الفساد « الثقافي»

الفساد « الثقافي»
آخر تحديث:

 بغداد/ شبكة أخبار العراق- إن اتفقنا سلفا على أن الفساد المالي والإداري يمكن متابعته ومعالجته عبر القوانين والتشريعات والملاحقات القضائية، فإننا سنصل إلى أسئلة لا تنتهي حين نتحدث عن الفساد ” الثقافي” ان ضرب مجتمعا معينا وأوغل فيه تفتيتا وتحريضا وتشتتا ذهنيا وفكريا وعقائديا وسلوكيا.وهو ما يمكن أن يفعله بسهولة، مستندا إلى فقرة حرية الرأي والتعبير اللذين كفلهما الدستور، من دون أن يعي مشرعوه أنه، أي الدستور، سيكفل فسادهما أيضا ان استشريا في منطقة أو أخرى بواقع منظور أو مستتر أو معروف أو مبطن بتزويقات لفظية مغرية.
الفساد الثقافي يأخذ أشكالا متعددة اليوم نطالعها في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الفضائيات ومنافذ الإعلام المختلفة..
نسمع كل أنواع التحريض الفكري ضد الثوابت الإنسانية  الواضحة في الإعلام المرئي والمسموع ولا نملك إلا أن نغير مؤشر المحطة هربا  من هول ما نتلقى، هذا ان كنا على وعي حقيقي بمفهوم رفض التحريض
 المبيت.
أما إن كان هناك من  يسهل عملية استدراجه إلى فخاخ ما نصب له فانه سيجلس مشدودا كالمنوم مستغرقا في قيادة نفسه إلى السقوط في لجة فساد فكري وثقافي مخطط له بعناية ليحقق أهدافه الحالية والمستقبلية، استنادا إلى الأرضية الخصبة التي ينمو فيها.
العراق يمر بمرحلة خطرة ودور المثقف الحقيقي بحاجة إلى هزة عنيفة ليدخل في بؤرة هذه المرحلة، ويؤدي  ما يتوقع منه لا في تدبيج المقالات والخطب الرنانة والألفاظ المنمقة ، بل في تعرية الواقع وكشف مساوئ صوت الفساد الثقافي الذي يتبناه البعض ويثقف له ويعمل على تغلغله في مجتمعنا وصولا إلى تفتيت مفهوم المواطنة والانتماء والشعور بالمسؤولية الحقيقية إزاء ما جرى ويجري
يوميا.
دعوات لا تنتهي تعيد تشكيل الأزمات دوما لتأخذ وجوها متعددة تصب كلها في منعطف واحد يشجع المجتمع على فكرة الفرار منه واتخاذ بلدان أخرى بديلة عنه.
وكأننا سنحل كل مشاكلنا النفسية والمادية والمعنوية والمستقبلية بمجرد  انتهاجنا سلوك اللجوء إلى الآخرين والعيش في مجتمعاتهم، التي  لا تقدم لنا إلا ما يحقق مصالحها في استخدام كفاءات العقول في أدنى المهن وأقلها احتراما.
والأغرب أن يعمل المثقف على ترويج هذه البضاعة وكأنه رسول “دعوة الفرار”، وهو ينشر صورا لمجتمعات مستقرة  تخلصت من كل أشكال الإرهاب والفساد بتصديره إلينا
ببراعة.
وجلست تتشفى بأزماتنا وتعرض بضاعتها المغرية أمام أنظارنا التي تعبت من كثر ما صمتت.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *