في ظل ازمات متعددة الاشكال وصراعات القوى افرزت تداعياتها ظهور العبادي على راس الهرم السلطوي الهش، وشاءت احداث المسرح السياسي في منطقة الشرق الاوسط ان تحرك الولايات المتحدة باتجاهات لايعلم حتى المنجمون بمسارها تحديدا بعد فوز ترامب البرغماتي برئاسة الحكم في اكبر واقوى دولة في العالم.
بالمقابل نجزم نحن المحبطون البائسون اليائسون نجزم ان شيعة السلطة في العراق فشلوا بامتياز في تحقيق اي مكسب ملموس على الصعيد الامني والاقتصادي والخدماتي عدا فوضى الديمقراطية وتفتت اللحمة الوطنية وتعدد الحربات غير المنضبطة. والفشل الاكبر لشيعة السلطة يكمن في انجرارها وراء هلوسة وضبابية الشعارات المتعلقة بما يسمونها الوحدة الوطنية او التوافق الوطني والجميع يعرف ان الهدف كان ولايزال هو ديمومة نفوذهم السياسي والاستحواذ على المال العام بشكل يتنافى مع رسالة الاصلاح والبناء للمؤمنين العظام وعلى راسهم الامام الحسين (عليه السلام).
في الجانب الاخر نجد ان سنة السلطة وعلى غرار ونهج شيعة السلطة قد فشلوا في تمثيل مكونهم بالشكل الذي يضمن لهم شراكة وطنية حقيقية والمساهمة الفعالة بعيدا عن الانانية وحب السلطة والنفوض او الاستحواذ على السلطة بهدف توجيه بوصلة العملية السياسية في العراق ما بعد التغيير عام 2003 صوب بناء ثقة متبادلة وتامة لتحريك المجتمع وصولا الى عراق ديمقراطي متطور وبسيادة سياسية متكاملة وقوة عسكرية شاملة لكل مواطني العراق كما كان عليه الحكم ابان النطام السياسي الملكي.
ان مايجري في العراق من تخبط سياسي وفكري وفقدان الحس الوطني واللهاث وراء المال العام وحب المناصب وعبادة الكرسي قد خلق بيئة (الفراغ السياسي) طالما كانت ابدا في دائرة الاحلام للقوى الاقليمية والدولية لجعل العراق البقرة الحلوب والدول الاضعف ومنطلق لبناء خارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط على غرار اتفاقية سايكس بيكو.
وان ساسة عراق اليوم اللاسياسيين الفاشلين الفاسدين ولفقدانهم للحس الوطني قدموا العراق لهذه القوى الاقليمية والدولية على طبق من ذهب كما يقال وجعلوا ارضه رخوة لصناعة مليشيات للاقتتال وعصابات للنهب والسرقات واحزاب كارتونية خضعت للابتزاز ماديا ومعنويا لتمرير الاهداف المريضة على راسها صناعة مرتزقة وباسماء لامعة كالقاعدة وداعش. فالذي يجري في العراق منذ الاحتلال عام 2003 لايصب في خانة العدم فحسب بل تداعياته تحتم شل العراق ليكون هدفا سهلا للتقسيم والقضاء على تراثه الحضاري كدولة (كانت) الاعظم في المنطقة … انها حرب صليبية بصيغة واطار جديدين للقضاء على مايسمى ” العراق ” ومسحه من ذاكرة الحضارات وشطبه من على صفحات التاريخ بهدف القضاء على الارث الحضاري التاريخي والاقتصادي وصورة ارض الرافدين الناصعة. فالحديث عن اقامة اقاليم في العراق او اقامة دولة كوردستان ماهي إلا مشاريع تم الاعداد لها غربيا وشرقيا عربيا واسلاميا هي ليست مشاريع كحبر على الورق السياسي بل خطط في طريقها للتنفيذ طالما بقت هذه الزمر الفاسدة على دست الحكم في العراق.
اننا نحذر من مغبة الانجرار وراء اقامة اقاليم (نعم للاقاليم الادارية ) او الاعلان عن اقامة دولة مستقلة للكورد (حق الشعوب في تقرير المصير) ولكن هناك ما وراء الاكمة الكثير من السيناريوهات. فالهدف هو القضاء على الارث الحضاري للعراق وبشكل شامل والقضاء على الحلم الكوردي في قيام دولة مستقلة (حاليا لعدم استكمال مستلزماتها) وطموحات السنة في العودة الى السلطة ….
ان الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية بزعامة ترامب، الذي اتوقع اعادة انتخابه رئيسا، لا ولن تفكر لما هو في صالح الشعوب بل مصالحها فوق كل اعتبار. فهي تتعاطف مع الكورد حاليا بهدف استغلالها لتمرير مخططاتها وكذا مع السنة للحفاظ على توازن القوي لحين استحقاقات ساعة الصفر وتحديدا بعد حسم بعض خلافاتها السطحية مع إيران فيما يتعلق بالوضع السوري وبعد ما يسمى ” القضاء على داعش وطردهم من العراق وسوريا “. ان ما يمكنني من الذهاب اليه هو ان الولايات المتحدة بعدما حققته في العراق ” امتعاض الشيعة من شيعة السلطة بسبب فشلهم بادارة العراق سياسيا واقتصاديا وامتعاض السنة من سنة السلطة لفشلهم في كسب السنة الى جانبهم وطغيان الانانية وحب المناصب لديهم وصراع الكتل الكوردية ونزاعهم على قيادة الاقليم” هو الظرف المناسب لتغيير وجوه اليوم وازاحتهم من السلطة او استبدالهم بوجوه جديدة خاضعة للارادة الامريكية ولديها مقبولية سياسية واجتماعية من قبل مكونات المجتمع العراقي ….. وهو الحدث الذي نحن بانتطاره وفقا لتوقعاتي.