حوار الثقافة

حوار الثقافة
آخر تحديث:

أمجد ياسين
هل من حوار ثقافي عراقي موحد يجتمع حوله المثقفون العراقيون؟ قد يبدو التساؤل غريبا ولكننا في الحقيقة بحاجة الى تمزيق ثوب الثقافة الجديد الذي فصل حسب الطلب والتوجه. ان المثقفين شريحة اجتماعية متناسقة تقوم على الاختلاف وليس الخلاف وبالتالي فان حوارهم يجب ان يأخذ هذا البعد، لان تطلعاتهم وهمومهم الثقافية تحاكي تطلعات بلد, فضلا عن ان مشتركاتهم تهم الجميع وتدخل في صلب تشكيل وتكوين المجتمعات، ولنا في تجارب العالم بعد الحرب العالمية الثانية ونماذجها للنهوض على جميع المستويات , الشيء الكثير الذي اذا ما طبقناه سنحل العديد من المشكلات.
تتعدد القضايا المطروحة على الساحة العراقية بتعدد جذورها، فهي ليست سياسية فقط، الا ان تسيد السياسة للمشهد العام طيلة العقد الماضي قد اوجد حالا من المناطقية والمحسوبية الثقافية، لفئة عانت من التهميش المقصود  في زمن النظام السابق، وتتلون اليوم بالطائفة والايديولوجية وهما خطران جداً على الثقافة. نعم اننا نتلمس هذا الحال خصوصا عندما يكون المسؤول عن هذا الجهة الثقافية او تلك محسوبا على حزب او طائفة ما، فمدن العراق الكثيرة التي احتضنت او نشأ فيها المثقف والأديب العراقي كانت تأتي بسياق فخر المدن التي تنجب مفكريها.. اليوم اصبحت العملية اكثر تشعبا وتفوح منها رائحة الجبهوية والطائفية .. وقد انسحب هذا الامر على الاهتمام بهذه الرواية او تلك القصة او بالمثقف الفلاني ومنجزه الادبي بصورة عامة. فما زلنا نقول مسرح وأدباء المحافظات على سبيل المثال وكأن بغداد ليست محافظة.
يعزز هذا كله افتتاح العديد من الملتقيات والمنتديات الثقافية ذات الصبغة الايديولوجية المنغلقة على نفسها ،وهذا بالتأكيد يخدم اتجاها معينا من الكتاب دون غيرهم وهو مؤشر خطير آخر على تشوه الثقافة وغياب حوارها التنويري.. من هنا تأتي اهمية ملاحظتنا هذه، ولعل المسؤولية التي تقع على كاهل اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في بغداد ثقيلة جدا، فاهمية دوره في فرش نشاطاته على مختلف المسميات والتوجهات الثقافية والأدبية امر حيوي لبقاء الثقافة في منأى عن ما وقعت فيه ميادين اخرى، فضلا عن كسر المناطقية والفئوية. اننا بحاجة الى حوار ثقافي يستوعب الجميع وعلى مختلف مسمياتهم، لانه الوحيد القادر على  تأسيس عراق ومثقف وأديب وفنان حقيقي دون ان ندخل في حيثيات نشأته او اصله وفصله، ولأن ميادين الثقافة  اوسع من السياسة والأمم الحديثة تعرف بمثقفيها لا بسياسيها.. وبالتالي فان المثقف الذي يرى في تهميش الآخرين او الاتجار بأسم الطائفة والمحسوبية او الانحياز الى محافظة او جهة دون غيرها سبيلا او منهجا ماذا  يمكن ان ينتج للداخل العراقي؟ لا نعني بالتأكيد توجيه النقد والتأشير على المشكلات فهذا هو المثقف باختصار، ولكن ان تسهم تصريحاته وتوجهاته بتوسيع الهوة بين ابناء الوطن فهذا امر جلل بالتأكيد. 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *