وأخيراً ودعنّا الرشودي

وأخيراً ودعنّا الرشودي
آخر تحديث:

 حسين الصدر 
– 1 –
لقد فقد العراق برحيل الاستاذ الأديب الباحث عبد الحميد الرشودي الذي وافته المنية الاثنين 23/11/2015 قامة متميزة بعشق الأدب والتراث شديدة العناية بأعلام العراق – من مفكرين وباحثين وشعراء – غزيرة الاطلاع على احوالهم واوضاعهم ومحطات حياتهم …
وما أصدره عن « الرصافي « و « الزهاوي» يكفي شاهداً على صحة ما نقول …

– 2 –
لقد كان يمتلك ذاكرة قوية تختزنُ من الاسماء والارقام والاحداث ما يشهد له بالكامل في عالم المواكبة الدقيقة لعصره وما يمور به من حراك علمي وأدبي ، فضلاً عن تــــوفره على الإحاطة بالتــاريخ ورجـــــــاله الناهبين المعـــــروفـــين ..

– 3 –
لقد قرأت للرجل بضع مقالات كان ينشرها في بعض الصحف العراقية وكنت  فيها دقيقا في الضبط والاتقان للتاريخ فسالت عنه صديقنا الراحل الاستاذ الشاعر المرحوم محمد جواد الغبّان فقال لي :
انه صديقُه وهو ينتهز الفرصة بين الحين والحين لزيارته وأثنى عليه وقال :
لقد رفض ان يسند اليه منصب رسمي كبير أيام الحكم العارفي– لصلة
القربى بينه وبين الاخوين .
واذا دلّ هذا على شيء فانما يدل على نبله وسمو نفسه وترفعها عن الاعراض الزائلة والمطامع الدنيوية والاّ فانّ اللهاث وراء المناصب والمكاسب هي السمة الغالية على معظم الراكضين وراء السراب ..!!

– 4 –
واستطعتُ الحصول على رقم هاتفه فبادرتُ الى الاتصال به والاعراب عن تقديري وتثميني لشخصه وكتاباته مُنشِأً صلة خاصة به وبالفعل فقد أدخلته في قائمة الاصدقاء الذين اعتز بهم وأواصلهم .
انّ المجتمع –وللاسف الشديد – يتعامل بغلظة وقسوة مع اصحاب الملكات والمواهب ممن يهرب من الضوء ، وممن لا يملك من حطام الدينا شيئا ..

– 5 –
والتقينا بعد ذلك ، وشاركنا معا في بعض المحافل ومنها تأبين صديقنا المشترك المرحوم الاستاذ الشاعر محمد جواد الغبان …

– 6 –
وقد أهديت له ببعض مؤلفاتي فكتبت قائلا :
( الى أدين الفقهاء وفقيه الأدباء الأخ الكريم السيد حسين الصدر الموقر
تحية مباركة وبعد :
فقد تسلمت بيد الشكر والامتنان هديتكم الكريمة مشتملة بكتابكم ( أوراق ملونه وصفحات ساخنة ) وقد وجدتُ فيهما من المتعة والفائدة ما أسعدني
 وخاصة هذا الأسلوب الشائق الذي نهجتم عليه في تبني مصلحة الأمة الطغاة والبغاة مماليك الأنس وملوك اليوم
 الذين ابتلى بهم العراق منذ قرون عديدة وحقب
مديدة منذ الوليد بن ابي معيط وزياد بن ابيه وولده عبيد الله والحجاج بن يوسف الثقفي فما يكاد طاغية يهلك الاّ  على أثره طاغية ألام وأشأم من سابقه
لا تحسبوا الحجاج مات ولم يعد
 في كل عصر عندنا حجّاج

– 7 –
ولا أنسى انه هو الذي قدّم لنا درع « مجلس الغبان» يوم استضافنا المجلس المذكور .

– 8 –
لقد كان يُمتعنا بأحاديته الشيّقة ، كما كان يُمتعنا بما يخطه من مقالات وكتابات …
وأحاديته ومقالاته عذبة الألفاظ ، حلوة المضامين … ثرة العطاء …
كثيرة الفوائد وهذه هي الميزة التي عرف بها الراحل الكبير .

– 9 –
وإني لأخاطبه بما قاله الشاعر عزيز أباظه :
ذهب الطيبون جيلا فجيلا
    ليت شعري أكنتَ مِسك الختام ؟
انّ فراقك ايها الاديب الكبير صعب علينا ولكنّ أمر الله لا يُرد – وكما قال الشاعر :
سيف المنايا مرهف الحدّ
      يُردي ولا نقوى على الرد
ولئن غبتَ عنا بجسدك فلن تغيب عنا آثارك وبحوثك و الثر …
انا لله وإنا اليه راجعون .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *