إحالات التعبير المكثفة

زياد جسام
ربما يكون الفن غير الواقعي في نظر البعض فنا متمردا ومتحررا على كل القواعد والمدارس، إلا أنه حينما يكون صادقا ونابعا من فنان مبدع، فإن الخطوط والأشكال والألوان تكون غنية بالدلالات والرموز والمعاني، فالرسم مثلاً قد يأخذ من المتلقي زمنا في الـتأمل والمتعة والملاحظة أكثر مما يأخذه منك الفن الأكاديمي المدروس المقيد لجملة من الضوابط والمعايير والقوانين.  وهذا يعود لثراء مفردات العمل الفني سواء أكانت تعبيرية ام تجريدية ام اي مدرسة اخرى خرجت عن الواقع، فلو اخذنا اعمال الفنان علي جبار وتمعنا بها جيداً لوجدناها تحيلنا الى الافكار اكثر من التقنيات، اذ اشتغل على المدرسة التعبيرية، واكد على حالات الانسان في كل ظروفه من خلال العلاقة بين المفردات الموجودة في اللوحة ذاتها، انه يحيل شخوصه الى كتل لونية تعبيرية مكثفة شبه هندسية ملونة ومدروسة بمبالغة في التشرح والظل والضوء، فهو جرب الكثيرعلى سطح لوحته الى ان اصبحت لوحته معروفة من قبل الجمهور من دون اي توقيع يذكر، نحن الآن في عصر يجتهد في تعددية قراءاته.حيث اصبح الفنان جبار وسط تجربة انموذجية اختارها واشتغل عليها، وهو على دراية بكل ما يقوم به من انتاج فني حيث اختار مشغله وتجاربه الذاتية بهدوء، خالقاً بذلك عالما يجسد وتعبيرية المكان.وهذا بالتالي أتاح له إمكانية مطاوعة الهندسة الخارجية للمكان والتناغم في توزيع الفراغ والمساحات اللونية في ديناميكية إبداعية لا يحكمها التكرار الذي اعتاد عليه بعض الفنانين اليوم.