من المسؤول عن انهيار القطاع الزراعي؟

من المسؤول عن انهيار القطاع الزراعي؟
آخر تحديث:

بغداد/شبكة اخبار العراق-  ( الفاتحة على روح الزراعة العراقية ) عبارة حملتها لافتة في تظاهرة لمزارعين عراقيين طالبوا الحكومة بالاهتمام بهم وبالزراعة العراقية التي بدأت تنحدر وقد تنقرض اذا تواصل اهمالها..ربما وجدت هذه العبارة صدى لها في القنوات الفضائية التي التقطت الحدث ونقلته لتحصل على مادة دسمة بينما يواصل المزارعون معاناتهم وتواصل الزراعة العراقية الانحدار..
هجرة اجبارية..ترك ابو يعقوب ارضه في أطراف العاصمة منذ سنوات ليعمل فلاحا في حدائق المنازل الراقية بعد ان يئس من استغلالها كما يجب..ويرى ابو يعقوب ان العمل في الحدائق اسهل بكثير لكنه يحن الى أرضه والى الارباح التي كان يجنيها منها..لكن عملية الزراعة الآن باتت مكلفة جدا ، فقد بلغ سعر كيس السماد حوالي 70 الف دينار وارتفعت اسعار البذور والحراثة ، كما شح الماء في اغلب الأطراف والقرى ولم تعد الدولة تشتري المحاصيل الزراعية بأسعار جيدة واصبحت تؤخر دفع ثمن محاصيل الحنطة والشعير والذرة لأشهر طويلة فيضطر الفلاح الى الاستدانة ولا يشعر بالفائدة المرجوة مطلقا ، كما يعجز عن سداد ديونه وتهيئة أرضه للموسم المقبل وهكذا..من جهته ، يعزو المزارع ابراهيم الحامد سبب فشل الزراعة في اطراف بغداد التي كانت تشكل من قبل سلة بغداد الغذائية لتنوع المحاصيل التي تزرع فيها وجودتها ، الى النزوح الذي ارغموا عليه منذ ما يقارب العام بعد دخول داعش الى مناطقهم ثم تحريرها منه..ولا يجد الحامد العودة الى ارضه حاليا ممكنة بسبب تحول منطقتهم الى ساحة قتال وتدمير جميع خدماتها وتعذر الحصول على حصص مائية لأن مثل هذا الأمر كان يخلق مشاكل كبيرة بين الفلاحين ويسهم مهندسو الري في حلها ، فكيف سيكون الحال وقد عمت الفوضى مناطقهم من جميع النواحي..ولا يلقي المهندس الزراعي مالك طه من منطقة ابي غريب باللائمة على المزارعين الذين غادروا اراضيهم او اهملوها ما حول اكثر من سبعة ملايين دونم من اراضي حزام بغداد الى صحارى قاحلة ، بعد ان كانوا يزودون العاصمة بمختلف الخضر والفواكه ، لكن بغداد بدأت باستيراد الطماطة من محافظة البصرة بشكل محدود ومن الدول المجاورة بما يعود بالفائدة عليها وبالضرر على مزارعينا واراضينا.. في عام 2007 ، وضعت الحكومة المحلية في كربلاء يدها على عدد من الاراضي المزروعة بالخيار والطماطم بطريقة الزراعة المغطاة وتم تجريفها دون ابلاغ قضائي بالاخلاء.ورغم ان القانون يمنع تجريف الاراضي المزروعة قبل بيع المحصول في الأقل ، فقد تم توزيع هذه الاراضي بين عناصر الأحزاب السياسية المتنفذة تحت بند ( ضحايا النظام السابق ) لتتحول الى قطع سكنية لهم بينما لم يحصل مالكوها على اية تعويضات مادية او معنوية..يؤكد المزارع حازم الفتلاوي انهم – أي المزارعون – ورغم كل ما قدموه من دعم اقتصادي بتحويل الصحارى الى ارض صالحة للزراعة بجهد استثنائي ثم توفير المحاصيل الصيفية والشتوية بكميات اغرقت السوق المحلية بمنتوج متميز ، الا ان حكومات الاحزاب فضلت خدمة افرادها على خدمة البلد وكان سلوكها ضربة قاصمة للزراعة التي ازدهرت لفترة بعد تلقي المزارعين دعما كبيرا من المصارف الزراعية بتسليمهم المواد اللازمة للزراعة من بذور ونايلون وسماد واقراضهم ما يحتاجونه من مبالغ من المصرف الزراعي بهدف سدادها بعد جني المحاصيل الزراعية..ومؤخرا ، انتشرت ظاهرة ضلوع موظفين بالتسجيل العقاري واصحاب مكاتب ” دلالية ” بعمليات تزوير عقود الاراضي وبيعها للمواطنين بعد استيلاء عصابات مجهولة على اراض زراعية في مناطق غير مأهولة وتجريفها وتقطيعها خارج اطار القانون عبر صفقات فساد..ويؤكد محافظ بغداد علي التميمي ذلك ، ويشير الى اهتمام محافظة بغداد بهذه القضية بملاحقة هذه العصابات والقبض على بعضها بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد.
ودعا اهالي بغداد المتضررين من هذه العملية ، الى التوجه لقسم شؤون المواطنين في المحافظة ، مؤكدا ضرورة تعاون المواطنين وتوكيل حقوقي في عملية بيع وشراء الاراضي..ولا يقتصر الأمر على تجريف الاراضي الزراعية فقط ، بل امتد ذلك الى تجريف بساتين النخيل العائدة للدولة ـ حسب المواطن حميد المسعودي – وهو ما ينذر بكارثة بيئية ايضا اذ تم تحويل مئات الدونمات الزراعية الخصبة الى مناطق سكنية عشوائية متطفلة على المناطق السكنية الاصلية وفق صفقات فاسدة ولصالح جهات واحزاب متنفذة..ويعتقد الخبير المائي اسعد ناصر اللامي ان المزارع يتحمل جزءا من المسؤولية ازاء تراجع الزراعة في العراق ، فقد هجر العديد من المزارعين اراضيهم للعمل في التجارة بعد تحسن مستواهم المعاشي كما ادى زحف الحضارة على الريف العراقي واتمام اغلب اولاد الزارعين لدراستهم الى هجرتهم للدراسة وللقرى ايضا احيانا والتوجه الى المدن.ويتابع :” اما الجزء الاكبر من المسؤولية فيقع على كاهل الدولة التي تخلت عن المزارعين ولم تواصل دعمهم بتوفير كل ما يحتاجونه من مواد ومكننة زراعية وتسليف ورش مبيدات وما الى ذلك “..وكانت لجنة الزراعة والمياه النيابية ، ذكرت في بيان لها انها ناقشت مؤخرا عملية تسليف الفلاحين وتقليل الروتين في مراجعات الدوائر لتسهيل ذلك ، واعادة النظر بقانون العقود الزراعية لسنة 1970 ، فضلا عن توفير المستلزمات الزراعية الخاصة بالمحاصيل الزراعية كالطماطم بعد ان ادت قلة الدعم الحكومي الى تراجع اعداد مزارع الطماطة من 320 الى 30 مزرعة فقط..وطالبت اللجنة ايضا بمعاودة رش المبيدات من خلال الطائرات لمكافحة امراض المزروعات والنخيل ، مشيرة الى ان وزارة الزراعة تعهدت باتخاذ الاجراءات اللازمة والعاجلة لهذه المطالب والايفاء بكل ما يحتاجه الفلاحون والعمل على اعادة الزراعة في العراق الى سابق عهدها من خلال دعم الفلاح والوقوف الى جانبه..من جهته ، يؤكد الدكتور غازي راضي العبودي الوكيل الاداري لوزارة الزراعة ان وزير الزراعة فلاح حسن الزيدان اصدر توجيهاته الى مديريات الزراعة في المناطق الساخنة التي جرى تحريرها من داعش ، بالعودة الى مقراتها والمباشرة بالعمل الزراعي وتقديم الخدمات الزراعية للمزارعين ، مشيرا الى تشكيل لجان تقوم بجرد الاضرار التي سببها مسلحو داعش وتحديد التكاليف لاعادة الاعمار والتأهيل فيهما..ربما ستتحدى وزارتا الزراعة والري العقبات الجديدة كتحول بعض المناطق الى ارض معارك بين داعش والقوات المسلحة ، ونقص المياه والتقشف في الموازنة المالية للنهوض بالواقع الزراعي والتقليل من استيراد المحاصيل الزراعية..وحتى ذلك الحين يجمع اغلب المواطنين على ان المحصول الزراعي الوحيد الذي لم يتم استيراده حتى الآن هو (الخضرة ) أي (الكرفس والريحان والمعدنوس والرشاد و…..) ليس لأنها متوفرة ومدعومة ، ولكن لأنها ستصل ذابلة حتما !!.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *