آخر تحديث:
بقلم:علي الكاش
عندما وصلتنا معلومات من أحد المطلعين على ما يجري في جرف الصخر وقف شعرنا من هول الصدمة والمصيبة، ورحنا نفكر هل يمكن ان يجري هذا الأمر في العراق؟ وهل يوجد عراقيون بمثل هذه النذالة والسفالة؟ وهل يمكن ان يجمع الإنسان كل الكبائر والصغائر في قلبه الصغير؟ هل من المعقول أن تحمل احزاب اسم الله او الإسلام كل هذا الإجرام؟ اين النواب العراقيون الذي وعدوا ناخبيهم بأنهم سيعملوا على إعادة النازحين سيما في جرف الصخر ومنطقة العويسات وسيد غريب والأنبار وصلاح الدين الى مساكنهم؟ ما الذي يجري حقا في هذه المنطقة التي لا يسمح لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والمدعي العام بالدخول اليها؟ لماذا كل هذا الغموض الذي يدور حول هذه المنطقة الهلامية؟ أين الحلبوسي وخميس الخنجر والإخوان الكرابلة وغيرهم الذين زعموا ان الإنضمام الى التحالف الذي يزعمه الإرهابي هادي العامري وأزلامه زعماء عصائب أهل الحق وحزب الله والنجباء كتائب علي بن أبي طالب وبقية الشراذم كان الغرض منه الحصول على وعد بعودة المهجرين من أهل السنة الى مناطقهم؟ ها قد مضى عام على الحكومة ولا عصفور في اليد، فجميعها على الشجرة. لقد تم التغيير الديمغرافي في هذه المناطق على مرأى من نظر رئيس البرلمان والزعماء السنة.
ما وصلتنا من معلومات أن ملف جرف الصخر تمسكه عدة ميليشيات جميعها منطوية تحت جناح ما يسمى بالحشد الشعبي (الطائفي). أولها حزب الله وهو الحزب الرئيس الماسك بزمام الأمور، ويليه منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وميليشيا الخراساني، وميليشيا ابو الفضل العباس، وكتائب علي بن أبي طالب، وميليشيا النجباء.
تدعي الميليشيات بأن المنطقة تحتوي على ألغام لم يتم نزعها لحد الآن على الرغم من تحرير المنطقة منذ أواخر تشرين الأول 2014، وهذه حجة تفندها الكثير من التصريحات. لأن المنطقة خارج السيطرة الحكومية ولا يسمح لأي منظمة دولية الدخول اليها لو أريد حقا نزع الألغام. وعندما قام بعض رؤساء العشائر العراقية بالتوسط لحل مسألة المهجرين في جرف الصخر رفضت الميليشيات دخول اي منهم الى المدينة، بل قالوا لهم ان رئيس الوزراء نفسه غير مسموح له بالدخول! لكن لماذا؟ وما الذي يجري في مدينة الأشباح هذه؟
الأغرب منه أن مجلس محافظة بابل قد صوّت في شهر آب 2018 على مشروع يقضي برفع دعوى قضائية على أي من السياسيين الذين يطالبون بعودة أهالي منطقة جرف الصخر إلى ديارهم، تماشيا مع رؤية ميليشيات الحشد الشعبي، وقد زاد هذا المشروع الأمر غموضا، فهذه السرية مقلقة للغاية ولابد أن هناك أمرا سريا للغاية يجري في هذه المدينة الشبحية. كيف يقوم المجلس برفع دعوى مثلا على نائب بمجرد تصريح، تصريح فقط، بعودة المهجرين. الحقيقة ولا زعيم من زعماء أهل السنة ولا الوقف السني المتشيع، ألقم مجلس بابل نعالا على قراره آنف الذكر.
لا أحد يجهل ان الآلاف من ابناء السنة يقبعون في سجون سرية في جرف الصخر وهم يتعرضون الى أبشع أنواع التعذيب بعيدا عن الرأي العام العراقي والعالمي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
وأشارت معلومات أن هذه المنطقة تحتوي على عشرات المخازن من الأسلحة المحظورة التي أرسلها نظام ولاية الفقية كأمانة عند الميليشيات الموالية له. ومنها صواريخ باليستية متوسطة وبعيدة المدى، وبعض من هذه الصواريخ سيتم إستخدامها ضد القواعد الامريكية في دول الخليج والكيان الصهيوني إذا تعرضت ايران الى ضربة عسكرية، وتوجد قوات من الحرس الثوري الإيراني تضم خبراء فنيين وقيادات عسكرية في معسكرات داخل جرف الصخر. وهذا يفسر سبب تزمت النظام الإيراني بعدم السماح بعودة المهجرين في جرف الصخر الى مساكنهم وكذلك عدم السماح لأي مسؤول عراقي بالدخول الى المنطقة المحظورة.
من هنا نتحدى رئيس البرلمان الحلبوسي للدخول الى منطقة جرف الصخر (قاعدة ايران المتقدمة)، وهذا التحدي نطرحه أمام الرأي العام العراقي، ونطلب منهم ان ينظموا الى دعوة التحدي هذه لصاحب أعلى سلطة في البلاد كما يزعم الدستور المسخ.
مفتاح جرف الصخر بيج الولي الفقيه
بتأريخ 4/5/2017 كشف اياد علاوي نائب الرئيس العراقي عن سر مهم لم يستأثر كثيرا بإهتمام العراقيين بشأن جرف الصخر، فقد صرح خلال مؤتمر صحفي بمحافظة بابل جنوب بغداد ” تحدثت مع القائدين في الحشد الشعبي هادي العامري وأبو مهدي المهندس بخصوص جرف الصخر، لكن أحدهما أبلغني أن إيران هي المسؤولة عن الملف. على اعتبار إن ناحية جرف الصخر لها أهمية استراتيجية بالغة، نظرا لطبيعتها الجغرافية الصعبة وموقعها المهم الذي يربط بين المحافظات الغربية والوسطى والجنوبية. وأشار علاوي إلى أن قادة الحشد الشعبي أبلغوه بأنهم سيذهبون إلى إيران من أجل حل مسألة جرف الصخر، وإعادة السكان إليها، لكن تم إبلاغهم بأن الأمر بيد شخص في لبنان. وتساءل علاوي “ما علاقة إيران ولبنان بهذا الأمر؟” مؤكدا على ضرورة الضرب بيد من حديد مع كل من يريد العبث بمقدرات الشعب العراقي. داعيا ان تكون جرف الصخر تجربة ميدانية للوحدة الوطنية ولعمل على تخليص البلاد من المحاصصة والتهميش. مضت سنتين على هذا التصريح ولم يحصل أي تطور في المسألة.
وصرح الشيخ (الشيخ ناجي أحمد القره غلي) للعربي الجديد بشأن المبادرة العشائرية لإعادة المهجرين بقوله” كانت الجهود الأخيرة مثمرة جداً وغير صحيح أنها فشلت، لأنهاا أوصلتنا لحقيقة أن جرف الصخر ليست بيد الحكومة، فقد توجهنا إلى جهات عدّة وعرضنا عليهم صور نساء عراقيات وأطفال في الخيام بالصحراء، وطلبنا منهم أن يعيدوهم لمنازلهم لكنهم تذرعوا وتحججوا، وفي النهاية علمنا بأن الموضوع بيد قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني”.
مؤخرا أكد قائد شرطة بابل ( علي حسن كوة) بتأريخ 15/8/2019 في تصريح صحفي، بشأن عودة الاهالي إلى الناحية ” ان موضوع الجرف وما يرافقه اذا بقي بيد التوافقات السياسية والجماعات المسلحة المرتبطة بالحشد فأن الناحية لن تشهد عودة اهلها اليها. وان عودة اهالي جرف الصخر منذ لم يحسم رغم التدخل السياسي من قبل القوى السنية ومطالب المجتمع الدولي وحقوق الإنسان لأن فتح ناحية جرف الصخر أمام اهلها يعود إلى إيران حصرا”.
وجاء تصريح رئيس الوزراء الحازم الشجاع القوي العادل حسب رأي مرجعية النجف ليثبت الحقيقة خلال مقابلته الصحفية الاسبوعية الأخيرة أن “ملف عودة النازحين ومناطق جرف الصخر وغيرها، لن يحل بقرار منه، ويحتاج إلى توافق سياسي. وأن هناك ضغوطا سياسية تمنع عودة النازحين إلى ديارهم”. تبارك الرحمن! هكذا ببساطة! بالطبع لم يقل عبد المهدي الحقيقة كاملة وهي ان دولة الأرجنتين هي التي تمنع عودة النازحين وليس الأمر يتعلق بالتوافقات السياسية، سيما ان زعماء الحشد أنفسهم أكدوا لأياد علاوي ان الأمر بيد ايران ولبنان، وليس بيدهم. لقد اثار تصريح عادل عبد المهدي عاصفة من الانتقادات الشعبية والسياسية لإدارته الحكومية سيما انه سلم مفتشية وزارة الدفاع إلى أحد قادة ميليشيا الحشد الشعبي، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ المؤسسة العسكرية العراقية.
المسلخ البشري في جرف الصخر
سبق ان قامت الحكومة العراقية بدفن عدد من الجثث المجهولة الهوية (51) جثة والتي تم العثور عليها في مدينة بابل، ومؤخرا تم الاعلان الرسمي بالعثور على عشرات الجثث شمال بابل، وتسرت وثائق رسمية صادرة عن مديرية صحة بابل، ومديرية بلدية الحلة، بحصول موافقة على دفن (31) جثة واشلاء بشرية مجهولة الهوية، بعد تجاوزها المدة القانونية لحفظها في ثلاجة الموتى، دون أن يتفقدها أحد من ذويهم. الغريب ان بعض الجثث كانت ممزقة الى أشلاء وهذه هو الأمر الذي كشف عنه أحد عناصر الميليشيات ربما بدعوى تأنيب الضمير.
الأسئلة المطروحة
-
البعض من المغدورين أطلق عليه الرصاص، ومع هذا فإن جثثهم ممزقة! فلماذ جثثهم ممزقة؟ وكيف قطعت ووضعت في صناديق فواكه؟ اليس في الأمر ما يدعو الى الإستغراب، سيما ان تنظيم داعش الارهابي لا يمثل بالجثث من منطلق اسلامي.
-
لماذا احتفظ بالجثث لمدة (5) سنوات واين احتفظ بها؟ ولماذا لم يعلن عنها سابقا؟ ولم لا يوجد موقف للحكومة العراقية من الموضوع؟ ولماذا التستر عن تفاصيل الموضوع ومصدر ارسالها وعدم فتح تحقيق بذلك.
-
اكد الكثير من سكان جرف الصخر ان أي طرف حكومي لم يعلمهم بالعثور على جثث مغدورين، ولم يستدعيهم أحد للتعرف بهم. فكيف أعتبرت مجهولة الهوية؟ في الحقيقة لا يوجد جثث مجهولة الهوية، فهم عراقيون مغدورون.
-
لماذا لم تتم الإستعانة بخبراء في مجال التشريح او استخدام الحمض النووي(دي ان دي) للتعرف على هوية المغدورين، ومطابقتها مع أهالي المغدوين كما جرى في سبايكر؟
-
لماذا تم الإعلان عن العثور على الجثث بعد مرور خمس سنوات من العثور عليها؟ اي بعد التفسخ واختفاء الملامح.
-
لماذا تم اعلان العثور على الجثث بعد دفنها من قبل منظمة خيرية شيعية، ولماذا لم يعرف الرأي العام العراقي بمكان الدفن؟
-
لماذا لم تشرف مفوضية حقوق الإنسان على عملية دفن الجثث، ولم يكن لها أي دور في الموضوع، ولماذا تم تغييبها قصدا وقسرا؟ اما وزارة الداخلية فلا عتب عليها لأن وزيرها من ميلشيا منظمة بدر.
-
هل سيكون مصير (12000) مغيب من أهل السنة بمثل هذا الطريقة؟ لماذا تتجاهل الحكومة هذا الموضوع، وتستهين بأهل السنة؟
-
الحقيقة ان الجاني معلوم وهي ميليشيات الحشد الشعبي، والجثث المجهولة معروفة، لكن الحكومة لها مأرب في ذلك. نسأل الحكومة هل انتهى الإرهاب حقا في العراق؟ وماذا نسمي هذه المجزرة اليست إرهاب؟ اليس مدخلات الارهاب تنظيم داعش ومخرجاته الحشد الشعبي؟
-
لماذا تم توقيت الإعلان عن هذه العملية في عيد الأضحى المبارك؟ واين موقف الوقف السني؟ واين رئيس الجمهورية مما يحدث اليس هو حامي الدستور؟
-
كيف عرف رئيس البرلمان العراقي الحلبوسي ان ” مجموعة الجثث مجهولة الهوية، البالغ عددها 31 جثة، جزء منها جنائية، واخرى مجهولة الهوية، واخرى ناتجة من عمليات تحرير منطقة جرف الصخر”، علما انه لم يجرِ أي تحقيق في الموضوع، هل تصيرح الحلبوسي نتيجة وحي أوحى اليه، ام لطمطمة الموضوع، سيما إن موقفه كان مخزِ للغاية، بل عار على الأنبار وأهل السنة عندما يزايد على دماء العراقيين ويعتبرها حوادث غير طائفية. ان كانت جرائم جنائية فلماذا تعتبر مجهولة؟ ورد أحد نواب الأنبار على الحلبوسي” الأمر خطير بالنسبة لنا ومستقبل مناطقنا، لا سيما بعد أن ثبت لنا أن الحكومة غير قادرة لا على بقوله” القيام بواجباتها المنصوص عليها دستورياً في حماية المواطن، ولا مساعدتنا نحن كنواب للمناطق المحررة حتى نستطيع أن نفعل شيئاً حيال استمرار مثل هذه المآسي التي بات من الواضح أن أبناء مناطقنا من مكون معين (المكون السنّي) هم المستهدفون بالدرجة الأساس. أمام عجز الحكومة حيال ما يجري؛ فإن اللجوء إلى المجتمع الدولي يصبح خياراً طبيعياً بالنسبة لنا”.