الأمية الثقافية

الأمية الثقافية
آخر تحديث:

عالية طالب
حين تصاب الثقافة «بالأمية» فسنكون قد وصلنا إلى منعطف جنون العظمة التي تلوث صاحبها بالاعتقاد القاتل بأنه وصل إلى مرحلة «الإبهار» وسيكون على المجتمع تحمل ضرائب ذلك الخواء الفكري والتبلد المعرفي وتحمل مسؤولية وجود تلك الثغرة التي يمكن أن تبتلع آثار إنجازات إبداعية حقيقية وتردمها بفعل النظرية التي تشير إلى أن العملة الرديئة يمكن لها أن تطرد العملة الجيدة.مظاهر الأمية الثقافية بدأت تأخذ مدياتها لتتمظهر في الأزياء والسلوك والكلام والمنهج والفن والتشكيل والموسيقى والمسرح والقصة والرواية والشعر والبحث والتأليف.. وهذا التغلغل الحتمي لم يأت دفعة واحدة، بل على جرعات منظمة استطاعت أن تتسلل كالوباء لتضرب منطقة تلو أخرى حتى بات من يخالف هذا المنهج الأمي هو «النشاز» في سمفونية العزف المتردي بلا هوادة.نعتقد أن السبب لا يتعلق بمؤسسة دون أخرى ولا بأشخاص محددين ولا بخطة مبيتة، بل هو نتاج طبيعي لسلبية المثقف الإيجابي الذي يتحمل مسؤولية استخدام قوة الرفض وكلمة «لا» التي لا بد لها أن تقف بقوة بوجه كل من يصفق هاتفا بـ»نعم» لأشكال التردي الثقافي وأميته الخطيرة.دور المثقف الحقيقي ما زال يراوح في مرحلة الرفض الخجول وهو يجامل حالة ما ويتغافل عن الآثار السلبية لحالة أخرى، وبات أشبه بالإله الصنم الذي لا يستطيع التلفت للجهات الأربع لدرء الخطر عن كينونته وأصالة منجزه وقوة وجوده في زمن باتت فيه الأصنام تتكاثر لتعتلي منصة العبودية المطلقة لوجودها حتى وإن كان هامشيا وتخريبيا ومترديا إلى مناطق الوعي المزيف.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *