صراع لم يخرج منه احد منتصرا الا الآثار التي تصارع الكثبان الرملية تارة والاهمال تارة اخرى، حتى ظهرت أصوات هنا وهناك تنادي بضرورة استعادة بريق هذه المدينة العظيمة التي تضم معبد الاله نابو نجل الاله مردوك وهو الاله الأعظم لمملكة بابل القديمة من اجل ضمها الى لائحة التراث العالمي. يقول عالم الآثار د.احمد الربيعي : ان “تسجيل هذه المواقع الاثرية في منظمة اليونسكو من شأنه ان يرتقي بواقع التنقيب فيها وتحويلها الى أماكن سياحية يؤمها السياح من مختلف ارجاء العالم، خاصة أولئك الذين يبحثون عن تاريخ الحضارتين السومرية والبابلية، ويبدو لنا ان مهمة ارتباط هذه المواقع الاثرية بالمنظمة العالمية صعبة جدا على الأقل في الوقت الحاضر لكونها مرتبطة بملف مدينة بابل الاثرية الذي يعاني هو الاخر من مضايقات بسبب الأحداث الامنية التي شهدتها المنطقة في خريف عام 2003. واكد ان “الامر يحتاج الى جهود حكومية وشعبية لغرض كسب جولة الانضمام لان (بورسيبا) اهملت على مدار قرون ولم تحظ بالاهتمام حتى معلوماتها بالمناهج الدراسية قليلة جدا وهي بذلك غير معروفة من قبل غالبية اهالي بابل، كما انها كانت وما زالت بعيدة عن عيون الحكومات المحلية المتعاقبة على بابل، واعتقد انها تمثل مشروعا انسانيا واقتصاديا يمكنه ان يوظف العشرات من العاطلين عن العمل، كما انه يضع المحافظة على اعتاب مرحلة جديدة من الاستثمار السياحي الذي يدر على الموازنة المحلية بالاموال. من جهته طالب الباحث الاثاري فلاح الجباوي بضرورة إحاطة التلال الاثرية بأسوار حفاظا على كنوزها من الانجراف اثناء الامطار وهو ماحدث فعلا، حينما تم العثور على ٥٧ قطعة اثرية من الزقورة عبارة عن مسكوكات وأساور زجاجية وأساور فخارية سلمت حينها الى دائرة الآثار. واوضح ان المنطقة مازالت شاخصة بالزقورة التي بدأت تتآكل وهي حاليا على ارتفاع 47م من أصل 54 م بحسب ما ذكر في الألواح الطينية وهي تعود الى الملك البابلي نبوخذ نصر ومن هنا نجد ان المنطقة الاثرية تغص بالقطع النفيسة التي يمكن ان تشكل طفرة نوعية في تاريخ العراق الحضاري، داعيا وزارة التربية الى تشجيع اقامة السفرات المدرسية من اجل ان يتعرف الجيل الجديد على خزائن بلده الاثرية.