صعد المحتجون من احتجاجاتهم بمهاجمة مقرات ومكاتب الاحزاب السياسية واغلقوها في موجة من الغضب على الاداء الحكومي والبرلماني ولعدم استجابة هذه الاحزاب لمطالبهم ومساندتها مثلما يريدون.
الواقع ان هذا الاحتجاج العنيف دفع اليه المحتجون دفعاً بعد ان يئسوا من اجراء السلطات الاصلاحات التي ينادون بها منذ عدة اشهر واغلقت الابواب ولمسوا محاولات التسويف والمماطلة، خصوصاً بعد ان ذهب البرلمانيون في عطلة الى جانب ان الحكومة لم تقدم بقية التعديل الوزاري واكثر من ذلك ذهبت في قرارات فردية ومخالفة للقانون باقالة مجموعة من كبار المسؤولين للدولة ممن عليهم شبهات فساد دون احالتهم الى هيأة النزاهة والقضاء.
ان هذا الحراك الجماهيري اتخذ هذا المنحى نتيجة لانقسام التحالف الوطني ورفض اكثرية احزابه وكتله لاجرائه، وهو حراك خطير عمق من مشكلات التحالف الحاكم وقد يؤدي الى صراع مسلح، لاسيما ان كل اطرافه تمتلك جماعات مسلحة.
وهذا ما هددت به بعض الاحزاب، بل انها وجهت حمايات مقراتها بذلك، واصدرت بيانات مجتمعة ومنفردة تندد بما جرى وتتوعد بالرد، الى جانب التحذير الحكومي الذي جاء على لسان رئيس الوزراء.
الاحتجاج بهذه الطريقة غير مقبول وليس صحيحاً ولم يتفهمه حتى من هم محسوبون كاصدقاء للتيار الصدري وكذلك من حلفائه بل انه مخيف ويثير القلق ويدفع نحو التحول من سلمية المظاهرات الى العنف الذي يرفضه الجميع، وليس هو بالطريق الديمقراطي للاصلاح، ويشكك في النوايا لما يخطط له مستقبلا.
فاذا كانت الاقلية الان تفرض ارادتها وسياساتها وافكارها ورؤها بالقوة فكيف سيكون الامر عندما تتحول الى اغلبية او يتسع تمثيلها في مؤسسات السلطة؟ .
ان هذا صراع على السلطة ومحاولات للتغيير بالاكراه لا يقبله المجتمع ، بل جزء من المحتجين لا يستهان به امتعض منه ونأى بنفسه عنه وممن ينتظر ان يتحولوا الى صفهم .
ان هذا الاسلوب في التعبير عن الاراء يبعد اوساط اجتماعية من الفئات المحتجة، كما انه يتناقض مع كل ما ادعته في الفترة السابقة.
ان ردود الافعال غير المتوقعة ليست في مصلحة المحتجين والمتعاطفين الذين ينشدون الاصلاح، لاسيما ان الجماهير البعيدة عن الفعل الملموس او التي لا تشارك به بصورة مباشرة، هي لم تتفهم خطوات سابقة واعتبرتها نكوصاً عن الاتفاقات وتخلياً عن التحالفات دون تنسيق مع الشركاء في هذه الفعاليات .
ومع ذلك بودنا ان نذكر ان هذا الاسلوب قد مارسه بعض المحتج عليهم الان، فهم انطلقوا من مقر احد الاحزاب لضرب الحراك الجماهيري السلمي في احدى المحافظات قبل اشهر وكانوا تحت انظار وسمع القوى الامنية ولم تحرك ساكنا ، وزد على ذلك ان التحقيق في المسألة جرى تمييعه.
ليس من سبيل امام هذه القوى مجتمعة سوى احترام القانون والارادة الشعبية والبرامج التي وعدت بها الناخبين واصلاح العملية السياسية والنظام المنبثق عنها قبل ان تتفاقم الامور ويتصاعد الغضب الجماهيري ويصل الى المدى الذي لا يمكن السيطرة عليه، وتنتقل المسألة من حرب المقرات واغلاقها الى الاقتتال الشيعي الشيعي.