من المسؤول عن إغراق الأسواق العراقية من السلع الأجنبية والإثراء الغير الشرعي؟

من المسؤول عن إغراق الأسواق العراقية من السلع الأجنبية والإثراء الغير الشرعي؟
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- من اولويات اسباب فرض رسوم التعريفة الكمركية لاي بلد , خاصة البلدان النامية  , حماية السوق المحلي من الاغراق السلعي الاجنبي , اضافة الى مهمات اخرى تترشح من خلال تطبيق التعريفة مثل تفعيل الاستثمار وحل المشاكل الاقتصادية وغيرها وقد تساهم بعض الحكومات بالدعم المالي والتشريعي لسياسة الصادرات كمساعدة للصناعات المحلية لغرض التقليل من الاضرار الناتجة عن سياسة الاغراق , وبالتالي التقليل من تكلفتها النهائية ولمنافسة السلع الاجنبية في اسواقهم . وفي الجانب الاخر فان سياسة الاغراق السلعي بمفهومها الاقتصادي تعني بيع البضائع الاجنبية في الاسواق المحلية باسعار اقل من التكلفة لغرض اخراج المنافسين لها من السوق المحلي . ما يضطر البلد المستورد لهذه السلعة الى غلق مصانعه التي تنتج نفس السلعة المنافسة لها وحينما تنفرد المصانع الاجنبية بالسيطرة على السوق المحلية تقوم بالتلاعب بالاسعار وتشدد في الوقت نفسه قبضتها على السوق وتفرض السعر الذي يحلو لها ان تحدده .وان اكثر الدول التي تعاني من الاغراق كمتضرر اولي هي الدولة التي تفرض رسوما عالية على صادراتها ومثال ذلك اغراق الاسواق الامريكية بعصير التفاح المركز والذي يقل عن تكاليف انتاجه بنسبة 91%عن انتاجه في الولايات المتحدة الامريكية ,  الامر الذي ادى الى اغلاق العديد من المصانع الامريكية لعصير التفاح المركز . ويعرف الاغراق Dumpingعبارة عن بيع سلعة بسعر اقل من تكاليف انتاجها ويمكن استخدام سياسة الاغراق من قبل شركة مهيمنة بهدف الاستحواذ على الاسواق والتصدي لمنافسيها وبالتالي طردهم من السوق . والاغراق ظاهرة مرتبطة بالسوق الرأسمالية وعادة ما تمارسها الشركات الاحتكارية العملاقة ولا سيما التسويقية منها من اجل زيادة قدرتها التنافسية ومن ثمة السيطرة على الاسواق وبالتالي  زيادة الارباح . وتعرف الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة (الغات Gatt) الاغراق بعملية توزيع  انتاج بلد معين في اسواق بلد اخر بسعر اقل من السعر الطبيعي وترى ان تطبيق هذه السياسة قد يلحق  اضرارا ببعض الصناعات ولاسيما الصناعات الناشئة ويقف دون الحيلولة لصناعات اخرى بالنهوض بمنتجاتها . وفي عشرينيات القرن الماضي عرف (لينين) في مؤلفاته الاقتصادية (الاغراق) على انه نظام التصدير القائم على اساس كسر الاسعار ويعده انموذجا لسياسة (الكارتلات) والرأسمالية المالية فقد حدد مسار هذه العملية على النحو التالي _بيع الكارتلات دخل بلد معين كالبلد المنتج مثلا بضاعة باسعار احتكارية عالية الا ان بيع مثل هذه البضائع في الاسواق الاخرى باسعار اقل بكثير في محاولة منه لمنع المنتج المنافس من زيادة انتاجه الى مستوى طاقته الانتاجية القصوى وفي الوقت الذي يقيد الكارتل من حجم الانتاج المخصص للاسواق المحلية الداخلية فأنه يتوسع في الانتاج الى الاسواق الخارجية . والسوق العراقي ليس ببعيد  عن سياسة الاغراق بل هو سوق غارق في السلع الاجنبية خاصة من البلدان الاقليمية والصين وغيرها, فبعد سقوط النظام السابق سمح الحاكم المدني بول بريمر ( سيئ الصيت ) بفتح الحدود على مصراعيها امام تدفق السلع بانواعها ومن جميع المناشئ , فما كان ممن يسمون انفسهم  (تجارا)ان هبوا وتحت الحاجة الى مزيد من الاثراء غير الشرعي , الى الاسواق العالمية بشراء السلع الرخيصة الثمن والرديئة النوعية او المنتهية صلاحيتها حتى وصل بهم الامر الى استيراد المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك البشري تحت لافتة اللهاث المحموم الى زيادة الاستيراد العشوائي للسلع. ما ادى الى اتخام السوق المحلية بهذه السلع ابتداء  من المحلات التجارية الى ( البسطيات ) مرورا بالارصفة  و (الجنابر) . وفي الجانب الاخر ولكي تكتمل المعادلة في توازن السوق غير الشرعي (السوق المنغولية) ونتيجة لسياسة النظام السابق الاقتصادية والتي حصرت قوت الشعب واحتياجاته الضرورية بيد حفنة من راسماليي النظام, يضخون الغذاء متى ما يريدون ويمنعونه متى ما يريدون فشهد السوق شحا و رخاء , ضخ مواد غذائية ومنعها تمهيدا لاستيراد المجمدات  التي تتطلبها هذه الفوضى في التسوق كما يقول الاستاذ ياسين النصير , هذا الشح المتزامن خاصة للاثاث والمواد الكهربائية والمواد الغذائية والمواد الضرورية لادامة الحياة  ولعدم قدرة الموظف والمواطن البسيط على اقتنائها سابقا  ونتيجة لزيادة رواتب الموظفين لاحقا تنامت عند المواطن الرغبة في اقتناء ما كان محروما منه لصعوبة اقتنائه سابقا فلم يجد امامه سوى هذه البضائع الرديئة وبالاسعار المناسبة , هذه الحالة من البساطة في توفر واقتناء السلع شجعت حتى بعض الموظفات لفتح (جمعيات خاصة)!! لهن في دوائرهن لبيع المتوفر في السوق  من السلع وبالتقسيط المريح . سياسة الاغراق للسلع الاجنبية في السوق المحلية لم يتحمل وزر اخطائها  المواطن فقط وان هذه السياسة شجعت الى المضي في غسيل الاموال , وتمويل عمليات الارهاب واستنزاف العملة الصعبة وبالتالي الاضرار في التجارة وكساد الانتاج المحلي , وبما ان موضوعنا له علاقة بالانتاج المحلي فأننا نعترف ان الصناعات المحلية لا تستطيع في الوقت الراهن منافسة الصناعات العملاقة للدول الاخرى فأتحاد الصناعات العراقي يضم في عضويته 40 الف مشروعا صناعيا لمختلف الانتاجيات , 70%منها توقف بسبب السياية الشمولية والحروب والازمات وعسكرة الصناعة (سابقا )  و30%تعمل بطاقة متدنية ويزداد معدل المشاريع المتوقفة نتيجة شحة المشتقات النفطية وقلة الامدادات للطاقة الكهربائية والخوف من العمليات الارهابية , كل هذه الاسباب مجتمعة وغيرها ادت الى غلق الكثير منها .الاغراق السلعي تتحمله الدول المتقدمة صناعيا بالدرجة الاساس ولاننا لا نرتبط باكثر دول العالم التجارية بمعاهدات تجارية تحدد مسارات وكميات ونوعيات البضاعة المستوردة فأن سوقنا المحلي اصبح نهبا للانتاج الاجنبي حتى وصل ببعض البلدان الصحراوية تصديرها المياه المعدنية لنا ويقال عنا نحن بلد الرافدين !.ولكي لا نترك الحبل على الغارب ونسمح بتعويم التجارة فأن مسؤولية مهمة تقع على المنتجين المحليين اذ عليهم ان يرتقوا ببضائهم الى مستوى نوعي ينافس البضاعة الاجنبي بادخال الاساليب الحديثة (التقنية) في الصناعة اضافة الى تطوير اساليب تسويق منتجاتهم المحلية خاصة المنتوج الذي له شبيه في الدول المتقدمة , وان المنتج  المحلي , وفي مثل ظروفنا الحالية) لاتستطيع النهوض بهذه المهمات  لوحده وان للكمارك دور مهم في تقديم المساعدة من خلال العمل على تقليل الحواجز على حركة مستلزمات الانتاج الاولية وبالتالي انتاج بضاعة بأسعار تنافسية مع البضائع الاجنبية المثيلة لها في السوق المحلي .ولم يقتصر دور الدولة عند حدود الكمارك , فأن تمثيلنا التجاري في دول العالم يجب ان يأخذ دوره , بمعنى اخر ان لا يقتصر التعامل التجاري مع  دول بعينها والتي سوف يكون لها دور سلبي في المستقبل من خلال فرض شروطها السياسية لترويج منتجنا المحلي في بلدانهم , فوجود الممثل التجاري سوف يعمل جاهدا لوضع حد فاصل بين السياسة والاقتصاد ولايسمح  للشروط السياسية ان تتسلل من ثغرات جدار الاقتصاد وبالتالي سد مسامات الابتزاز السياسي .ان الاتجاه سائر لا محال الى استكمال مهمات الزمن العولمي , وللقطاع الخاص دور كبير وناشط في تفعيل السوق وان معظم الدول ترى ان التخلي عن القطاع العام يحررها من الالتزامات المترتبة بذمتها وعليه ان يأخذ القطاع الخاص دوره في الانتاج والتسويق من خلال منحه مزيدا من الحرية والديمقراطية لكي يتفاعل مع المجتمعات المتقدمة ويواكب ظاهرة العولمة .ان من شروط الانظمام الى منظمة التجارة العالمية (wto) هو عدم اغراق الاسواق بالبضائع المستوردة ومنع استيراد البضائع الفائضة عن حاجة السوق المحلية والحد من استيراد البضائع الاجنبية التي تنافس الانتاج الصناعي والزراعي المحلي . نستنتج مما سبق ان للكمارك دور مهم في الحد من سياسة الاغراق خاصة البضائع الغذائية والدوائية  من خلال الفحص الكمركي والتأكد من صلاحية استهلاكها ولا يتم ذلك الا بتفعيل قانون التعريفة الكمركية واصدار الاجازات المسبقة للاستيراد  والتصدير لجميع البضائع لا سيما ونحن مقبلون على برنامج لتطبيق جزئي للتعريفة الكمركية رغم الاصوات المعارضة من قبل التجار والمنتفعين من بقاء العراق خارج تطبيق التعرفة الكمركية للاسباب المعروفة للجميع  . ونحن بانتظار لاعلان عن الاتحاد الكمركي العربي سنة 2015 والذي سيكون النواة لتاسيس السوق العربية المشتركة .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *