“قواعد العشق الأربعون”رواية “اليف شافاق”

“قواعد العشق الأربعون”رواية “اليف شافاق”
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- هذه رواية “اليف شافاق”، وهي كاتبة تركية ولدت في فرنسا، تكتب في اللغتين  الانجليزية والتركية. تمزج في رواياتها التقاليد الشرقية والغربية وتتناول موضوعات النساء والأقليات والمهاجرات والأرواح والأساطير. يجد القارئ وراء كتاباتها التاريخ والتصوف والفلسفة والثقافة الشفاهية الشعبية.. هذه الرواية تتناول مواضيع الحب والعشق بين الشرق والغرب والروحي والدنيوي. ولهذا تجد خصباً وحيوية دائمة من بدء الرواية إلى منتهاها.الرواية أصلاً تعتمد على قصة المتصوف المعروف جلال الدين الرومي وشمس التبريزي. ليس موضوعنا جلال الدين ولا شمس، ولا ترجمة الرواية أو مبيعها الذي جاوز الستمائة ألف نسخة. أنا مهتم الآن بمسألة قديمة جديدة، هي تطورات الأدب التعليمي. فقد شهدنا حكايات رمزية دالة، تعلّم الحكمة وتكشف الأخطاء، كما في “كليلة ودمنة”، وعرفنا كتابات تعلّم النحو، وشهدنا أشعاراً تؤدي مهمات تعليمية، مثل البحور الشعرية والأوزان، كما قرأنا من بعد قصصاً تاريخية أضاءت شخصيات بارزة ومهمة في التاريخ أو صورت معارك. والقارئ يعرف الأعمال المهمة التي قدمها المرحوم جرجي زيدان، مثل “شجرة الدر”، “صلاح الدين الايوبي”، و”أبي مسلم الخراساني” وسواها. كما نعرف مسرحيات في هذا الشأن. وأقاصيص.. كانت هذه ترسم مراحل للأدب التعليمي بمستويات مختلفة، كل في زمنها. لكنها عموماً وسائل وطرق تعليم. قيمتها الأدبية ظلت ثانوية، وأحياناً قليلة الأهمية أو معدومتها، وان تناولت موضوعات أخلاقية أو علمية. في هذه الرواية نتعرف على الكثير من حياة جلال الدين الرومي وعلاقته بشمس التبريزي، وكيف تحول هذا المتصوف شاعراً وتعرف على الأوضاع الاجتماعية والطقوس وشيئاً عن المغول والسلاجقة وأحوال الناس الاجتماعية. حتى إذا أنهينا الرواية، صرنا نتذكر شخوصاً وأحوالاً اجتماعية وحال المتصوفة والدراويش آنذاك، كما نتذكر مدناً وعلاقات إنسانية في زمن غير زماننا. لكننا في هذه الرواية، كما في العديد من الأعمال الروائية المهمة التي تعتمد أحداثاً أو شخصيات لها شأن، نقرأ أولاً فنا روائياً. فهي رواية حديثة بتقنياتها الروائية الخاصة. أما المعلومات، أو المادة المعرفية فهي مادة مذابة في العمل تحس بها من بعيد وتستشفها من خلال العمل الفني. المهم هنا هو الفن الروائي والإبداع الادبي.. صار الفن هنا هدفاً وغاية والمعلومات التاريخية والمعرفية وسيلة. بينما كانت تركيبة الأدب التعليمي قديماً، على الضد، كانت المعلومة او المادة المعرفية هي الهدف والغاية، وكان الفن الأدبي وسيلة لذلك. وبهذا صرنا نشهد الفعل الكبير للفنون في نشر المعرفة، وفي إضاءة الأحداث وهي تتقدم في إبداعها الفني، هنالك اليوم عدد محترم من الأعمال الروائية الشعرية، ومن الأعمال الفنية ما يعبر عن حروب وحركات اجتماعية وثورات ومحاكمات. في هذه الأعمال الفنية تستشف الأحداث وتلتقط إضاءات إنسانية، وهي تمر بمتاعب الروح ومباهجها، كما تكشف هذه الأعمال عن متاعب الناس في العيش والحياة. النقد الأدبي يقول لنا : إن مستوى الإبداع في أعمال مثل هذه، تقرره حداثة وتنوع أساليب التعبير لإحياء الحدث أو الشخصية وتمكينها من فعل أكثر تأثيراً وأوسع دلالة. وثقافة الكاتب تمده بحيوية جديدة تجعله جزءاً من حياة الانسان المعاصر أو القارئ الجديد.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *