هادي جلو مرعي
على غير العادة التي درجنا عليها منذ أشهر ومع تصاعد جرائم تنظيم داعش في دول عربية والهبة التي نتجت عن جرائمه ضد مدنيين في سوريا وليبيا ومناطق شمال أفريقيا وجريمته البشعة بذبح المصريين على شواطئ سرت الليبية، وقبلها فظاعة جرمه حين أحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا، فإن التعليقات تغيرت تماما مع بدء عمليات تحرير محافظة تكريت من سيطرة التنظيم المتشدد، وكان وزير خارجية المملكة السعودية أول المبادرين بوصف المعركة بالطائفية حين أشار الى دور إيراني لم يصطبغ بصبغة سياسية بل بمذهبية في معركة تكريت وقال بالحرف، إن إيران تحتل العراق، ومعركة تحرير تكريت دليل على ذلك، بالطبع فإن وزير الخارجية سعود الفيصل يمثل سياسة بلاده التي ماتزال تعلن إنها ضد تنظيم داعش وأنها تقاتله بقوة لوقف تمدده، وكانت جزء من تحالف دولي واسع يستهدفه في العراق والشام على مدى أسابيع، كانت الكلمة طوق نجاة للتنظيم، فالسعودية تظهر بتصريحات وزيرها الوجه المشرق لداعش بإعتباره يدافع عن العرب السنة ضد الهجوم الصفوي الشيعي، الذي ذكره رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وطالب العرب بالوقوف مع إسرائيل في خندق واحدة ضد إيران والشيعة، وضرب مثلا بسيطرتهم على العراق ووجودهم في سوريا ولبنان واليمن، وهو متنفس كانت داعش تنتظره لتقول إنها تقاتل دفاعا عن قضية السنة.في الأثناء إشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بحمى التعليقات المثيرة من قبل مغردين عرب من مختلف البلدان تعلن حال الحزن على مايجري في تكريت بوصفه هجوما بربريا تقوده إيران للقضاء على السنة الذين هم في الأصل تحت رحمة داعش، وهذا يشي بوجود حال الخلط بين السياسي والمذهبي في الأمر، فالسعودية في مواجهة سياسية مع داعش بإعتبار إن المذهب الديني الذي يعمل في أراضيها هو المذهب السني وداعش ليست شيعية ولكن في المقابل فإن السعودية على خصام ومنافسة مع الجارة إيران الشيعية الساعية لمد نفوذها والسيطرة أكثر خاصة وإنها أكثر مهارة من العرب في إدارة الملفات الساخنة في المنطقة، بينما لايمتلك العرب سوى علاقة غرام مع ثعبان إسمه امريكا يخافون من لدغاته بين حين وآخر وهم في المواجهة لوحدهم ولذلك فالسعودية تريد إن تقول، إن الصراع مع داعش مستمر لكننا نخشى من تمدد إيران والشيعة بحجة داعش، وإن الشيعة يسيطرون طالما هم في حرب مع تنظيم ديني متشدد ليس مرحبا به في المنظومة العربية والمذهب السني، لكن خشية الرياض من أن تؤدي هزيمة داعش الى إنهيار المناطق السنية في العراق وتدميرها وبالتالي السيطرة الكاملة للإيرانيين على العراق وبقية المنطقة، وبرغم إن تصريحات الفيصل تصب في خانة التهييج لكنها تعبر عن حال إحتقان في المنطقة بكاملها.