علاقات حيّة بين حاملي القلم والحيوانات .. الكتّاب و الكلاب

علاقات حيّة بين حاملي القلم والحيوانات .. الكتّاب و الكلاب
آخر تحديث:

عادل العامل
قد يحتج بعض الكتّاب على العنوان الذي يجمعهم والكلاب على صعيد واحد لكن الذين لديهم تجربة طيبة مع هذا الصنف من الحيوانات لن يجد في ذلك غضاضة، بالتأكيد. وهناك دول متقدمة شرّعت قوانين صارمة لحماية الكلاب من تجاوزات البشر، وأقرّت لهم بحقوق لا تتوفر للناس في بلدانٍ كثيرة، وأقامت معامل لأغذيتهم الخاصة، وفنادق و مستشفيات ودور رعاية، وحتى صالات رياضية. وهناك من الناس مَن أوصى لكلابه بملايين الدولارات بعد موته، أو علّمها الكلام بشيء من لغته القومية.

الكتاب العرب

و لقد اهتم الكتّاب العرب القدماء بهذا الحيوان، على مستويات مختلفة، و دوّنوا ما يتعلق به من  نوادر وأخبار، و أسماء، و أوصاف. وهناك فصول من مؤلفات، بل ومؤلفات مفردة في هذا الموضوع، مثل ( فضل الكلاب على كثير ممَّن لبس الثياب )، وهو مؤلف صغير لابن المرزبان ( محمد بن خلف 305 هـ ). وفيه يقول: أنشدني أبو عبيدة لبعض الشعراء: « يُعرِّجُ عنه جارُه وشقيقه ويَرغبُ فيهِ كلبه، وهو ضاربه } يروي بعده أبو عبيدة خبراً ملخصه أن رجلاً من البصرة خرج إلى الجبّانة فتبعه كلبه، فطرده وضربه، ورماه بحجر فأدماه، فأبى الكلب إلا أن يتبعه، وخرج عليه قوم، وكان معه جاره وأخوه، فهربا عنه وتركاه، وقد أصيب بجراح كثيرة، ودفنوه في بئرٍ، ومضوا عنه متصورين أنه مات، والكلب يهرُّ عليهم وهم يرجمونه، وراح بعدئذٍ ينبش عنه التراب حتى مر أناس، فاستخرجوه حياً. فزعم أبو عبيدة أن ذلك الموضع يدعى بئر الكلب لهذا السبب.وعلى كل حال، فإن هذا ليس موضوعنا هنا، وإنما العلاقة ما بين الكلاب و الكتّاب بالذات، في حيواتهم اليومية، أو في أعمالهم الأدبية، أو في المجالين معاً. وهي علاقة يندر وجودها كما يبدو لدى الكتّاب العرب، لأسباب تتعلق بالنظرة الدينية إلى الكلب، وطبيعة الحياة المعيشية، والتقاليد الاجتماعية، والافتقار إلى مستلزمات رعاية الكلاب بشكلٍ منتظم وثابت، خلافاً لما في الغرب.

تشارلز ديكنز

وقد كان للكاتب الانكليزي الشهير تشارلز ديكنز ( 1812 ــ 1870 ) اهتمام كبير في هذا الجانب، فكانت لديه كلاب من عدة أجناس ولاستخدامات مختلفة، منها السبانيال، الصغير القصير القوائم و الطويل الشعر والأذنين، والدِّموم، الضخم المستخدم لتعقّب طريدي العدالة، والنيوفاوندلند، الضخم المعروف بقدرته على السباحة … ولها أسماء توحي بحجمها وقواها : تركي، سلطان، دون don.
 وكانت تعزز دور ديكنز حين صار واحداً من ملاّك الريف، فكان يتباهى بأنها « رعب للجيران «، باستعدادها للوثوب نحو حنجرة أي متسكّعٍ أو جوّال! كما استخدم ديكنز الكلاب في أعماله القصصية، مثل ( ديفيد كوبرفيلد ) و ( أوليفر تويست )، و أسقط عليها بعضاً من حالات العلاقة التي ربطته بكلابه الواقعية، حسبما جاء في كتاب بيريل غرَي ( الكلب في الخيال الديكنزي ).

 دان بانينو

وقد قام مؤخراً مصور إيطالي يدعى دان بانينو بالتقاط صور فوتوغرافية لعدد من كلاب الملاجئ بعد أن ألبسها وجعلها في وضعية تشبه هيئة عدد من الأدباء في صورهم الشخصية، في محاولة منه لإنقاذ الكلاب من العيش محبوسةً في الملاجئ، وذلك  من خلال تبني الناس لها عوضًا عن تشجيع الاتجار بها، كما يقول. وقد تولدت لديه الفكرة بعد إنقاذه كلباً يدعى روثكو على هذا النحو، شارحاً ذلك بقوله، « لقد تعلمت خلال العيش معه كيف أفهم حركاته وأصغي لكلماته الصامتة. وأدركت كم تتماثل الكلاب مع الكتّاب في تكلمها من خلال تعابيرها، وأصواتها، وحركاتها، وهي تقول لك كل شيء بينما لا تقول شيئاً}.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *