حضارة وادي الرافدين في “نابو” اللبناني

حضارة وادي الرافدين في “نابو” اللبناني
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- تجمعتْ حضارات بلاد الشام وما بين النهرين على شاطئ قرية الهري في البترون الواقعة بشمال لبنان وذلك في متحف خاص يحاكي منطقة البحر المتوسط يضم مقتنيات أثرية يعود تاريخها الى ستة آلاف سنة. يحمل المتحف اسم “نابو” نسبة لإله الكتابة والحكمة في بلاد ما بين النهرين. ويحتوي العرض المتحفي الأول “قرون من الإبداع” على معروضات أثرية تعود الى العصرين البرونزي والحديدي وإلى الحقب الرومانية واليونانية والبيزنطية والإسلامية إضافة إلى مخطوطات نادرة ومقتنيات إثنوغرافية. وبين حنايا المتحف ترتفع لوحات وتماثيل وتتوزع تشكيلة غنية من الأواني الأثرية جُمعت من العراق وسوريا واليمن وغيرها من الدول في امتداد للجذور العربية. وبعض هذه الأثريات والنقوش والمخطوطات يعود تاريخها إلى عام 2330 قبل الميلاد. وقال جواد عدرا مؤسس المتحف إن المتحف يضم نحو 300 قطعة أثرية تعود إلى القرنين السابع والخامس قبل الميلاد ويستضيف نقوشا عمرها ثلاثة آلاف عام وأخرى تعود إلى ستة آلاف عام. وأضاف عدرا أن المتحف يقع على مساحة 1600 متر وسيستمر العرض الحالي لهذه المقتنيات ثلاثة أشهر قبل إضافة معروضات جديدة. وعن الدافع الذي جعله يؤسس متحفا في هذا الزمن قال عدرا “كثيرون قالوا إني أقوم بعمل هو ضرب من الجنون…على العكس هو ضرب من العقل والحكمة. وأنا اخترت ‘نابو’ إله الحكمة، ومن الحكمة أن نؤسس هذا المتحف ونقول إننا نعيش عصر الجنون لاسيما في لبنان. “وأردت كذلك أن أثبت أن نظرية صراع الحضارات غير موجودة. فحضارات الغرب نشأت من منطقتنا ومن خلال هذا المتحف سنطلع على قرون من الإبداع المرتبط بثقافتنا وحضارتنا الشرق متوسطية”. وإلى جانب التماثيل الفخارية التي تضرب بجذورها في التاريخ، حرص عدرا على عرض لوحات ومجموعة من الصور الفوتوغرافية والبطاقات البريدية التي تعود إلى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وبينها لوحة للأديب والرسام اللبناني الراحل جبران خليل جبران مرسومة عام 1916. وجاء في منشور للمتحف عرض على موقعه الالكتروني الخاص أن تزاوج الأزمان الفنية من العصور القديمة إلى القرن العشرين “يعزز الحوار البناء ويبث في النفوس روح الانتماء المجتمعي والسياسي ويشجع الفنانين المحليين على إنتاج المزيد من الأعمال الفنية الراسخة في تاريخ المنطقة وذلك لاستعراض الحقبات المشتركة والمساهمة الفعالة في تجسيدها عبر الفن الحديث”. وتشتمل المجموعة الحديثة على نماذج من الأعمال الفنية المعاصرة لفنانين لبنانيين وعرب مثل أمين الباشا وهيلين الخال وشاكر حسن السعيد ومحمود العبيدي وضياء العزاوي وعمر أنسي وشفيق عبود وبول غيراغوسيان ومصطفى فروخ إضافة إلى مجموعة من أعمال صليبا الدويهي الفنية النادرة. ومن أبرز ما يتضمنه المتحف مجموعة فريدة من نوعها من الرقميات المسمارية (قطع خزفية صغيرة) يرجع تاريخها إلى الفترة ما بين 2330 و540 قبل الميلاد. وتروي هذه الرقميات حكايات ملحمية وتوفر دلائل على النظم الاقتصادية الأخرى ومعلومات عن الجماعات العرقية وخرائط المدن القديمة. وقد قام الفنان العراقي ضياء العزاوي بالتعاون مع الفنان العراقي الكندي محمود العبيدي بتصميم واجهات المتحف من الفولاذ المقاوم للتآكل والمزين بنقوش ورسوم بارزة تستند إلى معجم بصري أعدّه الفنان العراقي على امتداد سيرته المهنية الطويلة في الرسم والنحت والطباعة. وقال العبيدي للصحفيين خلال افتتاح المتحف مؤخرا في منطقة الهري إنه قام بتصميم المتحف على شكل مكعب بسيط يتضمن مساحة داخلية مفتوحة يمكن التحكم بها بما يتلاءم مع برامج المعارض والأنشطة الفنية. ويضم المتحف مكتبة تحوي مجموعة كبيرة من الكتب حول الفن وعلم الآثار والتاريخ والجغرافيا ومجموعة من المخطوطات النادرة. يمسك عدرا بتمثال من الفخار بارتفاع متر ونصف المتر يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد أو العصر الحديدي قائلا بحماس “مثل هذه التماثيل وجدت في مدينة صور الأثرية وبينها تمثال آخر يكبره عمرا. فهذه ‘يشير الى تمثال على شكل امرأة’ تلعب على آلة المجوز الموسيقية ‘المزمار’… انظروا منذ متى الموسيقى! كانوا يعزفون قبل آلاف الأعوام”.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *