نتقدم إليكم أولا بأزكى آيات التهنئة والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك … آملين أن يكون إشراقة الأمل المنشود في الإصلاح والتغيير… وعودة العراق إلى مكانته السابقة بين الأمم بجهود الخيرين .
ويسرنا أن نرسل إليكم مقالتنا ( جوازات السفر الدبلوماسية … لمن … ولماذا … ) ، للمرة الثانية … راجين التفضل بالموافقة على نشرها … أو بيان العكس لتلافي الخطأ إن وجد … مع التقدير .
جوازات السفر الدبلوماسية … لمن … ولماذا …
ليس من يحمل جواز السفر الدبلوماسي شخصا عاديا ، فهو من يحظى بمعاملة خاصة وفقا للقوانين والبروتوكولات المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية بين الدول ، من حيث الإستقبال والإحترام بسبب حمله لذلك الجواز الدال على أهميته في بلده ، مما يتوجب أن يخضع منحه لشروط ومعايير واضحة ، تحدد من يستحق أن يمنح جواز السفر الدبلوماسي له ، من الشخصيات الدبلوماسية أو من كبار المسؤولين في الدولة أو من الشخصيات ذات المكانة المرموقة في المجتمع العراقي ، بمعنى أن لا يمنح الجواز الدبلوماسي على سبيل المكافأة أو المحاباة وبدون شروط معتبرة ، لأن من يحمله يمثل الدولة التي يحمل إسمها ، وأنه محاسب على كل تصرفاته وسلوكياته وعلاقاته في كل دولة يذهب إليها ، ولكننا سمعنا من وسائل الإعلام عن بعض الظواهر السلبية الصادرة عن حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وعوائلهم ، والتي باتت تسيء لسمعة دولة العراق المعروف برصانة جوازاته الدبلوماسية ، لكن مثل هذه الفضائح لن تنتهي ما دام حملة الجواز الدبلوماسي من الأميين والجهلة ومن غير الرؤساء والنواب والوزراء ، ومن يشغل مراكز وظائف الحكومة العليا وكادرها المتقدم ، ولأن ما يحدث في المطارات بسبب سوء إستخدام الجواز وحامليه يدعو الى الحزن والخجل ، فمنهم من يرفض عرض أوراقه الثبوتية لأنه دبلوماسي من عائلة عضو البرلمان أو الوزير أو غيره من مسؤولي الصدفة ، وآخر طفل دبلوماسي يصرخ باكيا وهو يبحث عن أمه الدبلوماسية لمساعدته في قضاء حاجته ، وثالث طاعن في السن لا يروق له ولا يتمكن من مغادرة ما شب وشاب عليه من سلوك وتصرف إجتماعي إعتاد عليه ، والكل لا يعرف شيئا عن الدبلوماسية ولا عن أبسط أصولها وحقوقها وواجباتها ، بما فيهم عضو البرلمان أو الوزير ، ولا يعرفون أهمية وخطورة إستخدام الوثيقة الحمراء القانية في غير طرقها الصحيحة والسليمة . بإستثاء معرفتهم الدقيقة بإمتياز مادي سابق مقداره خمسون ألف دولار ، يساعدهم على إستخدام جواز السفر الدبلوماسي لتحقيق رغباتهم الشخصية والعائلية الخاصة ، والتي كانت من الأسباب الرئيسة والمباشرة للترشح لعضوية مجلس النواب ، والتمتع بإمتيازات ما أنزل الله بها من سلطان ؟!.
إن المطلوب هو الغاء منح الجواز الدبلوماسي لمن هب ودب ، وحصر منحه بمن أشرنا إليهم من أصحاب الإعتبار والمسؤولية العليا ، مثلما هو معمول به في كل دول العالم المتقدم والمتأخر على حد سواء ، وحصر إستخدامه للأغراض الرسمية فقط , ولا أدري في أي منزلة من درك الفساد وصل بنا المقام ، ونحن نتشدق يوميا بسبقنا الحضاري والثقافي للأمم والشعوب ، متجاهلين إنحطاط حاضرنا ومجهولية ومأساة مستقبل أجيالنا .
لقد أصابتنا تخمة السيئات والإساءات بالغثيان ، ولم يبق من مرض خبيث أو مستعصي العلاج إلا ونخر العقول والأجساد العراقية المسؤولة بالصدفة ، بفعل تأثرها بشدة هول المتمتع به من الإمتيازات غير المتوقع الحصول عليها ، ومن ثم عدم تحمل ماجرى ويجري بشأن حيازتها منذ الإحتلال وحتى الآن ؟!، إلى حد لم نعد نميز فيه بين الغث من السمين من الصفات والسلوكيات ؟!.
ولغرض حصر العرض والإيضاح على جواز السفر الدبلوماسي ، رأينا الإشارة إلى ماتضمنه نظام جوازات السفررقم (2) لسنة 2011 (1) ، حيث جاء فيه ما يأتي :-
المادة -17 -أولا- يمنح جواز السفر الدبلوماسي إلى الأشخاص التالي ذكرهم ممن يشغلون وظائفهم أصالة ، وأزواجهم وأولادهم الذين يعيلونهم قانونا من المقيمين معهم ( رئيس جمهورية العراق – رئيس مجلس الوزراء – رئيس مجلس النواب – رئيس مجلس القضاء الأعلى – رئيس الإقليم – رئيس مجلس وزراء الإقليم – نواب رئيس الجمهورية – نواب رئيس مجلس الوزراء – نواب رئيس مجلس النواب الإتحادي – نواب رئيس مجلس وزراء الإقليم – وزراء الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم – من يشغل وظيفة بدرجة وزير في الحكومة الإتحادية – أعضاء مجلس النواب – الأمين العام لمجلس الوزراء ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية ورئيس ديوان مجلس النواب – مستشارو رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء – موظفو السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية والملحقين الفنين ومعاونيهم – الأمناء العامين ومساعديهم من العراق العاملين في المنظمات العربية والدولية ) .
ثانيا- يحتفظ المتقاعدون المنصوص عليهم في الفقرات ( أ- و) من البند أولا من هذه المادة ، الذين تولو مناصبهم بعد 9/4/2003 وأزواجهم وأولادهم الذين يعيلونهم قانونا من المقيمين معهم بجوازات سفرهم الدبلوماسية ، ويمنح الجواز الدبلوماسي لمن لم يمنح الجواز المذكور سابقا .
ثالثا- يحتفظ من يحال إلى التقاعد بعد نفاذ هذا النظام ، المنصوص عليهم في الفقرات ( أ- ل) والفقرتين (ن) و(س) من البند (أولا) من هذة المادة ، الذين يشغلون وظائفهم أصالة ، والسفراء وأزواجهم وأولادهم الذين يعيلونهم قانونا من المقيمين معهم بجوازات سفرهم الدبلوماسية ، ويمنح الجواز الدبلوماسي لمن لم يمنح الجواز المذكور سابقا.
رابعا- يمنح جواز سفر دبلوماسي لحامل البريد السياسي بتكليف من وزارة الخارجية .
خامسا- لوزير الخارجية ووفقا للضوابط ، منح جواز سفر دبلوماسي لمن تقتضي طبيعة عمله أو المصلحة العامة منحه ذلك.
المادة-18- لايمنح جواز السفر الدبلوماسي وجواز السفر الخاص وجواز الخدمة لأول مرة إلا في العراق .
المادة -19- مع مراعاة أحكام البندين (ثانيا و ثالثا) من المادة (17) من هذا النظام ، يسحب جواز السفر الدبلوماسي أو الخاص أو الخدمة ، ممن فقد الصفة التي خولته حق حمله ، ولضابط الجوازات إبطالة.
المادة -20- لا يستفيد من أحكام هذا النظام المشمولون بأحكام قانون الهيأة الوطنية العليا للمسائلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008(2) ، ومنتسبوا الأجهزة الأمنية القمعية إبان عهد النظام السابق .
نسجل الإعتراض هنا على منح الجواز الدبلوماسي لغير ذي الشأن من المسؤولين ( أزواجهم وأولادهم بما فيهم الأطفال الرضع والرجال والنساءالذين يعيلونهم قانونا ) ، كذلك إحتفاظهم ( ومن يعيلونهم ) بالجواز الدبلوماسي بعد ترك المنصب أو الوظيفة ، ؟!. ولأن ما دوناه متعلق بأحكام نظام ، فقد رأينا تثبيت ما يتعلق بالموضوع قانونا ، حيث تم تعديل المادة الخامسة من قانون مجلس النواب رقم (50) لسنة 2007 (3) ، بموجب القانون رقم (23) لسنة 2010(4) ، بعد النقض الأول والثاني ، لتصبح بعدما كان المنح لأسر المذكورين بالنص الآتي :-
المادة-5- تمنح هيئة الرئاسة وأعضاء مجلس النواب ، جوازات سفر دبلوماسية لهم ولأزواجهم وأولادهم أثناء الدورة التشريعية ، و(8) سنوات بعد إنتهاء الدورة التشريعية .
وعليه فإن السيد رئيس مجلس الوزراء (العبادي) أو غيره ، لا يستطيع سحب أو إلغاء الجوازات الدبلوماسية الممنوحة بموجب النظام أو القانون ، إلا بعد إلغاء أو تعديل النظام بنظام أو النظام والقانون بقانون ، ولأن القانون رقم (50) لسنة 2007 لم يتم إلغاؤه بشكل كامل ، لإقتصار إلغاء الأحكام الواردة فيه بتلك الخاصة بالرواتب التقاعدية منه فقط بموجب قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 (5) ، وعليه فإن الجوازات الدبلوماسية الممنوحة بموجبه تبقى نافذة ، وعلينا عدم الإستعجال في الإشادة بما يصدر من أحاديث وإشاعات وإدعاءت الإصلاح ومحاربة الفساد ، لأننا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا .
وتعميما للفائدة وزيادة في الإيضاح ، ولغرض المقارنة بين التشريعات قبل إحتلال العراق وبعده ، وإن كانت في أغلب مفاصلها متشابهة إلى حد الجزم بالنقل الحرفي لها ، مع التلاعب ببعض الحروف والكلمات والجمل والعبارات ، نوصي بمراجعة مواد نظام جوازات السفر رقم (61) لسنة 1959(6) ، المعـــــدل ثمانيــــــــــة عشرة مرة ، ومنها النظام رقم (19) في 5/9/1987(7) ، الذي يتعلق بإصدار جواز سفر الخدمة وليس الدبلوماسي ، لشاغلي بعض المناصب والوظائف قبل الإحتلال ، ليتبين الفرق بينهم وبين أمثالهم بعد الإحتلال ، والإستفادة من الأحكام الواردة فيها ، عند إعداد نظام جوازات السفر المتناسب والمنسجم مع موجبات منحها وإستخداماتها ، بالشكل اللائق والمنسجم مع وجوب المحافظة على سمعة العراق وهيبته بين دول العالم المتحضر ، ومدنية القرن الواحد والعشرين .