ثمة نهضة في التأليف

ثمة نهضة في التأليف
آخر تحديث:

الكاتب:ياسين النصير

من يتابع حركة التأليف الثقافي في العراق في هذه الفترة يشعر بالفخر والاعتداد، للعدد الكبير ممن يكتبون القصة والرواية والنقد واليوميات، حقيقة شيء مهم هذا الذي يحدث، ونأمل أن يزداد عدد المؤلفين والكتاب، لأن العراق بكل ما يعنيه واقعه ، تاريخه، تجاربه، حروبه، تحولاته، وتعقيدات مراحله السياسية، وما مرَّ ويمرُّ به ، لا يمكن أن تستوعبه مجموعة من الاقلام نشأت في مراحل سابقة فقط. نحن إزاء ظاهرة سوسيولوجية عميقة، بعدما هيمن التيار المتخلف على مقدرات الحياة الثقافية، واعتمد ثقافة قديمة لا تساير العصر بديلا لأي تفكير حداثوي ، لقد وجد الكثير من الأدباء الشباب مجالًا لأن يقولوا ما عاشوه وجربوه واختبروه في سنوات الحروب والاحتلال، بطريقة فنية  تنبئ عن قدرات ثقافية  هي مؤونتنا للمستقبل. ما يحدث  أسميه نهضة الإبداع، مهما كان مستواه ، ومهما تكن أشكاله وعبارته. يوميًا أجد نفسي  بصدد مجموعة من المؤلفين، يفاجئون قراءهم  بنتاجات متميزة، محتذين بما  يناله أقرانهم  في مهرجانات ومسابقات ومنشورات المؤسسات العربية والأجنبية، هذه نهضة ثقافية هادئة وواسعة الخطى، وإذا تلمسنا الآن بوادرها ستكون في الغد عاصفة من النتاج الفاعل، نعم نحن بانتظار  تيار ثقافي يمكن احتساب مداه من الأن،  كفنار يضيء السفن المقبلة على مرافئ الإبداع العراقي.. مايجعلني متفائلًا جدًا هو أن الثقافة العراقية ستحتل مركزها من جديد ، وستتجاوز محنها بجدارة رؤى كتاب ومفكرين جدد، حين يرصدون التغييرات الجذرية في المجتمع باسلوبية مختلفة،وبحاسة نقدية متميزة،  سواء على مستوى الدرس الأكاديمي الذي يقوده مجموعة من الاساتذة  خارج أية منهجية أكاديمية جامدة ، أو على مستوى المثقفين الشباب الممتلئين حماسة للتحديث.  أقول أنا بصدد نهضة ثقافية، تيارها يصل إلى أبعاد غير مرئية من الآن، وما اتيح لي من قراءات قليلة لبعض نتاجهم ،اجد أن قراءتهم الفلسفية قد وجدت طريقا للوعي العام في معالجة الأحداث، وهذا شيء لم يحدث من قبل. كما اجد  أسسًا للتفكير مختلفة تمامًا  عن سابقاتها بدأت تلامس الابداع الجديد. أتحدث وعندي قناعة  أن التيارات الصيانية الساكنة في التفكير ستختفي مرغمة ، والسؤال من يأخذ بيد هذه الكوكبة المتجدد من المثقفين الشباب ؟ اقول ولدي تشخيصاتي الخاصة، أن ما يحدث الآن على مستوى تجديد الخطاب الثقافي ، يتم بهدوء وبشكل فردي، على العكس من حركة التجديد التي شهدنا بعض ملامحها في السبعينيات، يوم كانت مترافقة مع وضع سياسي بدا لنا أنه سيتطور، فنهض الأدب رديفًا لذلك الهاجس،  ولكن بعد الثمانينيات عاد الادب لينتكس، عندما استولت العقلية الدغوماتية على السياسة والثقافة، اليوم لا يمكن لأحد أن يوقف تيار التجديد، لأنَّ العقلية الثقافية  تجاوزت مخاوفها، وعرفت كيف تتسلل للوعي الجمعي ،  وأن ارضية من الترجمات بدأت تغذي رؤية المؤلفين، بحيث بدوا ينظرون للأحداث المحلية بعين عالمية، وان ما يجري على أرض واقعية معينة هو ما يجري على أرضية أوسع، هذه الرؤية المحملة بالمطر المخصب واحدة من تحديات الكتاب الشباب لأساليب سابقة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *