غالب الدعمي
يطل علينا بين الحين والآخر بعض مسؤولي وزارة الكهرباء في تصريحات لم ينزل الله بها من سلطان، وآخرها ما أدلى به وزير الكهرباء المهندس قاسم الفهداوي نفسه عبر شاشة البغدادية، مقراً أن وزارته لن تستطع تزويد المواطنين بالكهرباء بشكل كامل متنصلا عن تصريحات سابقة كان قد أدلى بها قبل موسم الصيف، ومؤكدا على أن محطات جديدة ستدخل الخدمة في مقبل الأيام من دون أن يحدد متى يكون هذا المقبل ومعطيا أملاً جديداً لتحسن الكهرباء بعد سنتين من الآن.
السيد معالي الوزير حفظه الله ورعاه، وكعادة وزرائنا، قدم اسبابا وتبريرات لتردي الكهرباء، ومنها الهدر الحاصل بسبب قدم الشبكة الوطنية وتجاوز المواطنين عليها، فضلا عن عدم التزام المحافظات بالقطع المبرمج، ما أدى إلى حصول اعطال في محطات مهمة تسببت في ضياع كميات كبيرة من الطاقة التوليدية المُنْتَجَة.
في حين أن مدير إعلام وزارته قدم تبريرات كبيرة أخرى تشعرك أن الأيام المقبلة ستشهد فيها الكهرباء استقراراً كبيراً، فهناك بحدود (3000) ميغا واط تحت سيطرة داعش من الممكن أن تعاد للخدمة بعد تحريرها من قبضتهم، وأخرى بحدود (2300) ميغا واط متوقفة بسبب انخفاض ضغط الغاز وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها سنسعى لشراء الوقود لها، فضلا عن وجود محطات سيتم تشغيلها في الاسابيع المقبلة وستزود الشبكة الوطنية بـ (2000) ميغا واط.
ولو جمعنا عدد الوحدات المُنتَجَة وفقا لما صرح بها هذا الوزير، والذين من قبله لأصبح لدينا أكثر من مليون ميغا واط وحتى اكثر من حصوات جحا بعشرات المرات، ويمكن لنا تزويد كوكب المريخ بالطاقة، ولكن للأسف عدم وجود رادع ومحاسب لما يدلي به المسؤولون من تصريحات ومعلومات، جعلهم يكذبون على الناس مع اطلالاتهم المتكررة عبر شاشات الفضائيات، وبدلاً من اقناع المواطنين برسالتهم، فأنهم يحرفونها إلى شخصية وتصفية حسابات مع آخرين، وكأن هؤلاء المنافسين لهم في المنصب هم سبب البلاء الذي أصاب الشعب العراقي.
وانا كمواطن أتمنى أن أرى في حياتي وزيراً أو مسؤولاً يعد الناس ويحقق لهم وعده، والذي أعتقده سيكون ذلك حسرة في قلبي وقلوب الناس.
الذين يسكنون في بلد اسمه جمهورية العراق وهذا يذكرنا، حين أوكل اهل بغداد مهمة عد أيام شهر رمضان للقاضي جحا، والرجل بدوره جلب جرة وعلقها في غرفته، وبدأ يضع حصاة واحدة في جرته مع نهاية صوم كل يوم، وهكذا في اليوم الثاني والثالث، وحين رأته أبنته الصغيرة يفعل هذا، بدأت هي الأخرى تضع في غفلة منه مجموعة غير معدودة من الحصى في الجرة، وحين سأل أهل المدينة القاضي جحا عن عدد الأيام التي صاموها، فقال لهم: تعالوا نعد حصاتنا، فظهر عددها (400) حصاة فقال لهم: اليوم اكملنا في التمام والكمال (400) في رمضان وهذا حال وزارة الكهرباء نسمع ضجيجهم ولانرى طحينهم.