لكي لا يصاب المثقفون بالعدوى

لكي لا يصاب المثقفون بالعدوى
آخر تحديث:

 ياسين طه حافظ
وراء صعوبة كلامي اليوم، اشتباك مفردات الموضوع. فأنا أولاً يجب أن أُقنع القارئ – الذي يخالفني أو أخالفه، بسلامة غايتي من هذه الكتابة. وثانياً أن أؤكد له ضرورة تغيير لا رأيه حسب ولكن اتجاه حماسته!نحن، الشعب العراقي، مثل شعوب الدنيا، مررنا بتاريخ تقاطعت فيه المصالح وتقاطعت بسببها الرؤى. ولذلك، وبعد تناحرات الأحزاب السياسية واحتراباتها وما لحق تابعيها وانصارها من قهر ومصادرات وإيذاء شرس ولا أخلاقي في أحيان كثيرة، صارت الأطراف تتبادل الثأر والانتقام وكل ممارس للثأرية هو، وعلينا الاعتراف بأنه يخدم منافعه الجديدة من خلال ذلك، هو منطق الازاحة، لضمان الفرصة او الجدوى.هذه عيوب أخلاقية صنعتها السياسة وهي التي أشاعتها وهي التي لا تزال ترعاها. الطامّة المفزعة، إن الحزب الذي تضرر وتحمل الإيذاء يريد ان يضر خصومه ويؤذيهم بالأساليب التي مورست ضده. هو يعامل بوحشية ورداءة من شكا يوماً من وحشيته ورداءته.. وإلى متى؟ هذه التعاسات السياسية– الأخلاقية صارت خبزاً يومياً ووسيلة عيش كما صارت متعةَ حديثٍ وشاغلاً!هم يشهدون البطالة والتدهور الاقتصادي ومايتهدد البلاد كلها وكأن كل هذا غير مهم ولا يصلح سببا لسلوك جديد وفكر أنظف وأصلح! هم يمارسون تلك بلذة وكأن لا تهديد بتقسيم البلاد وضياع أهلها! المثقفون للأسف، حملوا تلك النُدَب والمثالب فهم يعاملون غيرهم بالأساليب نفسها، ويتبادلون بسعادة سخيفة تلك الكراهات وبدلاً من أن يرسموا مجتمعاً مهذّباً من تلك السيئات. مؤسف وعلى العكس، هم يتباهون على بعضهم بتبنيها!ويتبنونها على كل الأصعدة المهمة واليومية وسواء باقتراح ما يجب أو  باختيار الأسماء للمواقع او الموفدين أو في التكريم أو في الكتابة والسلوك الشخصي.وإذا أغفلنا كل المنظمات، لسبب أو لآخر، كيف نرضى  لاتحادنا، اتحاد الأدباء والكتاب، أن يسير على الخط نفسه؟ قد لايقصدون ما ندينه ولكن الفعل حاصل وعلينا التنبيه! لا لأننا نميل لهذا الجانب أو ذاك، ولا لأني شخصياً، بعد هذا العمر، لي مصلحة مع أحد. فأنا رجل أتبنى الإيجابيات حيث تكون وضد السلبيات حيث تكون. احترم فضلاء الناس غير معنيّ بقناعاتهم، ذلك شأنهم الشخصي.ولهذا أرجو أن تُفهم تساؤلاتي بموضوعية وبحياد نظيف: لماذا نحتفل بالجواهري ولا يعنينا الرصافي أو الزهاوي؟ هل الرصافي قليل الشأن؟ هو شاعر وطني لا غبار عليه وهو عالم لغة ومفكر! ولماذا نهمل الزهاوي؟ الزهاوي ظاهرة في زمنه ورسم شخصية ثقافية متفردة شعراً وفكراً وسلوكاً! أما كان ممكناً أن تخصص سنة من مهرجان شاعرنا الجواهري للرصافي أو للزهاوي؟ أم هنا طائفية أيضا؟ أُحسن الظن وأقول عدم انتباه! نحن قد نختلف على فكر أو سلوك هذا الشاعر أو ذاك، ولكن هل من الصواب ألا نهتم به في حياته ونتغاضى عنه في موته؟ ما نخشى وما لا نريده أن تظل هذه سُنَّة سيئة تتبادلها الأجيال وكلما تغيرت المواقع، أعني أن يحصل المماثل، كما سبق، ويُتغاضى عن شعراء وأسماء من الأدب والفكر للأسباب البائسة نفسها. نحن رهن السياسة وندين الأخطاء والسلوك الشائن، ولكن يبقى الأدب أدباً والشعر شعراً وفكراً وثقافة ملك شعبه ويبقى أدباء العراق وشعراؤه موضع الاحترام والتقدير الأدبي والفني، واللعنة على ما تقوله السياسة، دمرت الناس والبلاد!لست غافلاً عما خفي في الأنفس، أعلم الحال وأعلم أن هذا الطرف دائماً ما يتوعد، سراً أو علناً الطرف المضاد أو المخالف. وكما في السياسة تعتمر في صدره رغبة بالثأر منه هكذا أُصيب المثقفون في بلدي بعدوى الأمراض الطائفية والاحترابات السياسية وما أصاب البلاد من وباء.أيها المثقفون، أحبتي، تحصنوا ضد هذا الداء السياسي الطائفي فهو جذام مفزع يَسِمُكم بالقبح ، وهذا ما لا أتمناه!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *