خارطة القوائم والتحالفات الانتخابية في العراق قبيل انتخابات تشرين الاول2021
آخر تحديث:
بقلم:اسعد كاظم شبيب
بدأت الكتل والمجموعات السياسية العراقية بجميع اتجاهاتها مع تحديد موعد نهائي لما سمي بالانتخابات المبكرة والتي ستجري في تشرين الاول من هذا العام اي بعد خمسة اشهر من تاريخ الان، بدات الكتل السياسية في ترتيب اوراقها السياسية وتنظيم شكل تحالفاتها واختيار من يمثلونها في مجلس النواب القادم، ياتي ذلك مع رغبتها في الخروج بما يحفظ لها امتيازاتها السياسية في ظل قانون انتخابي جديد، فهو بقدر ما سيكون من صالح القوى والتيارات الجماهيرية، فانه قد يقلل من حضور قوى اخرى لاسيما تلك التي يكون جمهورها متناثرا في المحافظة الواحدة، وعندما كانت تجري الانتخابات البرلمانية العامة في الدورات السابقة، كان يعدها القانون دائرة انتخابية واحدة، اما القانون الذي ستجري بموجبه الانتخابات البرلمانية، فانه يعتمد على الدوائر المتوسطة اي تكون المحافظة من ثلاث دوائر فصاعدا وحسب حصة كوتا النساء لكل محافظة، كما ان القوانين الانتخابية السابقة كانت تشجع الاحزاب والكتل السياسية في الانضواء تحت قائمة واحدة لكل محافظة لاسباب كثيرة منها ان اغلب القوائم الانتخابية لاسيما الكبيرة منها تعتمد على بعد الشخوص في القائمة خاصة رئيس القائمة او من يدعمون القائمة من قادة احزاب او حركات وتنظيمات سياسية وكان العديد من الاصوات وتصل الى مئات الالاف التي يحصل عليها رئيس القائمة تذهب لصالح اعضاء من نفس القائمة لم يحصلوا حتى على بضعة الالاف، اما القانون الذي ستجري بموجبه الانتخابات النيابية القادمة فانه يميل لصالح الترشيح الفردي، وان الفائز في الدائرة الانتخابية هو الذي يحصل على اعلى الاصوات ومن ثم الفائز الثاني الذي يليه مباشر وهكذا بغض النظر عن القائمة او التكتل السياسي، وان رئيس القائمة اذا ما كان نافذا في القوانين السابقة فان الاصوات تذهب لرئيس القائمة فقط وتهدر الاصوات الفائضة، من هنا تتحفظ هذه القوى على هذا القانون وتحاول جاهدة ان تتكيف معه عبر بعض الخطوات التي اتخذتها.
من جهة اخرى يظهر من حجم الحراك الدائر هذه الايام بين الكتل والاحزاب السياسية نفسها ان هذه الكتل ستكون كما كانت تعبر عن حالة الجغرافية السياسية المكوناتية من خلال التمثل السياسي المناطقي والطائفي والعرقي، حيث ستدخل الاحزاب والكتل السياسية الشيعية في مناطق التكوين المذهبي وهذا ما سيكون ايضا في دخول الاحزاب والكتل السياسية السنية في مناطق تكوين التمثيل المذهبي، وهذا ما يلاحظ ايضا في التمثيل القومي للكرد في اقليم كردستان ومناطق اخرى من ديالي وكركوك والموصل.
مما تقدم ستبدو التحالفات والخارطة الانتخابية الشيعية على اصناف تحالفية اضافة الى قوى واشخاص عشائرية ومستقلة، الصنف الاول تحالف سائرون والذي اختار هذه المرة ان يدخل بصفته الكتلة الصدرية وهو ما يمثل في نهج العودة الى انتخابات عام2014في حين ظهر في انتخابات الاخيرة لعام2018تحت تحالف مختلف من خلال ضم قوى مدنية وقومية كالحزب الشيوعي وجبهة سعد عاصم الجبابي ولكن لم يكتب لهذا التحالف الاستمرار من خلال انسحاب اغلب القوى هذه، وبقى التيار الصدري فقط من خلال كتلة سائرون بواقع 54نائبا في البرلمان، ويامل التيار الصدري في الانتخابات المرتقبة في الحصول على نسبة مريحة من مقاعد مجلس النواب تمكنة من الحصول على رئاسة مجلس الوزراء، وهو امر بالتاكيد ليس بالامر السهل في ضوء تنافس القوى الشيعية على مقاعد مجلس النواب في مناطق تمثيل المكون الشيعي، ورغبة اغلب القوى في رئاسة الوزراء، في حين سيدخل المالكي في قائمة منفردة تحت اسم دولة القانون ومثلما تراجع تكتل المالكي، تبدو المعطيات في موشرات تراجع اخرى مع الانتخابات القادمة لاسيما وان القاعدة التي كان يعتمد عليها تكتل المالكي انشطرت الى قوى واحزاب اخرى منها قوى عسكرية وتكتل حيدر العبادي الذي يحرص في الدخول بقائمة مع تكتل عمار الحكيم بقائمة موحدةتحت اسم الدولة الوطنية في اشارة الى تمايزة بهذه الصفة في قبال ما يعده قوى للادولة وهو معيار يحتاج الى الكثير من المصداقية والابتعاد عن للغة الشعارات والتخوين والتسقيط، في حين قرر شريك العبادي وهو عدنان الزرفي رئيس حركة الوفاء الدخول في الانتخابات المرتقبة بقائمة منفصلة ستخوض الانتخابات في عدد من المحافظات منها العاصمة بغداد والبصرة اضافة الى ما يعده الزرفي ثقله السياسي والشعبي وهي المحافظة النجف كونه عمل لسنوات محافظا لها ومن ثم نائبا عنها في الانتخابات الاخيرة. فيما ستدخل قوى تحالف الفتح بقائمة موحدة ابرزها تكتلات شبه عسكرية كالعصائببزعامة قيس الخزعلي، وحزب الله وحركة سيد الشهداء، وتنظيم بدر بزعامة هادي العامري.
والملفت قرار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عدم خوضه الانتخابات على الرغم من انه كان راغبا في الدخول بقائمة تضم مجموعة قوى سياسية ابرزها تكتل العبادي والزرفي من خلال تشكيلين سياسية هما ما سمي بـ(تيار المرحلة) و(تيار الازدهار). لكنه يبدو من خلال قرار الانسحاب فضل ان يناور لمرحلة ما بعد الانتخابات فيما قد يطرح كمرشح تسوية لرئاسة الوزراء لولاية ثانية، وهي مسالة غير محروزة في ضوء رغبة اغلب القوى في الحصول على هذا الموقع، وقد يعول في المقبولية الخارجية او طرح نفسه كمرشح مقبول من قوى مختلفة كقوى النصر وسائرون من جانب، الاحتجاج التشريني من جانب ثاني التي هي الاخرى ستدخل الانتخابات المقبلة في قوائم منفصلة حسب كل محافظة وتحاول ان تنظم صفوفها ولكن يبدو الى الان انها غير قادرة على مواجهة القوى السياسية التقليدية او محاكاة الاغلبية الصامتة التي يعول عليها في كل انتخابات لاسباب كثيرة ومختلفة منها التشتت وغياب البرامج وهو ما اي غياب البرامج ما ينطبق كل اغلب القوى السياسية من كل المكونات والاتجاهات. أما عن أبرز الكيانات السياسية التشرينية التي أعضاؤها ومؤسسوها من ساحات الاحتجاجات، فهي”البيت الوطني”الذي جرى الإعلان عنه في مدينة الناصرية إحدى أهم معاقل الاحتجاج التشريني ويتزعمه عدد من شباب التظاهرات، وكذلك”الاتحاد العراقي للعمل والحقوق”ومقره في بغداد، وكذلك”حركة امتداد”التي يتزعمها علاء الركابي من الناصرية، اضافة الى قوى اخرى كتكل الاتحاد العراقي وما شابه في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب. ومن المهم الاشارة ايضا الى ان هناك اشخاص من شرائح مختلفة اغلبها عشائرية واكاديمية ومن مجالس محافظات المنحلةورياضين وبعض الوزراء والنواب السابقين او حاليين، ستخوض الانتخابات القادمة في اغلب المحافظات العراقية بصورة مستقلة وتفضل الترشيح في الضواحي والمدن ذات الامتدادات العشائرية وهذا الصنف الاخير يشمل ايضا القوى المكوناتية الاخرى كالسنة والكرد والتركمان حسب الخارطة الجغرافية السكانية.
من جانب اخر تظهر التحالفات والقوائم السنية التي ستخوض الانتخابات البرلمانية القائمة على الشكل الاتي تحالف بقيادة خميس الخنجر او ما سمي بتحالف “العزم” ويضم شخصيات سنية كانت اطراف مساهمة في السلطتين التشريعية والتنفيذية مثل سليم الجبوري، وخالد العبيدي، وجمال الكربولي(اعتقل قبل ايام بتهم فساد كبيرة)، فيما يعتزم رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، خوض الانتخابات من خلال تحالف “تقدم”، الذي أسسه خلال الفترة الماضية. ويبرز التحالف الثالث تحت مسمى “المشروع الوطني للإنقاذ”، وهو برئاسة أسامة النجيفي، ومشاركة شخصيات سياسية أخرى من محافظة نينوى؛ فيما تشير بعض التقارير الى عزمه مشاركة خالد سلطان، نجل سلطان هاشم وزير الدفاع في عهد رئيس النظام البائد صدام حسين.وبالنسبة الى ائتلاف الوطنية الذي هو يحاول طرح نفسه كبديل وطني يعبر عن كل الطوائف وهو خليطا من إسلاميين وعلمانيين وقوى سياسية سُنية، وبعض المستقلين من الشيعة، سيدخل الانتخابات ايضا بهذا التكل ويبدو حضوضه تشبه حظوظ المالكي في التراجع لاسيما وان ئتلاف علاوي كان يعول على المناطق السنية وهي الآن بكل تاكيد غيرت من ولائها لقوى صاعدة ابرزها تكتل لرئيس البرلمان الحلبوسي،وخميس الخنجر فضلا عن ان المنافسة بينه وبين القوى السنية الطائفية التقليدي التي تذهب الى ان ئتلاف علاوي يحصد اصواته من السنة وهو لا يعبر عنهم كونه شخصية من اصول شيعية، ويطرحون انفسهم بانهم الممثل الوحيد لاهل السنة وهذا ما يظهر في تقسيم المناصب على مستوى الحكومة والبرلمان.
اخيرا ستدخل القوى الكردية عبر عدد من قوائم بصورة منفردة ابزرها قائمة لحزب حزب الاتحاد الكردستاني وقد يكون احد ابرز مرشحيها رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح، وقائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني، وقائمة الحزب الاسلامي، وستدخل قائمة التغيير بزعامة سيشوار عبد الواحد بقائمة منفصلة وقد تكون مفاجئة الانتخابات على مستوى اقليم كردستان لاسيما وانه شكل معارضة سياسية طوال السنوات الماضية اذا ما استطاعت القائمة جذب الجماهير المحتجة والمذمرة من السياسات المتبعة من قبل قادة الحزبين الكردييين التقليديين على مستوى الاقليم والحكومة الاتحادية.
ومما تقدم نستطيع القول ان هناك قوى تقليدية كما اشرنا الى ذلك تحاول ان تحافظ على وجودها التمثيلي على مستوى السلطة التشريعية ومن ثم في السلطة التنفيذية هذا من جانب، وان هناك فواعل اجتماعية جديدة ستدخل في الانتخابات القادمةبعضها يرجع الى قوى افرزت من الحراك الاحتجاجي واخرى من شخصيات اكاديمية وعشائرية مستقلة من جانب ثاني، ويبدو الى الان انها اي الفواعل الاجتماعية الجديدة خاصة على مستوى قوى حراك تشرين الاحتجاجي لا تشكل مفاجئة الانتخابات لاسباب مختلفة اغلبها تعود الى غياب المشروع والبرامج والتشتت وسيطرة المصالح والانغماس في حسابات شخصية، ومما يجدر الاشارة اليه في خاتمة هذه الورقة ان القانون الانتخابي الذي ستجري بموجبة انتخابات تشرين الاول من هذا العام، والذي يعتمد على الدوائر المتوسطة بدل الدائرة الواحدة لكل محافظة عراقية سيكون له دوراً كبيرا في صعود قوى سياسية،وتراجع اخرى ولذلك كون هذا القانون يشجع منصعود القوى التي لها جمهور سياسي اضافة الى انه سياهم في صعود قوى واشخاص عشائرية سواء كانت مستقلة او ضمن احزاب وتحالفات سياسية. كما ان التمثيل النيابي الذي ستفرزة الانتخابات من الصعب القول ان يكون اغلبي لاي حزب او تحالف انتخابي وهذا راجع التي تركيبة المجتمع وتمركز الاحزاب والمجموعات السياسية هنا وهناك في حين لم تتقدم قيم المواطنة السياسية في الحسابات الاجتماعية والسياسية وبقت رهينة الشعارات ليس الا، رغم مرور ثمانية عشر عاما من التغيير الذي احدى ابرز عيوبه المحاصصة المكوناتية والحزبية. والمسالة الاخيرة في تحقيق شفافية ونجاح الانتخابات تحتاج الى توافر مجموعة عوامل اهمهاابعاد المال السياسي والانتخابي، ومراقبة الكتل والاشخاص خاصة وان مجلس النواب اعطى لاعضائه صلاحية الاستمرار في توافر الحصانة والصلاحيات لغاية ما قبل يوم الانتخابات بيوم واحد فقط، وهذا يعني قدرة النواب والجهات التي ينتمون لها في ممارسة من يريدون من ضغوطات وما شابه،وهذا ما ينطبق على السلطة التنفيذية في حدود معينة، لابد من ايضا من منع كافة وسائل العنف والتهديد، ومن ثم لابد من اشراف مهني داخلي وخارجي من الساعة الاولى لاجراء الانتخابات وحتى مرحلة اعلان النتائج والمصادقة عليها، لضمان عدم حدوث عمليات تزوير التي غالبا ما تكون حاضرة في اي حديث سياسي مع وبعد كل انتخابات نيابية.