«بريدا» للروائي البرازيلي باولو كويلو

«بريدا» للروائي البرازيلي باولو كويلو
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- قد نقع في الحب مرة، ومرات، ورحلتنا قد تطول، لكننا لا نصل إلى جوهره، فهو خلاصة المشاعر الإنسانية الخالصة التي تتطلب بحثاً مضنياً لكي تسمو به النفس وتتطهر من الأدران، وهذا ما سعت إليه شخصية  “بريدا” في رواية بالعنوان ذاته للبرازيلي “باولو كويلو”،  بطرق غريبة وفي أماكن خطرة للبحث عنه بوساطة السحر، فماذا واجهها في رحلة البحث، وكيف مضى بها كويلو ليتحفنا بهذه الرواية الفريدة؟الإمساك بخيوط الرواية.

سنمسك الخيط من أوله.. تصل “بريدا” إلى “الرجل المجوسي” بعد رحلة طويلة، وتلقي عليه السؤال: أريد تعلّم السحر.. والمجوسي معلّم مرموق في مجال التعاليم، ولقد همّ بها من أول نظرة على الرغم من أنه يدرك أن عمره ضعف عمرها، سار بها نحو الغابة فتبعته،  واثقة منه ومصممة على اجتياز التجربة، لكن بعد أن تجيب على سؤاله الصعب: هل ستتخلين عما تعلّمته حول كل الأسرار التي سيكشفها السحر، من أجل البقاء مع حبك المنتظر؟ كان عليها أن تجيب بصراحة، وهي التي مرت بتجارب حب عديدة منيت بالفشل، ولاتزال تبحث عن الرجل الذي تحب وإن كان الأمر عن طريق السحر.
ومن خلال هذا السؤال، وما تفرع عنه يمضي بنا باولو كويلو في رحلة البحث عن أسرار الكون والحب والحياة والإيمان وكل ما يواجه الإنسان من مخاطر، في رواية من ترجمة عزة طويل وأنطوان باسيل.هناك، في الغابة ترك المعلم المجوسي بريدا لتقضي ليلتها وحيدة، تلك كانت أول مرة تواجه فيها الخوف على أرض زلقة، إلا أن إيمانها بما تسعى إليه أنقذها فتسلحت به حتى الصباح، في حين اختفى المجوسي ليتركها تبدأ الرحلة بمواجهة النفس، هذا هو الدرس الأول من دون تعاليم أخرى، كان يراقبها من زاوية لا تراها، لكنها تدرك برغم الخوف أنها بين أيادٍ أمينة، سيلتقيان كثيراً، وفي كل لقاء يتأكد للمجوسي بأن هذه المرأة هي نصفه الذي كان يبحث عنه، طيلة ما مر من حياته على الرغم من كل التجارب التي خاضها، إنها توأم روحه لكنه لا يجرؤ أن يبوح لها بالأمر، سيترك ذلك لاكتشافاتها اللاحقة، للضوء الذي سينبثق من العيون، ليرى كل واحد منهما البريق الأخاذ ويستدل من خلاله على رفيق روحه ذات يوم ليتكاملا، وهذا هو ما يسمى بالحب.
توأم الروح

ليس من المجوسي وحده تتعلم بريدا، فهي دائمة البحث في المكتبات، ومن خلال صاحب مكتبة ستتعرف بعد طول انتظار، على “ويكا”، المرأة الفاتنة الغامضة، التي ستفتح لها طرقاً أخرى، غريبة وخطرة في الوقت نفسه، تلك المرأة تعلمت فنون السحر وخاضت تجارب حب، من بينها علاقتها السابقة بالمجوسي، التي انتهت بعد فترة وجيزة، لأنهما أدركا أن أي واحدٍ منهما ليس توأم روح
 الآخر. تتخلل مسيرة بريدا الكثير من الرومانسيات آخرها علاقتها ب”لورنس” الذي أحبها فعلاً وشجعها على البحث من أجل إيجاد الطريق الصحيح للحب، لكن أيضاً هناك، كما في معظم أعمال باولو كويلو، الكثير من الفلسفة والحب الخالص للطبيعة والموجودات، فالحقيقة لا تكمن في السحر وطقوسه فقط، وهذا ما ستتعلمه بريدا عبر الكثير من الدروس، وستكتشف أن ما يهمها في الحياة هو معرفة الذات من خلال اكتشاف جوهر الحب الخالص الذي يوصلها لتوأم روحها، وستعرف أيضاً أن كل ما في الكون قابل لأن يكون حياً ومفعماً بالحياة وأنه (إذا ما استثنينا بعض المخلوقات المتحدرة من الملائكة، والتي تحتاج الى الوحدة كي تقابل وجه الله، فان الإنسانية بأكملها لن تتوصل الى لحمة مع الله إلا إذا تمكن البشر من التواصل مع أشقاء أرواحهم في مرحلة ما، أو لحظة ما من حيواتهم): 70
حكمة الحب

وعلى الرغم من أن المجوسي أدرك في نهاية الرحلة أن بريدا عرفت هي أيضاً بأنه   توأم روحها إلا أنه لم يشأ، ربما لنظرته العميقة لمعنى الحب، إلا أن يطلب منها أن تكون لخليلها لورنس الذي سعى بكل جهد ومحبة لإيقاظ موهبتها وأحبها بإخلاص، لأن حكمة الحب، كما يرى باولو كويلو ووضع رؤيته على لسان المجوسي، ليس في امتلاك الأشياء التي نحبها، وضرب لها مثلاً( على كل من يحاول امتلاك زهرة أن يشاهد جمالها يذوي، لكنكِ ستحتفظين بها الى الأبد، إذا اكتفيتِ بالنظر إليها في الحقل لأنها جزء من المساء ومن غياب الشمس ومن رائحة الأرض الرطبة ومن الغيوم في الأفق) : 257
أما توأم الروح، فإذا افترقت عنه لظرف ما، فلن تخسره، لأنه سيكون أملك في وحدتك، وهمّك في لحظات شكّك، ويقينك في أوقات إيمانك.. هذا بعض ما حملته رسالة باولو كويلو.. وما قاله في رواية بريدا لايمكن حصره في هذه المقالة، ولعل القارئ يهتدي لقراءة أخرى لهذه الرواية الممتعة، انها رحلة إلى الكون بموجوداته الجمالية، وبكل تعقيدات النفس البشرية الباحثة عن خلاص.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *