شركات وهمية تستلم مشاريع ضخمة ب أموال طائلة في العراق

شركات وهمية تستلم مشاريع ضخمة ب أموال طائلة في العراق
آخر تحديث:
بغداد _ شبكة أخبار العراق _ حينما بدأت بكتابة تحقيقي هذا عن المشاريع الوهمية ، اكتشفت ان هناك شركات وهمية وليس فقط مشاريع وهمية ، إذ ان هذه الشركات كما قال النائب عن كتلة الفضيلة محمد الهنداوي يتم تأسيسها خلال نصف ساعة في احدى دول الجوار لتأتي بعد ذلك إلى العراق وتتسلم مشاريع ضخمة بأموال طائلة لتقوم تلك الشركات بتسليم العمل إلى شركات مقاولة عراقية لتبدأ بعد ذلك رحلة الفساد والتلكؤ في تنفيذ المشاريع . كما علمت ان محافظ البصرة سحب مشروع مجاري القرنة من شركة إسبانية تبين له بأنها وهمية ولا تمتلك مؤهلات إنجاز مشروع ضخم مثل مجاري القرنة !!
إذن … نكتب اليوم عن الشركات والمشاريع الوهمية التي قد تعلن عن إنجازها بعض الوزارات ليتبين في ما بعد أنها مشاريع وهمية لا وجود لها على ارض الواقع.
لكن … قبل ان نبدأ تحقيقنا لابد من القول ان بعض المواطنين يقومون بـ ‘التبليغ المباشر’ في الدوائر الخدمية عن وجود خلل ما في منظومة الكهرباء أو الماء والمجاري، بدلا من أسلوب الشكاوى ‘التقليدي’ عبر الهاتف أو المراسلة بالبريد الإلكتروني حيث ان اكثر من مواطن قالبان الدوائر الخدمية ‘تستجيب’ في أحيان كثيرة إلى الشكاوى المقدمة بشكل مباشر، وترسل فرق الصيانة إلى مناطق الخلل، لكنهم يشيرون إلى ان تلك الفرق ‘نادرا’ ما تنجز ما جاءت من أجله.
بعض أصحاب تلك الشكاوى يعود مرة أخرى إلى الدائرة المعنية لتكرار الشكوى أو الاستفسار عن سبب عدم إصلاح المشكلة على الرغم من إرسال مجموعة لمتابعتها على الأرض، لكن اغلبهم يكتشف بان المسؤول المباشر في تلك الدوائر قد تسلم ‘تقارير وهمية’ تخالف الواقع.
شخّصنا مشاريع وإنجازات وهمية
رئيس مكتب الإعمار والتطوير في مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي قال لقد شخصنا العديد من المشاريع المتلكئة وهي بالفعل نفس التوصيف للمشاريع الوهمية وهناك مشاريع ستراتيجية في بغداد تنفذ ولكن ليس ضمن المواصفات العالمية ،وهناك مشاريع صغرى يتم العمل بها في الوقت الحاضر لكنها ليست ضمن المواصفات المطلوبة بسبب افتقارنا للشركات العالمية المتخصصة في مجال الخدمات ،وإن تنفيذ مثل هذه المشاريع سيوثر سلباً على المواطن .
67 مليار دينار مشروع تطوير الطريق الدولي محمد القاسم
الزاملى أوضح ان مجلس المحافظة وبعد رصده التخصيصات المالية تم تشخيص المشاريع الستراتيجية المهمة والمشاريع الصغرى كما تمت دراسة المشاريع المتلكئة والأخرى من غير الممكن العمل بها ،وهذا تم بالنسيق مع محافظة بغداد والأمانة حيث تم تحليل كل مشروع وإعطاء الأولوية لتلك التي تهم المواطن بشكل مباشر .
الزاملي كشف ان احد المشاريع التي يجري العمل به حالياً منذ 3/2/2011 ولحد الآن وهو مشروع تطوير محمد القاسم بكلفة 67 مليار دينار وصيغة العقد تشير إلى إنجاز المشروع وتسليمه بقترة لا تتجاوز ثمانية اشهر ولكن نحن الآن في عام 2014 ولم ينجز المشروع ، وهذا يعني ان هنالك تلكؤاً في تنفيذ المشروع ،وبالنتيجة نحن قد ألحقنا ضررا كبيرا بالمواطن في عدم تنفيذ المشاريع المعلنة.
أرقامنا وعملنا معلن وشفاف
المتحدث الرسمي لوزارة النفط عاصم جهاد أشار لذات الصحيفة ان وزارة النفط تختلف كثيراً عن بقية الوزارات والدوائر الحكومية الأخرى وذلك من خلال الإعلان عن الإنجازات المتحققة في كل مرة سواء في مشاريع العقود أو التصدير أو غيرها من الإنجازات لأية وحدة إدارية في جميع مفاصل الوزارة ودوائرها المختلفة وذلك لسبب واضح ومعلن للجميع كون أداء الوزارة المتمثل بتوفير المنتجات وهذه جمعيها متوفرة إلى المواطن مباشرة أو من خلال التنسيق مع مجالس المحافظات كونها الجهة المستفيدة وان وجدت أرقام أو إحصائيات مغايرة للواقع فتكون الشكوى معلنة من قبل الجهة المستفيدة وهذا ما يحصل حالياً من خلال توزيع حصة الكاز أويل لأصحاب المولدات الأهلية ،فهم جميعاً يتسلمون الحصة المقررة وهذا أيضا ما يتم العمل به في مجال عقود النفط التصديرية .
جهاد أكد أيضا أن وزارة الكهرباء هي الأخرى تستفيد من المنتج الخاص بوزارة النفط وتتسلم كمياتها المقررة وليس لدينا أي إنجاز وهمي نخدع به المواطن كون العمل يجري وفق إحصائيات وأرقام دقيقة وهذه جميعها تخضع إلى آلية واضحة وشفافة كون الجهات المستفيدة هي التي تتسلم تلك الحصص والأرقام المعلنة ، فمن المؤكد ان الجهة المستفيدة هي التي ستعلن عن الأرقام الحقيقية ،ولكن لم نسمع منذ اكثر من اربع سنوات عن وجود أرقام مخالفة من الجهات المستفيدة وهي أصلاً معلنة من قبل الوزارة.
اعتماد البطاقة الإلكترونية للنفط الأبيض
جهاد أوضح ان الوزارة حريصة أيضاً على عدم السماح لضعفاء النفوس في مختلف المجالات أن يستغل أية أزمة لاحتكار منتجاتنا حيث عملت الوزارة على وجود آلية شفافة وواضحة لتوزيع المنتجات ومنها الكاز أويل الذى يتم تجهيزه حالياً وفق المنظومة الإلكترونية بغية تحديد المادة المجهزة كما يجري العمل حالياُ على توزيع منتج النفط الأبيض عبر البطاقة الإلكترونية ونحن الآن في اللمسات الأخيرة للبدء في تنفيذ هذا المشروع خلال الموسم الشتوي القادم.
التحقق من تنفيذ الشركة لمشاريع مماثلة
المهندس احمد نائل 32 عاماً يعمل في مستودع تابع لوزارة النفط يشير أن ما يذكر من وجود إنجازات وهمية في المشاريع الخدمية في العراق ليس بمعنى عدم رؤية المشروع بالعين المجردة بل حتى لو انجز فهناك مشاريع نفذت وانفق عليها مبالغ خيالية لكنها تفتقر إلى أبسط مقومات العمل الهندسي الإنشائية والكهربائية بل يصل الأمر إلى المجموعة الصحية ،وهذا هو نفس التصنيف للمشاريع والإنجازات الوهمية .
نائل يرى ان العراق يفتقر إلى وجود شركات كبيرة في مجال الإعمار وإن وجد بعضها في وزارة الإسكان وان السبب في اتساع ظاهرة الإنجازات الوهمية هو عدم قيام المشرفين والقائمين في الوزارات على التأكيد والطلب للتحقق من وجود هذه المشاريع وأهلية القائمين عليها .
مقتربات جسر ينتهي بالدور السكنية
نائل تساءل عن الأرقام الحقيقية للمشاريع التي تم تنفيذها منذ عام 2003 مستذكرا ان احدى القنوات الإعلامية عرضت تقريرا متلفزا من محافظة البصرة يروي قصة تنفيذ مجلس المحافظة الذي انفق عليه عشرات المليارات لجسر مع مقترباته في احدى مناطق المحافظة حيث تبين ان احد مقتربات الجسر ينتهي مع جدار لدور سكنية !!
ليس لنا صلاحية تصليح الأجهزة العاطلة
مدير إعلام وزارة الصحة الدكتور عبد العني سعدون بين أن الوزارة تؤكد عدم وجود مشاريع وهمية أو إنجازات تعلن للرأي العام وهي العكس،ولكن هنالك متغيرات واقعية مثل الأوبئة أو الأمراض الانتقالية فهذه تشكل احد الأركان الأساسية في عملنا إضافة إلى تقديم الخدمات الطبية والعلاجية المجانية لعموم المواطنين .
الدكتور عبد الغني اكد ان تسجيل ظهور حالتي شلل الأطفال مؤخرا بعد مضي أكثر من 14 عاماً على خلو العراق من هذا المرض فان هذا لا يعني ان الوزارة قد غفلت عن عملها لكن توافد الأشقاء السوريين إلى البلاد نتج عنه ظهور الإصابة عند أطفال منهم وقد سجل المختبر المرجعي في القاهرة وأميركا هذه الحالة وتبين أنها عترة سورية .
كوادر تعمل للإساءة إلى المؤسسة الصحية
عبد الغني أشار أيضا إلى أن هنالك حالات تشخص من قبلنا مثل عطل أجهزة الرنين أو المفراس أو غيرها من الأجهزة المختبرية وعند قيامنا بالإيعاز إلى إدارات المستشفى بتصليحها نرصد عددا من الحالات غير الصحيحة ،مثل عدم استخدام المواد الأولية الأصلية أو عدم تصليح الأجهزة وفق الضمانات المطلوبة ،وهذه مشكلة يعانيها المجتمع في جميع القطاعات وليس في وزارة الصحة بسبب وجود أشخاص غير مؤهلين ، كاشفاً ان الوزارة غير مرخص لها بتصليح الأجهزة العاطلة التي يتم تجهيزها من قبل مجالس المحافظات أو المجتمعات المدنية كون صيغة التعاقد والصيانة هو محدد ضمن صيغة التعاقد مع الجهة التي يتم الشراء من قبلها ،علماً أن العديد من مجالس المحافظات كان لها الدور المهم والبارز في رفد المؤسسات الصحية.
عبد الغني أشار إلى ملاحظة مهمة وهي ان يكون هناك إدراك متكامل لدى جميع المواطنين على أهمية نقاء النفس والعمل الحقيقي بما يرضى ضمير الإنسان نفسه بغية تقديم الخدمات الإنسانية لمختلف القطاعات .
الدور الرقابي الحقيقي
غني الجبوري مستشار في احدى شركات المقاولات في العراق الحاصلة على درجة التصنيف الأول حسب قائمة وزارة التخطيط يشير قائلا: لقد اجتاحت البلاد موجة من الحالات الشاذة في المجتمع بمختلف المجالات والاتجاهات وظهرت علناً الشركات الوهمية وجاءت هذه الشركات لتهريب الأموال من خلال تقديم الهدايا والمبالغ الضخمة للموظف من اجل الحصول على عقود ، وذلك لأن الأموال المدفوعة سوف تستحصل أضعافا بسبب الوضع العام لصيغة العقود المحالة وهي معروفة مسبقاً قيمة المبالغ التي تم الحصول عليها .
غني طالب الحكومة بوضع قوانين تمنع هذه الشركات لاسيما ان البلاد بحاجة إلى هذه الأموال لغرض الترميم ، والبناء ، والإعمار، والإنشاء فنحن لا نرغب في خروج أموال العراق إلى الخارج ونفضل أن يعاد النظر في آلية منح العقود للشركات خصوصاً للمشاريع الستراتيجية كون تلك المشاريع لها تخصيص مالي مع التأكيد على دور الرقابة بالمعنى الحقيقي .
الدعوة لكشف الشركات الوهمية
في حين يرى المهندس محمد العامري وهو مدير احد مشاريع وزارة الإعمار والإسكان يبين على الحكومة الاتحادية والمحلية اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الشركات و أصحاب المشاريع المتلكئة التي أضرت بحياة المواطن بشكل واضح من خلال غلق الطرق وغيرها من المشاهدات والمتاعب اليومية منها منع السفر أو حجز العقارات وغيرها لضمان تنفيذ المشاريع المستقبلية بدقة وكفاءة إضافة إلى إدراج تلك الشركات المحلية ضمن لائحة سوداء وتعلن عبر وسائل الإعلام ،وهذا إجراء وطني للتصدي للعديد من الشركات الوهمية التي أخذت على عاتقها تنفيذ العديد من المشاريع تحت غطاء تفعيل القطاع الخاص المحلي .
العامري أكد ان قدوم شركة وتقديم أوراقها الرسمية التي تشير إلى قدرتها على تنفيذ المشروع وبعد الإحالة يبدأ المشروع بالتعثر ،وهذا يعني ان كل ما تقدم به وهمي ،وهذا اعتراف ضمني بأن الشركة وهمية .
تسجيل أكثر من 20 ألف شركة بعد 2003
الخبير الاقتصادي الدكتور جهاد مجيد أكد أن وزارة التجارة سجلت أكثر من 20 ألف شركة عراقية خاصة بعد عام 2003، فضلا عن فروع الشركات الأجنبية ومكاتب التمثيل الأجنبي، فيما لم تسجل سوى 8374 شركة للفترة المحصورة بين عامي 1946 و 2003!!
جهاد قال إن هذا الارتفاع الكبير في تسجيل الشركات سمح ببروز العديد من الشركات الوهمية التي ساهمت بانتشار الفساد الإداري في البلاد كما ساهمت المحاصصة السياسية في التمويه على العديد من عمليات الفساد الإداري وهدر المال العام و قد عرقلت بعض الجهات السياسية فتح العديد من ملفات الفساد الإداري وهدر المال العام .
جهاد أوضح ان اعتماد العديد من الأحزاب السياسية سياسة تسخير إمكانات الدولة لعملها الحزبي حيث تحولت السلطة التنفيذية إلى تخمة من الكوادر الحزبية تثقل ميزانية الدولة العراقية برواتب ضخمة، حيث تعمل ضمن أجندة حزبية وليس في تطوير الدولة العراقية، وبالتالي تحولت الدولة في خدمة الحزب وليس الحزب في خدمة الدولة وتطويرها. والانهيار الحاصل في البنى التحتية شكّل عاملا آخر في انتشار الفساد الإداري في البلاد حيث ان عدم وجود أسس قوية يستند إليها الاقتصاد العراقي تسمح بالعديد من الثغرات التي تصبح فيها الأجواء ملائمة لانتشار الفساد الإداري في الدولة.
حينما انتهيت من كتابة تحقيقي هذا جاء من يهمس لي بأن أمام الحكومة المقبلة تركة ثقيلة من المشاريع الوهمية ستقوم بالتحقيق فيها حيث تبين ان هناك 425 مشروعا وهميا منذ العام 2004 ولغاية الآن حيث تبلغ كلفة تلك المشاريع نحو 60 مليار دولار ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستستطيع الحكومة المقبلة الكشف عن المستفيد من تلك المشاريع الوهمية؟
أشك بذلك كثيراً !!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *