“تدوير” العملية السياسية كتدوير الأباريق البلاستيكية!

“تدوير” العملية السياسية كتدوير الأباريق البلاستيكية!
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق-” التدوير ” مصطلح آخر عرفه العراقيون و انتشر ، لكن قبل الإحتلال و أيام الحصار الإقتصادي و كنا نسميه ( إعادة ) حيث كانت كل مقتنياتنا المنزلية معادة إبتداء من النعال ( جمع نَعْل ) و الأباريق البلاستيكية و الصحون و الأواني و انتهاء بالأقداح و استكان الشاي الزجاجي حيث المواد الزجاجية تكسّر و تصهر لإعادة تدويرها و البلاستيكية تفرم و يعاد تدويرها لعشرات المرات حتى صار العراقي يتخلص من نعله القديم فيعود له إبريقاً بعد شهر؟،الآن هل يجدي تدوير العملية السياسية لإنتاج بديل للمسخ الأمريكي قبل أن يبلغ سن الرشد و يتحول إلى واحد من المخلوقات الخضراء اللزجة التي يتحفنا بها خيال هوليوود العلمي وقد بدأت ملامحه و تصرفاته تفضح نياته وهو يقفز في المنطقة الخضراء من شجرة لاخرى ؟.

لكي تدوّر الأباريق البلاستيكية التي يجمعها العتّاكة ( مهنة ظهرت أبان الحصار أيضاً و هم جامعوا المواد المستعملة القابلة للتدويرمن حاويات القمامة ليبيعوها لمعامل التدوير ) يجب تطهيرها أولاً وغسلها بالشامبو و تجفيفها و تقطيعها و فرمها في ماكنة الفرم ثم تنقل إلى ماكنة الإعادة حيث تصهر تحت درجة حرارة عالية و تضغط لتخرج على شكل خيوط ساخنة تغمر بالماء لتبريدها و إعادتها الى الحالة الصلبة ثم تدخل ماكنة ثالثة لتقطيعها الى حبيبات بلاستيكية تعبأ في أكياس الرز الفارغة سعة خمسين كيلوغراماً بانتظار دورها في تصنيع أباريق جديدة أقل كفاءة و جودة من سابقاتها و كلما أعيد أبريق مرة أخرى فقد إمكانية جلوسه منتصباً على بلاط الأرضية .

ويحرص زعماء و شيوخ الأحزاب و الكتل و الطوائف و النواب أشد الحرص على شيء يسمونه ” العملية السياسية ” لم أجد له أصلاً في القاموس السياسي و لم نسمع به قبل أن تطأ أقدام المحتل الأمريكي أرضنا و معه هذه الشلة التي ما زال المحتل يخلط مكوناتها منذ ما يقرب من عقد و نصف في طنجرة العملية هذه على نار الإرهاب و الفوضى دون أن تنسجم و تكتسب طعماً وطنياً خاصاً بها ، و الغريب ان هذا المصطلح انتشر في كل البلدان العربية التي طالتها من بعدنا فوضى كفوضانا و أصبح الجميع يتداولون مصطلحاتنا العجيبة : الطيف السياسي ، المكونات ، الفسيفساء ، العملية السياسية ، الكتل الإنتخابية ، العملية الإنتخابية ، المظلومية ، التهميش و مؤخراً الإنبطاح و المنبطحون .. الخ وكأنهم ورثوا منا كنزاً .

في كل مؤتمراتهم و لقاءاتهم و حملاتهم الإنتخابية و أحاديثهم التلفزيونية يوصوننا بها خيراً : احرصوا على العملية السياسية ، حافظوا على العملية لا تمسوا العملية ، حتى تصورنا أنها عملية جراحية يخافون أن تلتهب إذا مسسناها ويبدو أنها كذلك بالفعل ، عملية أجراها جراح أمريكي لاستيلاد هذا المخلوق الذي بلغ سن المراهقة و صار أقل براءة مما تخيله حملة الزهور على جانبي طريق الدبابات الغازية و اكثر شغباً و اذى و تعين على العراقيين الآن وضع حد لهذه المهزلة التي يسمونها العملية السياسية و إيجاد شيء بديل يستثمرون به ما تبقى من وقتهم و نفطهم و أرواح أبنائهم

بين التغييرو التدوير فرق كبير . الإصلاح الذي هبت الجماهير للمطالبة به كموضة أو كنزهة في نهار جمعة مشمس أكلت خلاله سندويتش الفلافل و احتست استكان شاي مهيّل في ساحة التحرير ثم ما لبثت ان نسيته هو في حقيقته مطالبة بإعادة اباريق العملية السياسية التي قال العتّاك ( مفرد عتاكة ) الشهير بول بريمر أنه جمعها من الشوارع الخلفية . هذه الأباريق لو أجرينا كل عمليات التطهير و الغسل و الصهر و الضغط عليها لما تطهرت لانها غرقت بالفساد و في أحسن حالاتها لن تنتج أكثر من نائب يرقص على كرسي البرلمان كإبريق معاد . خرجنا من عصر الحصار الإقتصادي دعونا الآن نخرج من عصر الفساد السياسي و نفهم أننا نستحق خيراً من هؤلاء و ان لا شيء يجبرنا على القبول بهم بعد اليوم ، دعونا نترفع عن مقايضة أصواتنا ، و الإنتخابات قريبة ، ببطانية أو صحن هريسة فليس بالهريسة وحدها يحيا الإنسان .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *