بعد كل الوعود التي اطلقها الصدر من حكومة تكنوقراط والقضاء على الفساد والمحاصصة والشلع قلع هاهو الان يعود الى المربع الاول . مربع الطائفية والمحاصصة واستغلال موارد الدولة لاغراض حزبية وشخصية . هذا المربع الذي شكله الامريكان لتشويه العملية الديموقراطية وافراغها من محتواها التمثيلي الحقيقيي . . نراه الان يتحالف مع الحاج هادي العامري رجل ايران الاول في العراق . فذهبت اصوات اتباعه التي كانت تصدح ايران برة برة بغداد تبقى حرة الى ادراج الرياح . كما ذهبت طموحاتهم في تحقيق حكومة وطنية مخلصة وامينة في مهب الريح ايضا وكأنك يا بو زيد ماغزيت . . اننا لانعلم لماذا تحالف الصدر مع العامري وهو الذي كان يسمي ميليشياته بالوقحة . الا اذا كان قد خضع لسلطة قاسم سليماني عراب العملية السياسية الفاسدة في العراق . والكارثة ليست هنا فحسب بل انهم يدعون تبنيهم لمشروع وطني عابر للطائفية . ان هذا الادعاء والتحالف المشبوه يمثل قمة الاستفزاز لمشاعر وعقول الناس . . والاصرار على تنفيذ اجندات خارجية لاتريد الخير لهذا الشعب العريق ، من خلال اعادة انتاج التكتلات الطائفية والتي ستولد تكتلات طائفية مقابلة مقيتة . هذه الحلقة المفرغة من الفعل ورد الفعل التي كانت السبب الرئيسي لفشل الدولة وعجزها عن توفير الحد الادنى من الخدمات للمواطنين ونشر الفساد على نطاق واسع ، والتي ادت لدخول داعش الى اراضينا وما تلاها من تقديم الخسائر الفادحة بالارواح والاموال وخراب مدن عريقة وتهجير اهلها ، واكلت الاخضر واليابس من عرق جبين الشعب العراقي
ان رئيس كتلة الفتح هادي العامري الذي تحالف معه الصدر ، لايفتقر الى التفكير السياسي السليم فقط بل ويفتقر الى الحد الادنى من الكاريزما المطلوبة ليكون قائدا لاي مجموعة او رهط من الناس . وفوق هذا وذاك فهو بعيد كل البعد عن الوطنية العراقية ، لتفانيه في خدمةايران قبل مجيئه للحكم وبعده وهو لايتوانى عن التذكير دوما بانه جنديا وفيا لولي الفقيه في ايران
ومن غرائب الامور ايضا ان امريكا التي انشأت قواعدها في العراق وفرضت عقوبات عديدة على ايران بعد انسحابها من الاتفاق النووي . وقفت موقف المتفرج ازاء التدخلات الايرانية في العراق كما غضت النظر عن عمليات تزوير الانتخابات وعن المهازل اللاحقة لها وهي التي تدعي رعايتها للعملية الديموقراطية في العراق الجديد ! ! . لابل انها تخشى الاصطدام بالميليشيات الموالية لايران . وهي تعلم جيدا ان مخالب ايران قد امتدت الى كل مرافق الدولة الحيوية حتى اصبح الفكاك منها ضربا من المستحيل . فاجرت اتصالات مع رئيس كتلة الفتح نفسه في مبادرة انتهازية منها لتحييده مما زاد الطين بله
كما ان نوري المالكي الذي كان يطمع بحكومة الاغلبية السياسية ليمارس مجددا دكتاتورية دونكيشوت . ربما سيكون مدعوا للتحالف الجديد لاستكمال مشهد التخندق الطائفي القائم على الجهل والفساد . كما سيشارك كل الجمع الفائز في الانتخابات الى جوقة الحكم ليحلبوا ماتبقى من اموال واصول الدولة ، وسوف لن نجد من يرغب الوقوف في صف المعارضة كما كان الجميع يدعي . فالاشتراك بالعملية السياسية تدر عليهم الارباح الطائلة . فما جدواهم بالمعارضة والكل عينه على امتيازات المشاركة في الحكومة العتيدة . . حكومة الفساد والكتل الطائفية التي تبيع وتشتري المناصب الحكومية دون اي وازع اخلاقي او وطني ، او حتى الديني الذي يتخفون وراءه
ان تحالف سائرون الذي اكد في منهاجه على بناء دولة المواطنة ونبذ المحاصصة الطائفية والتصدي للفساد وحصر السلاح بيد الدولة وتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين وضمان استقلالية القرار العراقي . قد تنكر لكل هذه الوعود امام سطوة التهديد الايراني . اضافة الى تنكره لحكومة الكفاءات ، او ماسميت بالحكومة الابوية
ان اتفاق كتلة الفتح مع سائرون كنواة لتحالف حكومي موسع قد جاء لانقاذ ايران من وطأة العقوبات الامريكية ، حيث سيصبح العراق اكثر من ذي قبل حديقة خلفية لايران تستغله للتهرب من العقوبات وليكون ممرها الرئيس الى سوريا ولبنان والبحر المتوسط في الرجوع الى تحالف سائرون الذي ضم اضافة الى الصدريين ، الحزب الشيوعي العراقي وقوى مدنية وعلمانية اخرى نجده قد استقطب الانظار نحوه لتحقيق تقدم ولو طفيف في العملية السياسية وتوجيهها الى السكة السوية
. خصوصا وان هناك مايزيد على 56% من الشعب العراقي المقاطع للانتخابات . الا ان تكتل سائرون لم يسر باتجاه الاصلاح الذي بشر به وانما سار باتجاه التخندقات التي تفرخ تخندقات اخرى . انهم سيعيدون انتاج الكتلة الطائفية الاكبر لتصطف الكتلة الطائفية الاخرى . تقابلهما الكتلة الكردية التي تحاول الوصول الى مكاسب من خلال الصراع الطائفي الجديد او المفترض
هذا الصراع الذي ستنقله التحالفات المشبوهة الى ابناء الشعب المساكين . في حين ان قادة هذه التحالفات يتقاسمون السلطة والثروة فيما بينهم على مبدأ هذا لك وهذا لي ويعملون منذ الان على توزيع الحقائب الوزارية بينهم ليقسموها الى وزارات سيادية واخرى خدمية . وسوف لن نحصل منهم لا على السيادة ولا على الخدمات
ان مقاطعة الانتخابات من قبل جمهور واسع من الشعب العراقي . والتجاوزات على العملية الديموقراطية من خلال التزوير الهائل الذي حصل في الانتخابات الاخيرة . ورفض مبدأ التداول السلمي للسلطة . والتحالفات الطائفية التي اعقبت الانتخابات على مدى السنوات الماضية . والتدخلات الامريكية والايرانية بالشؤون الداخلية وعلى الاخص تسميةرئيس الوزراء . . تثبت بلا ادنى شك انهيار العملية السياسية . وفشل المشاركين فيها كافراد واحزاب وتحالفات
ويبدو من كل هذا ان الوضع قد اصبح على حافة الهاوية وينذر بعواقب وخيمة على العراق ارضا وشعبا ، مما يتطلب دعوة كل القوى الوطنية والمخلصة للوقوف صفا واحدا في وجه اي تكتل طائفي جديد من اي مكون كان او اية قومية . وعلى القوى المدنية والعلمانية المنضوية لتحالف سائرون الانسحاب من هذه الكتلة بعد ان تنكرت لوعودها . . والعمل على تشكيل تنظيم شعبي معارض من كل المنظمات المدنية والاشخاص المشهود لهم بالمواقف الوطنية ، لتعبئة الجماهير وفضح اساليب الفاسدين والطفيلين المتمسكين بالكراسي . . ووضع برنامج عمل للمرحلة القادمة لتصحيح العمل السياسي بكل الطرق المتاحة سواء بالمظاهرات السلمية او الاحتجاجات وحتى العصيان المدني لان الفاسدين والعملاء مازالوا مصرين على الحاق مزيد من الاذى للشعب العراقي ولم يصغوا الى رفض الشعب بكل طوائفه وقومياته لمنطق الابتزاز والاستهتار بمقدرات الشعب ، والذهاب به بعيدا نحو الهاوية من خلال التكتلات المشبوهة التي يجري العمل على احياءها واعادتها الى الواجهة بعدما لفظها الشعب وجلبت له الويلات والخيبة