حجم الفساد المالي و الأداري في العراق؛أرقام و مؤشرات

حجم الفساد المالي و الأداري في العراق؛أرقام و مؤشرات
آخر تحديث:

 محمد طاقة 

إن الفساد موجود في كل دول العالم و لكن بنسب متفاوتة ، و لم تكــن خطيرة كما هو الحال في الــعراق .. إن هــــذه المسببات الداخلية المباشرة هي التي أدت إلى ظهور هـــــذا الفساد .

هنالك قاعدة ذهبية عامة تقول ” إذا وجدت خللا ً في قاعدة الهرم الإداري ابحث عنه في قمة الهرم “.

إن ظاهرة الفساد المستشرية في كل بلدان العالم سببها الحقيقي والرئيسي هو حجم الفساد الموجود في النظام الدولي .. فالفساد موجود في قمة الهرم .. إن ما خلفته الحرب العالمية الثانية من نظام دولي ثنائي القطبية وتشكيل الامم المتحدة ومؤسساتها المتمثلة بمجلس الأمن ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للبناء والتعمير والقوانين التي تحكم العالم اليوم هي نفسها القديمة البالية والتي تتمسك بها المنظومة الرأسمالية لأنها تحقق لها مصالحها الخاصة مستغلة نفوذها لتحقيق أعلى معدلات من الأرباح على حساب مصالح ورفاه شعوب العالم .. فبعد انفراد الولايات المتحدة الأمريكية والمنظومة الرأسمالية بالعالم وغياب الاتحاد السوفيتي كقوة كانت تخلق حالة التوازن .. أصبح العالم في حالة عدم توازن وانفردت الرأسمالية العالمية بالعالم ولم يحدث أي تغير على المؤسسات الدولية ،

وبالتالي بدأ الفساد يستشري في كل مكان فدول الشمال تسرق وتنهب دول الجنوب والرأسماليون يزيدون من أرباحهم من خلال استغلال تفوقهم العلمي والتكنولوجي لنهب ثروات دول الجنوب وبطرق غير مشروعة مستغلة نفوذها ، وجاءت العولمة كتكييف فكري لمزيد من الهيمنة مما جعل الفوارق الطبقية تتعمق ، الغني زاد غنا ً والفقير زاد فقرا ً .. وتفاوتت الدخول ، وأصبح 2 مليار من سكان العالم يعيشون دون حد الكفاف .. مما زاد من معاناة الشعوب وزاد بعدها الجوع والمرض والحرمان والقتل و التشريد والاجتثاث والتهميش .. كل ذلك خلقته المنظومة الرأسمالية ، من خلال سلوكها الجشع للكسب وتحقيق أعلى معدلات من الأرباح على حساب شعوب العالم المتعطش للحرية والعيش برفاه .. كل ذلك ومن وجهة نظرنا مسببات رئيسية وجوهرية من أسباب تفشي ظاهرة الفساد .

إن النظام الدولي القائم على دكتاتورية رأس المال وعلى عولمة الاقتصاد .. وإن قطبا ً واحدا ً يهيمن على الاقتصاد الدولي .. ستعمق هذه الظاهرة ، وسيزداد الفساد وسيتفكك المجتمع الدولي وتنتهي مجموعة القيم المجتمعية .. وتحل شريعة الغاب وسيكون العالم على كف عفريت .

إذن قمة الهرم التي تقود النظام الدولي هي السبب الحقيقي لما يعيشه العالم والعراق بشكل خاص من تفشي الفساد فيه .

الفساد المالي والإداري في العراق وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية

لقد تفاقمت وانتشرت أزمة الفساد في العراق وبشكل خطير جدا ً وذلك بعد عام 2003 ، عام غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد أن تم تفكيك الدولة العراقية الوطنية وحل الجيش وأجهزته الأمنية ساد العراق وضعا خطيرا ً تمثل بانعدام الأمن والاستقرار وسيطرة الميليشيات والعصابات المسلحة والمدعومة من قبل ايران وأمريكا .. بحيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية في البلد وتفشت ظاهرة الفساد الإداري والمالي ، والتي احتلت مركز الصادرة في العالم .. وبالرغم من جميع المحاولات لانقاذ البلد من هذا الفساد .. أو السيطرة عليه إلا إن جميع المحاولات باءت بالفشل .. بل زادت من حدة الفساد وانتشاره على أوسع نطاق .. بالشكل والكيفية الذي بدء يشكل خطرا ً جسيما ً على البنية الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم إنهياره تماما ً .

فالاحتلال هو السبب الرئيسي عن تفشي هذه الظاهرة . فضلا ً عن إن كبار المسؤولين يهربون من العقاب بسبب قوانين تسهل لهم الهروب خارج البلاد أو الاحتماء بالحصانة البرلمانية . وبسبب ظروف الاحتلال وافرازاته ، لدرجة بات تجاوز الموظف المختص في الدولة حدود وظيفته ومخالفته للقوانين والأنظمة المعمول بها أمرا ً مألوفا ً . ووصل الأمر بالتجاوز على القيم والأخلاق السائدة في المجتمع من أجل الحصول على مكاسب مادية غير مشروعة امراً عادياً .

في الوزارات العراقية في العاميين ( 2004 – 2005 ) بحدود 705 مليار دولار وعلى النحو الآتـــــــــي :

تكاليف الوزير العراقي شهرياً 150 الف دولار.

جدول يبين أرقام الفساد لكل وزير:

1 33520 مليار دينار مخصصات ارزاق يعني 100 مليون يومياً ارزاق

2 12300 مليار دينار مخصصات ضيافة

3 550 مليون دينار مخصصات سفر علماً هنالك باب اسمه مخصصات ايفاد

4 3350 مليار دينار مخصصات ايفاد تداخل مع الذي قبله

5 28380 مليار دينار مخصصات منح و اعانات و نفقات

6 28380 مليار دينار مخصصات مصروفات اخرى متداخلة مع التي قبلها فقرة (5)

7 25630 مليار دينار مخصصات منح وتحويلات اخرى

8 22275 مليار دينار مخصصات استثنائية

9 6850 مليار دينار مخصصات الاتصالات و البرق

10 1450 مليار دينار مخصصات ملابس

11 600 مليون دينار مخصصات صحف و مجلات

12 1200 مليار دينار مخصصات تنظيف القاعات و المكاتب

13 6400 مليار دينار مخصصات مستلزمات سلعية

14 12120 مليار دينار مخصصات اجهزة و مكائن و معدات

وهناك مخصصات اخرى غير معقولة

غ لم يكفي لسد نفقات المجلس .

ارتفعت الميزانية للعام 2014 الى 528 مليار دينار اي بزيادة مقدارها 161 مليار و بنسبة 38% عن العام الذي سبقه

تضمنت الميزانية 166 باباً للصرف معظمها ابواب متداخلة

ذكر مقرر البرلمان ان هذه المبالغ قليلة جداً امام المبالغ المخصصة لرئاسة الوزراء و رئاسة الجمهورية . واذا اضيفت عليها ميزانية القضاء الاعلى والرئاسات الثلاث يكون العراق قد أفلس تماماً وسيلجأ للاقتــراض .

اما الجدول الاتي فهو عبارة عن مؤشرات عامة تحدد مدى درجة الفساد بين دول العالم وهــذه المؤشرات تعطينا فكــرة عن مدى الشفافية و درجة الفساد في بعض الدول المختارة وذلك لعام 2009 … ويتضح من الجدول ان العراق جاء بالمرتبة السادسة من بين 177 دولة في الفساد وحسب المؤشرات المذكورة . وجاءت الصومال بالدرجة الاولى .

امام كل هــذه المؤشرات يتضح لنــا وبشكل جلي مدى تفشي الفساد في العراق وبالأخص منــذ عام 2003 ولحد اليوم ، وهـــذا يعني ان الــعراق يعيش كارثــة انسانية و بيئية و اقتصادية و اجتماعية و سياسية و امنية قل مثيلها في التاريخ القديم و الحديث .

فهو فعلاً يعيش مرحلة ما قبل الثورة الصناعية الفترة التي كان يعاني فيها الانسان من الامية و التخلف و الفقر والحرمان و الجوع و المرض .

هذا هو حال العراق من اغنى بلدان العالم و شعبه يعيش دون حد الكفاف .

جدول يبين أرقام الفساد لعام2009م.

مؤشرات عامة نشرتها منظمة الشفافية عن الفساد للعام 2009

الدولة

لترتيب مجموع النقاط للمؤشرات ضغوط سكانية لاجئين ونازحين سوء معاملة الاقليات الهروب من عنف الداخل ضعف التنمية الاقتصاية المتفاونة تراجع اقتصادي فقر التشريعات القانونية صعف الخدمات العامة الاعتداء على حقوق الانسان صعف جهاز الامن تنازع النخب التدخل الخارجي

الصومال

1 114,7 9,8 9,9 9,7 8,5 7,7 9,5 10 9,9 9,9 10 10 10

العراق

6 108,6 8,7 8,9 8,7 9,1 8,6 7,6 9 8,4 9,3 9,7 9,6 10

اليمن

19 98,1 8,8 7,9 7,7 7,4 8,9 8,2 8,3 8,5 7,7 8,4 9 7,3

النرويج

177 18,3 1,9 1,6 1,3 1,1 2,2 2,3 1 1,3 1,5 1,1 1,1 1,9

والجدول التالي يبن الرواتب التقاعدية لبعض المسؤولين و يبين حجم الفساد المالي عند الطبقة الحاكمة للبلد والذي تجاوز حدود المعقول .

جدول رقم (4)

الاسم

المبلغ (مليون دينار )

بالشهر (الف دولار )

باليوم (الف دولار )

1 محمود المشهداني 57 47,500 1583

2 غازي الياور 57 47,500 1583

3 نوري المالكي 62 51,650 1721

4 جلال الطالباني 82 68,300 2276

5 اسامة النجيفي 62 51,650 1721

6 خضير الخزاعيي 62 51,650 1721

7 حسين الشهرستاني 58 48,300 1611

8 صالح المطلك 58 48,300 1611

9 روز شاويس 58 48,300 1611

10 اياد السامرائي 57 47,500 1583

11 نصير العاني 58 48,300 1611

الجدول التالي يبين لنا رواتب المناصب العليا التي يتقاضاها المسؤولين في الحكومة العراقية و على النحو الاتي :

جدول رقم (5)

المنصب شهريا

(مليون دينار) شهرياً

(ألف دولار) الراتب باليوم (دولار) الراتب بالساعة (دولار ) الراتب بالدقيقة (دولار)

1 رئيس الجمهورية

82 75 2500 104 1,736

2 رئيس الوزراء

62 57 1900 79 1,319

3 رئيس البرلمان

57 53 1766 73 1,226

4 راتب الوزير

12 10 333 13,888 0.231

5 عضو البرلمان

12 10 333 13,888 0.231

6 علماً ان مخصصات نثرية للوزير و عضو البرلمان 20 مليون دينار

هذا الجدول يعطينا صورة واضحة عن حجم الفساد المالي الذي يمارسه رأس الهرم في العراق و كيف سيكون عليه الحال في قاعدة الهرم .. وهذا يدل على ان الفساد المالي في العراق فساد غير مطروق على الاطلاق و في كل العالم.

لـــذا اصبح العراق من افســد بلــدان العالم و الشكل الاتــي يوضح ان العراق وماينمار افسد بلدين من مجموع 180 بلداً في العالم ، عدا الصومال .

العراق كان في العام 2004 بالمرتبة 129 بالفساد في العالم من مجموع 145 دولة

ثم جاء بالمرتبة 137 على مستوى العالم وذلك سنة 2005

ثم جاء بالمرتبة 160 على مستوى العالم مقارنة مع 163 دولة حول العالم سنة 2006

ثم جاء بالمرتبة الثالثة الاكثر فساد في العالم وذلك سنة 2007

ثم جاء وحل بالمرتبة 179 الى جانب ماينمار بعد ان حصل على درجة 3 من عشرة وفــق مقاييس النزاهة ليأتـــي في المرتبة الثانية بين الــدول الاكثر فساداً في العالم قبله فقط الصومال.

رابعاً : ب- الاثار الاقتصادية و الاجتماعية للفساد

من الواضح جـــدا ان الفساد سوف يؤثر بشكل مباشر او غير مباشر وبشكل فعال على عرقلة التنمية الاقتصاديــة ومن ثم على التطــور الحضاري للمجتمع كون الفساد يؤدي الى تبديد الثروة الوطنية ، ومن ثم يزيد من عدم فاعلية الاقتصاد و انخفاض انتاجيته .

وبسبب الفساد ستنخفض معدلات النمو الاقتصادي…وسيؤدي الى ضعف الاستثمار و هروب رؤوس الاموال الى خارج البلد، وما يتبعه من قلة فرص العمل وزيادة البطالة وانخفاض دخل الفرد وزيادة الفقر و العوز و الحرمان.. وان الهدر الذي يحصل بسبب الفساد المالي يعنى ضياع اموال الدولة و التي كان من الاجدر استخدامها او استثمارها في مشاريع تخدم المواطنين … ومن الاثار الاقتصادية المترتبة على الفساد هي الزيادة في التكاليف والتي وفي كل الاحوال ينقل عبئها على المستهلكين و الاقتصاد ككل وهذا مما يثقل من كاهل المواطنين بسبب رفع الاسعار وزيادة معدلات التضخم . كما ان هدر الاموال و سرقتها سيؤدي بالضرورة الى عجز في العرض الكلي و الانتاج الوطني مما يؤدي الى الاتجاه نحو استيراد السلع و الخدمات من الخارج وهذا يؤدي الي زيادة الطلب على العملة الاجنبية .. وتخفيض قيمة العملة الوطنينة . وبالتالي فان الاقتصاد الوطني سيتحمل عبء هذا الفساد . وعلى هذا الاساس نجد ان هنالك علاقة عكسية بين الفساد والكفاءة الاقتصادية ، فانتشار الفساد يؤدي الى تقليل الكفاءة و العكس صحيح … ان الفساد يضع قيوداً على الدولة و على تأدية وظائفها الاقتصادية و الاجتماعية وسيؤثر بشكل او بأخر على السياسة المالية و النقدية للبلد كونه يقلل من الايرادات العامة ويزيد من حجم الانفاق العام ولأسباب كثيرة ، منها زيادة فرص التهرب الضريبي او الحصول على الاعفاءات الضريبية بطرق غير مشروعة .كما أن للفساد اثار سلبية على الاستثمار الاجنبي فزيادة مؤشر الفساد بمقدار وحدة واحدة في ظل معدل ضريبة حدية مساوياً (4,7) فانه يحدث انخفاضاً في الاستثمار الاجنبي المباشر منه (0,9%) . فالفساد يعيق الاستثمار كونه يخفض العائد على الاستثمار .

وبسبب ظاهرة الفساد سنجد عدم المساواة و المنافسة غير العادلة سيقللان من الفاعلية الاقتصادية ، ويبدو لنا ان العلاقة قوية بين الفساد و درجة اللامســـــاواة في المجتمع . وكـــل ذلك سيخلف توزيـعاً غيــر عــادلاً بين السكان و سيزيد الفقير فقراً والغني غناً وسينعكس ذلك على مستوى التنمية البشرية … وسيؤثر على مستوى رفاه المجتمع بشكل عام ، وان انتشار تعاطي الفساد سوف يؤدي بطبيعة الحال الى تقليل ايرادات الميزانية العامة للدولة ويحرمها من موارد مالية تحتاجها الدولة للانفاق على ابواب الانفاق المختلفة ، والفساد يؤثر على العدالة التوزيعية للدخل و الثروات لصالح الطبقة الاكثر قوة في المجتمع والذين يحتكرون السلطة و النفوذ وتؤدي الى خلق فوارق طبقية في الدخل و الثروات وما لذلك من تاثيرات سلبية على االنسيج الاجتماعي للبلد .

وتأكيداً الى ما ذهبنا اليه من اثار اقتصادية خطيرة للفساد ، فقد كانت الايرادات المتحققة من تصدير النفط الخام خلال السنوات 2003-2015 اي منذ الاحتلال وحتى هذه السنة و حسب ما موضح في الجدول الاتــــي :

جدول رقم (6)

السنة الانتاج اليومي من النفط الخام (الف برميل) السعر للبرميل الواحد العالمي بالدولار سعر البرميل حسب اوبك بالدولار الانتاج السنوي (الف برميل ) الدخل حسب السعر العالمي (مليار سنوياً) بالدولار الدخل حسب سعر اوبك (مليار سنوياً) بالدولار

2003 1344 39,99 28,1 483,840 19,353,600,000 13,595,904,000

2004 2030 55,63 36,05 730,800 40,654,404,000 26,674,200,000

2005 1833 70,90 50,59 659,880 46,785,492,000 33,383,329,200

2006 1999 78,11 61,00 719,640 56,211,080,400 43,898,040,000

2007 2143 99,4 69,04 771,480 76,685,112,000 53,262,979,200

2008 2428 147,16 94,1 874,080 128,629,612,800 82,250,928,000

2009 2452 81,93 60,86 882,720 72,321,249,600 53,722,339,200

2010 2490 92,01 77,38 896,400 82,558,440,000 69,363,432,000

2011 2801 114,78 107,46 1,008,360 115,739,560,800 108,358,365,600

2012 3116 110,55 109,45 1,121,760 124,010,568,000 122,776,632,000

2013 3141 112,22 105,87 1,130,760 126,893,887,200 119,713,561,200

2014 2300 47,00 96,1 828,000 38,916,000,000 79,570,800,000

2015 2300 50,00 52,05 828,000 41,400,000,000 43,470,000,000

المجموع

– – – – 971 مليار دولار 861 مليار دولار

ومن الجدول اعلاه يتضح التذبذب الحاصل على كمية الانتاج اليومية وكذلك على سعر البرميل الواحد وحسب الاسعار العالمية و اسعار منظمة اوبك .

حيث بلغ المبلغ الكلي للايرادات خلال الـ (12) سنة المنصرمة مبلغاً قدره (971) مليار دولار اي ما يقارب الترليون دولار حسب الاسعار العالمية و (861) مليار دولار حسب اسعار اوبك .

هذا اذا علمنا ان نسبة مساهمة القطاع النفطي في الميزانية العامة للدولة تتراوح ما بين (88,5% – 95%) وان الـ (5) بالمئة متأتية من الضرائب و الرسوم علماً ان مبلغ الضريبة خلال هذه السنوات ضئيل جداً مما يدل على تخلف الجهاز الضريبي وارتفاع نسبة التهرب الضريبي وتفشي الفساد فيه وكما موضح بالجدول رقم ( 6 ) .

اما بالنسبة الى مساهمات بقية القطاعات (الصناعة، الزراعة، والخدمات ) تكاد تكون معدومة . وهذا يعني ان هذه المبالغ الضخمة والخيالية لا احد يعرف كيف انفقت . وماذا لو وجهت هذه المبالغ الى تنمية البلد والقطاعات الاخرى .

واذا افترضنا ان نصف هذه المبالغ ذهبت الى النفقات التشغيلية اي اجور ورواتب ومخصصات تقاعدية .. فاين ذهب النصف ترليون المتبقي.. فمنطقياً يكون قد هدرها الفساد وتم تبديد هذا المبلغ العملاق .. ولو كان قد صرف هذا المبلغ على تطوير البلد لكان واقع العراق على احسن حال .

ومن هنا يتضح لنا ان العراق قد تم نهبه كلياً من قبل العصابات والمليشيات و المتنفذين في الحكومة ، وتم تحويل هذه المبالغ الى خارج العراق والى بعض الدول المتنفذة والتي لديها سطوة على العراق كأيـــران .

جدول يمثل مجموع الايرادات النفطية الفعلية ومجموع الايرادات الكلية الفعلية للميزانية للاعوام 2006-2012 ( مليار دينار )

جدول يبين الأيرادات الكلية:

السنة مجموع ايرادات النفط الفعلية مجموع الايرادات الكلية الفعلية مجموع الايرادات الاخرى

(1-2) نسبة الايرادات الاخرى الى مجموع الايرادات الكلية

(2:3%) نسبة

(2:1)

2006 46534 49055 2521 5.1% 94.9

2007 51701 54964 3263 5.9% 94.1

2008 75358 79831 4473 5.6% 94.4

2009 48872 55224 6352 11.5% 88.5

2010 71340 77025 5685 7.3% 92.7

2011

2012

سبل معالجة الفساد و تحجيمه:

ان ظاهرة الفساد موجودة منذ القدم وفي كل العصور و في كل الانظمة والمجتمعات ، الغنية و الفقيرة ،الدول العظمى و الكبرى و الدول الصغرى . وستبقى مستمرة كونها مرتبطة بالنفس البشرية و رغبتها في الحصول على ما يمكن ان تحصل عليه من مكاسب مادية و غير مادية وبطرق غير مشروعة من خلال استغلال مواقها الرسمية و غير الرسمية و علاقتها مع جهات رسمية ام حزبية الذين يعملون في المؤسسات الحكومية .. وان هذه الظاهرة تكمن بشكل اكبر في مجتمعات دول العالم الثالث وهي التي تقف بشكل كبير ضد تطور هذه البلدان وتعتبر من اشد العقبات خطورة في وجه الرفاه و التنمية الاقتصادية و الانتعاش الاقتصادي .. حيث تساهم في تبديد المال العام و التلاعب به … والذي ينتج عن ذلك اثار خطيرة و هي تحويل الموارد من المصلحة العامة الى مصلحة اشخاص بعينهم .. وعلى اساس ذلك يتم تخريب المجتمع اقتصاديا و اجتماعيا و تفكيكه و تدمير مستقبله .

ان الفساد اخذ مديات خطيرة على مستوى العالم ، ولذلك ان القضاء عليه سيكون امرا مستحيلا .. ولكن بالامكان الحد منه وبالدرجة التي يجعله مقبولا و غير مؤذيا .. وحتى تتمكن من تحقيق ذلك … لا بد ان يحدث تغييرا جذريا على النظام الدولي القائم و الذي يمثل قمة الفساد العالمي .

ان النظام الدولي القائم لا زال هو النظام الذي خلفته الحرب العالمية الثانية .. وان التطور الذي حدث على قوى الانتاج و بالأخص التطور الذي حدث على مستوى العلم و التكنولوجيا … فلم تعد العلاقات الانتاجية القائمة تستوعب هذا التطور . وان النظام السائد وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، انفردت امريكا بالعالم وساد نظام شريعة الغاب .. وجاءت العولمة كتكييف فكري لمزيد من الهيمنة ، وعلى هــــذا الاساس زاد الفقير فقــرا والغني غناً ووصل الظلم الى اقصاه والفقــر الى اقصاه وسادت دكتاتورية رأس المال وزاد المرض والجهل والامية ، وزاد التفاوت بالدخل والصراع الطبقي آخـذ مـــداه ، كل ذلك ينــــذر بتحولات خطيرة سيمر بها العالم .. لـــذا ان خلق نظام دولي جديد مبني على التعددية والديمقراطية وتحقيق حقوق الانسان وحرية الامم بالعيش بحرية واستقلال اقتصادي وسياسي تام ودون التدخل في شؤون الدول لبعضها .. وتحقيــق العدالة الاجتماعية وخلق التنمية المستدامة هــو الطريق الاساسي للقضاء او الحد من ظاهرة الفساد الخطيرة هـــذا على المستوى الكلي .

اما على المستوى الجزئي وكعمل على تحجيم الفساد لا بد من العمل على تغيير شامل و جذري للوضع الشاذ القائم في العراق ، واعتماد برنامج وطني عراقي شامل تتبناه حكومة وطنيــــة غير مرتبطة بالاجنبي .. تعمل من اجل العـــراق واستقراره وتنميته على اسس علمية و ذلك من خــلال وضع سياسة اقتصاديــة شاملة عن طريق منظمات المجتمع المدني المهتمه بالشــؤون الاقتصاديـــة وان تكون مكافحة الفساد شرط اساسي لسلامة فعالية الانشطــة الاقتصاديــة وشرط للمنافسة العادلـــة .. وخلق مناخ وبيئـة استثمارية صالحة لجلب الاستثمارات الاجنبية .. كل ذلك يتطلب دولـة قوية تعمل على توفير الخدمات بفعالية وكفاءة وتعزيز دور الرقابة المالية واستخدام الموارد العامة بشكل مثالي وتعمل على حماية حقوق الانسان والعمل على زيادة النمو الاقتصادي وتوطيــن التكنولوجيا ..والعمـل على خفض العجــز المالي التجاري واستخدام سياسة ماليــة و نقديــة فعالة والتحكم بالتضخم ، والعمل على تشجيع القطاعات الاقتصادية الاخرى كالصناعة والزراعة وقطاع الخدمات وخلق تنميــة مستدامة من اجل زيادة الدخل القومي ومن ثم دخل الفــــرد.. وتحقيــق رفاه المجتمع.. ان تحقيـــق مثل هكـــــذا سياسات اقتصادية اجتماعية ستكون نتيجتها بالضرورة تحجيم الفساد شيئا فشيئا وصولاً الى دحــــره .

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *