صوتنا الثقافي

صوتنا الثقافي
آخر تحديث:

أمجد ياسين
في ظل الازمات المتلاحقة التي تعصف بالوضع المحلي والعالمي تبرز اهمية الاعلام كقوت يومي للصحافة والفضائيات.. ففي اوج محنة باريس الاخيرة وما طالها من تفجيرات ارهابية، كان الاعلام الارهابي الداعشي والرسمي الفرنسي في صراع بين من يشعل النار ومن يطفئها، بل سعت الحكومة الفرنسية وعلى لسان رئيسها «هولاند» الى انتقاء الكلمات التي تعيد التوازن لفرنسا، من مثل «سندمر..سنسحق الارهاب».. تلاها بثلاثة ايام رفقة وزيرة الثقافة الفرنسية خطاب حول رعاية وصيانة الاثار العراقية والسورية والايعاز بترقيم وتصوير الاثار وتعميمها على العالم واصدار قرارت بمعاقبة المتاجرين والمروجين.
نقول، لقد حرص الجانب الفرنسي على استخدام كل ما يدعم قضيته اعلامياً سواء محليا او دولياً، فهو يقصف داعش الارهابي ويرمم الاثار، يعتقل ارهابيين يدعون الاسلام وينصف المسلمين غير المؤدلجين، يدعو لاسقاط الجنسية عن المنتمين او الداعمين للارهاب وان كانوا فرنسيين اصليين ويدعو الى عدم التعرض للاجئين.. معادلات صعبة يبثها العالم مستغلا فيها كل اصواته، واعني اصواته الثقافية والسياسية والعلمية والانسانية والعسكرية.
في العراق وللاسف الشديد، ما زلنا نؤمن بمقولة» لا صوت يعلو على صوت المعركة»، فنغيب الاصوات الثقافية والانسانية، وهما اكثر وقعا اذا ما احسن صانع القرار العراقي استغلالهما. لقد وصلت اخبار الهجمات الارهابية على باريس وبمختلف اللغات في لحظات الى كل اذن، بينما تغفو انفجارات بغداد وشظاياها في صدور العراقيين دون ان نقوم بحملات اعلامية في دول العالم تؤكد على مظلوميتنا وتؤشر على المتورطين بها، لان لاصوت لنا في العالم « غياب نشرة اخبار باللغة الانكليزية « لقد اهملنا ارثنا الحضاري وهو صوت لا يضاهينا فيه احد من مخلوقات الارض..اين نحن من هذه الميزات والايقونات الانسانية؟
وتاكيدا على غياب الستراتيجية في العمل، اغلق العراق مراكزه الثقافية في العالم وهي بالمناسبة خمسة مراكز ليس الا، نذكر منها المركز الثقافي العراقي في لندن الذي اغلق قبل عدة اشهر، وشاءت الصدف ان التقي اول البارحة باحد التدريسيين الذين عملوا فيه مستطلعا اسباب الاغلاق، ليخبرني ان ايجار المبنى وهو في مكان مهم في باريس نحو عشرة الاف باون استرليني «يقل او يعادل راتب وزير او برلماني او احدى الدرجات الخاصة» ولا رواتب للتدريسيين غير اجور التنقلات، فقط الهيئة الادارية لها رواتب، وان المركز يعد من انشط المراكز الثقافية العراقية في العواصم العالمية، فهو ملتقى لمختلف التخصصات والمشارب الفكرية والفنية العراقية. اقول لقد اغلقنا صوتا عراقيا ثقافيا يتفاعل معه الجمهور العراقي والبريطاني ونحن احوج ما نكون الى تنوع وتعدد اصواتنا في العالم، وبالمناسبة كان اخر نشاط فيه لفنانة بريطانية حمل عنوان «شارع المتنبي».  ان اهمال الثقافة يعني اهمال صوت مهم من اصوات العراق، فيا جماعة الخير العراق صوته انساني ثقافي بما يمتلكه من ارث حضاري، لسنا دولة نووية او اقتصادية عالمية ، الان على الاقل، نحن دولة اولى الحضارات والاديان فمتى نستوعب هذه الحقيقة ونعمل على تطويرها لنأخذ دورنا ومكانتنا في العالم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *